الأنباط -
يشير نعوم في فرضيته التي يحاول ان يقول فيها للأمريكا بأن ما تقومين به هو من جنس ما تنهين عنه ، وما تقبلينه لنفسك هو نفسه الذي لا تقبلينه لغيرك ، وأنه لو هبط علينا حكم من المريخ لوقع في دهشة عجيبة ، كيف يحدث الأمر ونقيضه ، ويمكن القبول بشيء هنا ورفضه هناك فغزو الكويت هنا مرفوض وغزو لبنان فيه نظر، وغزو أفغانستان هو إحتلال ، والفرق بأن الأول وهو الغزو يرفضه مجلس الأمن والاخر وهو الإحتلال يقبله مجلسهم بشروط ، وأنه لو قبلت أمريكا غزو الصين لتايوان لأصبح الأمر مقبولا ولو رفضته لأصبح إرهابا ، وهكذا لن يستطيع صاحبنا المريخي تقدير الامور والوصول إلى النتائج ، وهذا حسب نعوم ولا علاقة لي بهذه النتائج .
وسيقع صاحبنا المريخي في مأزق أخر ، فما تقوم به أمريكا من دعم لمظاهر أخلاقية وتفرضه على الأخرين لا تقبله على أرضها .
وما زالت كتب بوش الجد 1796 -1859 وادى الرؤى في أحياء رؤية بني إسرائيل معتمدا في مكتبة الكونجرس ويطلع عليه الرؤساء وهو يدعو إلى تجميع اليهود في فلسطين وتدمير إمبراطورية السارازان أو الهلاليون ( إسم كان يطلق على المسليمن في الحروب الصليبية ) .
وبذل عبدالله محمد ناصر جهدا كبيرا في الحصول على نسخة منه وتمت ترجمته إلى العربية ويقول الجد جورج بوش ان المسلمين جراد وعقارب وثعابين ويدعو من بعده إلى الجلوس بين النهرين .
وهذه دعوة إلى غزو عفوا حتى لا يغضب مجلس الأمن إحتلال العراق وقد نفذها الحفيد ، وقد كتب حامد السيد علي ردا على كتابه وما جاء فيه ، خاصة أن الكتاب إعتمد على نبوءة دانيال ورؤيا يوحنا ، وهذا ما تعتبره الولايات المتحدة تطرفا دينيا لو جاء من غير بوش الجد ، ولكن وكما أن إفساد اخلاق الامم عندهم مقبول ، ولكن نقل هذا الفساد لاجيالهم مرفوض ، ولذلك كانوا يمنعون الكثير من الافلام والمسلسلات التي تتضمن اشارات لا أخلاقية من أن تعرض في بلدهم ، مع انهم هم من دعم إنتاجها وتسويقها .
ومن الممكن العودة إلى صديقنا المريخي لإستطلاع رأيه في تصرفات الولايات المتحدة .
ما يجب أن نفهمه هو ان الغرب والولايات المتحدة تحديدا لديها إستراتيجية تسير عليها في التعامل مع كل الظروف المحيطة به ، ولكن هذه الإستراتيجية ليست كتابا مقدسا طبعا فهم يتجاوزنها أحيانا ويعدلون ويطورون ، ولكنها جملة من الأمور التي أتفقوا عليها ووضعوها لهم منهجا ، وقد يأتي رئيس بقدرة أكبر من رئيس أو شخصية مختلفة أو جرأة مختلفة ، ولكن يبقى هناك محددات رئيسية يجب الإلتزام بها ، وإلا أنقلبت دولة المؤسسات عليه .
ما يجب أن ندركه نحن العرب أن الولايات المتحدة ليس لديها مقدسات فيما يتعلق بالغير ، ويبدو أنهم هنا يلتزمون قاعدة اليهود مع الأغيار ، فهم من تلك اللحظة التي أنتهت فيها الحرب العالمية سعوا إلى وضع بريطانيا العظمى تحت جناحهم وإلزموها بإتفاقية تحدد تطلعاتها وتلزمها بالتبعية للولايات المتحدة وهي تسير وفق رغباتهم ، وهذا ما سعت إليه مع كل الدول التي تتعامل معها ، ويبدو هذا جليا من خلال التصرفات التي تعكس طبيعة الهيمنة في التصرف سواء من حيث الإنتشار والقواعد العسكرية وحتى في الشؤون الإقتصادية .
وهيمنة الدولار على التعاملات الدولية ، عندما أزال نكسون الغطاء الذهبي عن الدولار كان الدولار يعتمد على التجارة العالمية وخاصة البترول في المحافظة على مكانته وقدرته التنافسية مع العملات الأخرى ، وهنا لا بد من ضمان عدم قيام الدول المتعاملة بالنفط خاصة ، بتجاوز الدولار في تعاملاتها وإلا سيصبح الدولار في خطر ولذلك اقول هيمنة ، وهذه الدول لا تستطيع تجاوز الهيمنة الأمريكية حتى لو تضاربت مع مصالحها وإلا تصبح الفاتورة كبيرة ، وبعض الباحثين يصر على أن ما حدث في العراق هو ضريبة دفعها العراق لأنه سعى إلى تجاوز الدولار في تعاملاته النفطية .
تاريخ الولايات المتحدة وتدخلاتها في الدول المختلفة وإحداث ثورات وإنقلابات وعدم إستقرار ، تاريخ يتطرق له نعوم تشاومسكي بشيء من التفصيل ، وكيف يتم تفصيل تهم تتعلق بالإرهاب ، وتهم تتعلق بإسلحة الدمار الشامل ، وملف التهم الجاهزة الذي تتعامل به الولايات المتحدة ، ولنأخذ تعريف الأرهاب حسب الجيش الأمريكي مثلا ( التهديد بالعنف أو إستخدامه من أجل أهداف أيدلوجية أو سياسية من خلال التخويف أو أدخال الخوف والإجبار ) .
وهذه من محاولات فهم هذا النظام .