الأنباط -
د. خليف احمد الخوالدة
تابعت مثل بقية المواطنين التجمعات والمسيرات والتظاهرات التي نُظمت في وطني الأردن وفي عاصمته عمّان. وآثرت في البداية عدم الحديث لاعتقادي أنها بشكل عام تظاهرات احتجاجية يُعبر عنها دعاتها بطرق سلمية وبصورة حضارية مسؤولة تتسم بكل معاني الوطنية والمسؤولية. وأن بعض الأصوات النشاز لا تستحق التوقف عندها والرد والتعليق.
ولكن للأسف، لمست في الأيام القليلة الماضية قد دخل عليها زمرة حاولت جاهدة أن تفلت عقال التظاهرات فأصبح عدم الانضباط والسلبية وافتعال المشاكل سيد المشهد بل أمر مخطط له ومقصود. وقد طفح الكيل كثيرا وزاد العيار وانحرفت البوصلة وبانت النوايا وتكشفت الأهداف. لهذا لا يصح التغاضي ولا السكوت.
قولوا لنا صراحة ماذا تريدون بالتحديد؟ أتريدون مثلا أن ندفع بالقوات المسلحة إلى قطاع الدخول في حرب مع العدو الصهيوني المُحتِل؟! إذا كان هذا فعلا ما تريدون. قولوا لنا من سيحمي الأردن الذي تعيشون فيه حينها من الشمال والشرق والغرب ومن المتربّصين؟ قطاع عزة أمامهم عدو أما نحن فأمامنا أعداء.
الأردني يدافع عن وطنه كما أهل غزة يدافعون وأنتم تعلمون المتربّصين والمتآمرين الذي لا يريدون الخير للأردن ابدا. ولا أبالغ إذا قلت أن خطورتهم لا تقل عن خطورة آل صهيون.
الذي يريد أن يجاهد منكم - كما تدّعون- فليذهب إلى تلك الدول التي بها تتغنون. لتروا حقيقتها عن قرب وما إذا كانوا لنصرة غزة صادقين وفاعلين. حينها ستدركون أنكم مخطؤون وستندمون.
وإذا ما آلت الحرب التي تودون جرنا إليها - لا قدر الله - إلى ما لا يحمد عقباه وإلى نتائج لا نرضاها ولا ترضونها فأين أنتم ونحن حينها ذاهبون؟
هل لكم توجيه دعوة إلى الدول الإسلامية الكبرى تحديدا التي تتغنون بها وبمواقفها وإقامة مثل هذه التظاهرات على أراضيها وتنفيذ ما تريدون؟
لا تنساقوا وراء دعوات لتخريب البلد الذي فيه تسكنون؟ وإلا أقول حينها لهؤلاء ولمن انساقوا خلفهم "فشرتم". حينها أنتم أعداء مثل العدو الذي تطالبون بمحاربته.
أيتفق كل ما يحدث في هذه التجمعات والمسيرات التي تقيمونها في الأردن مع القيم والمبادىء التي تنادون بها؟ أتنسجم هذه التصرفات والتظاهرات وافتعال المشاكل والإساءة لكوادر الأمن مع الإسلام الذي به تؤمنون؟
الوطن وقيادته وجيشه وأجهزته الأمنية وترابه الطهور خط احمر. باختصار، سنحرق قلب من تحدّثه نفسه النيل منه أو الإساءة إليه.
ولهذا، أقول لهم خذوا على رؤوسها وحافظوا على الوطن وأما المجنسين والمقيمين من تلك الزمرة فأقول لهم احترموا الوطن الذي أوآكم واحتضنكم وتقاسم أهله معكم الماء والزاد.
لا يحق لأي كان أن يزاود على مواقفنا السبّاقة مع قضايا الأمة العربية قاطبة والتاريخ شاهد على ما أقول.
الأردن لا ينتظر منكم ولا من غيركم التذكير فهو مبادر وسبّاق. لذا نصيحتي لكم "تعقلوا وافسحوا المجال للحكماء" فلا خير بمن لا يُحكّم العقل والمنطق والرشد في الأفعال.
وأخيرا، أقول لمن لا يعجبهم موقف الأردن أو الذين يحاولون تشويهه، اذهبوا إلى البلاد الذي تتغنون بها لعلكم تعيشون فيها حياة العبيد. وفي غير بلادنا على الأنفاس ستحاسبون.