إبراهيم أبو حويله يكتب:فكرة ، مشروع ، نجاح
- تاريخ النشر :
Friday - pm 02:36 | 2024-05-17
الأنباط -
فكرة ، مشروع ، نجاح
وقفت مع الإبتكار والريادة وهل هي سهلة تلك الأفكار التي تحقق النجاح والثروة ، ولماذا لا ينجح إلا القليل من البشر ، وما هي أهم صفات النجاح ، وهل هناك وصفة جاهزة لهذا الأمر ، ثم أدركت أن الأمر ليس بهذه السهولة من نواحي عديدة .
أولا لا بد من وجود فكرة ناجحة وهذه حتى تجدها لا بد أن تجرب عدد كبير من التجارب حتى تصل إليها ، فليس كل فكرة تعتقد بأنها ناجحة هي ناجحة ، ثم هناك الشخص الذي يسعى لتحقيق هذه الفكرة وهل هو مؤمن حقا بها وعنيد في الدفاع عنها ومستعد للتخلي عن الكثير في سبيل نجاحها ، وهنا نتكلم عن مال وجهد وتفكير وسهر حتى فقط تتحقق بأن هذه الفكرة قابلة للنجاح أم لا .
التمويل ، والتمويل قصة فهو يحتاج إلى قناعة وتضحية من قبل الجهة المانحة ، وعادة معظم هذه الأفكار والمشاريع لا تنجح ، ولكن من ينجح من هذه المشاريع يحقق ثروة كبيرة جدا تعوض الخسائر المتحققة في البحث عن فكرة ناجحة ، وهنا تستطيع القول بأن الحياة التكنولوجية هي الأسرع في الربح والمردود المادي وهي الأسرع في الخسارة ايضا ، وببساطة ترى أن من يملك فكرة ناجحة يمكن القول أنه ملك فيس بوك أو توك توك أو غيره. ولكن المشاريع الأخرى قد تكون أقل خسارة وأقل ربح ولكن تضمن الاستمرارية، وهنا من يبحث عن الربح السريع أو عن الربح الأكثر امانا هناك فرق .
البيئة الحاضنة هي من الخطورة بدرجة كبيرة ، الكثير من الأفكار الناجحة لو كانت في غير البيئة المناسبة فهل كانت ستحقق النجاح وهل سترى النور ، إذكر في بداية المشروع أن الكثيرين كانوا محبطين بضم الميم و كسر الباء أكثر بكثير مما هم عقلانيون أو محايدون ، ولم يكن هناك تشجيع أذكره ، واليوم ما زلت أسمع كلمات من قبيل لو ذهبت بهذا الإتجاه أو ذلك ، ولذلك البيئة مهمة جدا ، هذا طبعا مختلف عن أن تكون البيئة معادية أو سلبية .
نحن نملك مؤسسة لتمويل المشاريع الإقتصادية ونملك الكثير من الأفكار الريادية على المستوى القطاع العام ، وهناك الكثير من المنح التي تصل للمملكة من أجل خلق هذه الفرص وإتاحة المجال لها للنهوض والتطور ، ومع أني أجد هذا أمرا مستغربا من الغرب ، حيث أنه يمنح قروض لخلق فرص وخلق منافسة وإتاحة المجال لأفكار جديدة للظهور ، وهذا في الظاهر خلق بيئة منافسة ، ولكن الهدف أبعد من ذلك وهو خلق فرص وإنشاء أعمال وأفكار وسوق ، وإنتعاش هذا السوق حتما سيؤدي إلى انتعاش أسواق أخرى. وهذا فكر نفتقده للأسف.
ولكن السؤال هو هل فعلا يتم إستغلال هذه القروض والمنح بالطريقة المناسبة لتعود بالنفع على الجميع ؟
وهل نملك من أصحاب المال من لديه الإستعداد للتضحية ولو بجزء من ماله من أجل دعم فكرة مشروع يرى أنها تستحق الدعم ، وأن يكون شريك في الأرباح في المستقبل ؟
وهل نخلق الجيل يؤمن بأن من يساهم معك في إنجاح مشروعك يستحق منك الإلتزام بمنحه ما يستحق من أرباح ، حتى لا تكون سببا في عزوف أصحاب المال عن دعم الشباب وأصحاب المشاريع وتبني مشاريعهم ؟
وهل نملك مجتمع يسعى لتبني جميع ما سبق ؟
ما أدين به هو أنه هناك دائما فرص للإستثمار ولكن هل هناك إرادة من الجميع وخاصة ممن يملك القرار....
تم إستيراد رمال بناء في قطر بحوالي ستة مليارات من الدولارات لأن رمال الصحراء لا تصلح للبناء...
وإثنان من الألمان صنعوا طوب من رمال الصحراء والبلاستيك، طوب بولماري ولا يحتاج إلى ماء ويدوم ويتحمل بشكل أفضل ، ويصنع بدقائق وبإستثمار بسيط مقارنة مع ما تم إنفاقه من مليارات على إستيراد مواد البناء ...
الفرص الناجحة هي تلك التي تستخدم الموارد المتاحة في بيئتك وتخرج بحلول للمشاكل القائمة عندك....
معهد مساشوسيتس للتكنولوجيا يبحث منذ سنوات في إيجاد حلول للسكن وهذه الحلول مستدامة وتستخدم مساحة صغيرة، بعدد من الأمتار لخلق مساحة مناسبة لكل نشاط مطلوب، و بأثاث عصري وتكون غرفة نوم مناسبة وتتحول إلى معيشة ومكان للعلب أو العمل، وتؤدي إلى إستخدام كافة المساحات في الشقة بشكل فعال ويوفر المال...
نحن مقبلين على مشكلة كبيرة ، هي عزوف الشباب عن الزواج بسبب التكاليف والسكن...
ومع ذلك ما زلنا مصرين على إستيراد الحلول غير المناسبة، والإستمرار بنفس الطرائق التقليدية والقديمة لحل هذه المشاكل المستحدثة...
المناطق السكنية في المدن المكتظة تعاني من ضيق المساحات وضيق أماكن الإجتماع واللعب وعدم توفر أماكن الترفيه والتدريب والمسؤولية الإجتماعية...
ولدينا آلاف الأمتار مغلقة من مدارس إلى جامعات إلى اراضي حكومية وغيرها..
هناك توجه عالمي لخلق أفكار لحلول المدن العصرية، ولكن ضمن الإمكانيات المتاحة في المدينة، وخلق أماكن متعددة الإستخدام ومتعددة الإدارة وبفاعلية كبيرة...
وخلق الفاعلية والتعددية في إدارة الأصول المتاحة لخلق فرص واستثمارات وحلول لهذه المشاكل التي تملأ علينا حياتنا ومع ذلك ما زلنا ننتظر..
إبراهيم أبو حويله...