الأنباط - د هايل ودعان الدعجة .
لا احد يشك ابدا ان حالة الفوضى والحروب والصراعات التي تشهدها المنطقة ، هي بسبب الفكر الاستعماري الذي ما زال يسيطر على الغرب الذي لا ينظر الى هذه المنطقة الا بنظرة المؤامرات والمخططات الاستعمارية ، ايمانا منه بانها الطريق الامثل لتحقيق اهدافه ومصالحه فيها ، لدرجة التفكير بزراعة الكيان الاسرائيلي فيها ايضا . حتى انه هب لنجدته على وقع صدمة طوفان الاقصى التي كشفت هشاشة هذا الكيان المسخ وضعفه ، تاركا اوكرانيا التي انفق عليها المليارات من المساعدات المالية والعسكرية فريسة سهلة لروسيا التي انفردت بها ، بعد ان جاء ما يشغل الغرب الاستعماري في المنطقة ، وهو يرمي بكل ثقله واوراقه محاولا انقاذ هذا الوليد المشوه ، مضطرا الى كشف حقيقة ما كان يروج له من شعارت واكاذيب بابعاد انسانية ، تبين انها مجرد ادوات شيطانية يتسلح بها ليتمكن من تنفيذ اجنداته ومخططاته الاستعمارية .. والانسانية منها براء ، حيث سقطت منظومته الاخلاقية والقيمية والحضارية الزائفة والمضللة على يد المقاومة الفلسطينية البطلة التي يعود لها الفضل في كشف حقيقة هذه الدول المتحضرة التي اشبعتنا شعارات حول الانسانية ، وهي تجتمع لدعم الابادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الاسرائيلي المجرم بحق المدنيين من الاطفال والنساء والطواقم الطبية وغيرها . فاذا بهذه الدول تسقط اولا امام شعوبها المصدومة من هول ما ترى من مجازر بشعة وجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وابادة جماعية يرتكبها الكيان المجرم بدعم من حكوماتها وصل حد الشراكة ومن اموال الضرائب التي تدفعها هذه الشعوب التي نظمت التظاهرات والوقفات الاحتجاجية .. رفضا وغضبا واستنكارا لمواقف حكوماتها المتخاذلة والمتواطئة مع هذا الكيان المجرم .
ويا له من ثمن باهظ اخذت تدفعه هذه المنظومة الغربية المتحضرة في لحظة اضطرت معها الى كشف اوراقها وما تخفيه من اجندات بقيت تتستر عليها وتعمل تحت تأثيرها دون الكشف عنها .. فاذا بها تتعرى اليوم من كل ما كانت توهم العالم بانها تؤمن به من مبادئ وقيم واخلاق ثبت بطلانها وزيفها .. بعد ان كان سلاحها في احداث اختراقات جغرافية وثقافية ودعائية نحو تحقيق مصالحها في المنطقة تحديدا حتى دون ان تطلق رصاصة واحدة في بعض اجزائها ..
ولأن هذا السلاح بات مرشحا اكثر من اي وقت مضى ليصدأ ويفقد فاعليته على وقع الموقف الغربي اللانساني واللاخلاقي من احداث غزة .. فانه يمكن القول .. بان العالم بطريقه الى ان ينعطف عن مساره الذي رسمه له الغرب ومن بوابة الشعوب تحديدا ، خاصة الشعوب الغربية الغاضبة والمصدومة من سياسات حكوماتها ومواقفها مما يحدث من ابادة جماعية في غزة ، وهو ما عبرت عنه بالتظاهرات المليونية التي نظمتها .. متوعدة بالقصاص من هذه الحكومات المتواطئة عند صناديق الاقتراع . في الوقت الذي على ما يبدو ان اطرافا دولية ستجد نفسها مدفوعة ومضطرة فيه الى اعادة ترتيباتها وحساباتها ، وبما يشبه او يعكس حالة من الصحوة التي تسببت بها المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني ، وان كان ذلك باكلاف واثمان باهظة جدا . مما يجعل الامور مرشحة بان تشهد اعادة تفكير بشكل المنظومة الدولية التي باتت غير امنة ولا يعتد بمن يقودها ويتربع على قمتها ممثلا بالولايات المتحدة .. رمز الحضارة الغربية وقائدها ، والتي ستكون الخاسر الاكبر بعد الكيان الاسرائيلي ، وهي تضع نفسها في هذا الموقف الحرج والصادم .. الذي قد يكلفها ثمنا باهظا .. بدأت اولى علاماته واشاراته تظهر في ترنح منظومتها القيمية والاخلاقية التي اخذت تهتز على خلفية موقفها المتخاذل من الابادة الجماعية التي برتكبها الكيان الاسرائيلي المجرم ، وليس ادل على ذلك من المساعدات العسكرية والمالية التي تقدمها له وبالمليارات ، وكذلك استخدامها المتكرر للفيتو في مجلس الامن في وجه جميع المحاولات التي كانت تستهدف وقف اطلاق النار ، الذي كان بمثابة الضوء الاخضر لهذا الكيان المجرم بالاستمرار بارتكاب المجازر بحق الاطفال والنساء ، متحدية المجتمع الدولي وهي تضرب بمواقفه الانسانية من احداث غزة عرض الحائط ، حتى تغيرت نظرة العديد من دول العالم وشعوبها اليها ، بصورة جعلتها تفقد ثقتها بها ، وهي تتساءل عن مدى اهليتها لادارة المنظومة الدولية بعد ان اسهمت باضعاف ادواتها ومنظماتها ومؤسساتها .. وجردتها من ادوارها وصلاحياتها ، كما هو الحال بما يجري للمنظمات الدولية في غزة .