الأنباط -
يا صاحب الجلالة
أما بعد :
سَرَّنا اليوم غايةَ السّرور مستوى الحِجَاج الدبلوماسي الرّفيع بخطابكم الثري والدَّأْبُ الذي لا يعتريهِ السأمُ قولًا وعملًا، فقد قلت فأصبت وأخبرت فصدقت، وكنت الأطلق لسانًا والأفصح بيانًا. وقد عَرّيتُم بخطابكُم من يتجاهرون بقتل الناس أمام الناسِ وأشَرتُم لازدواجية تحالفِ الغرب وكَيْله بمكيالين، فعندما تغيبُ العدالة وتختفي القِيَم الإنسانية من أجنداته التي أشبعنا بها تشدقًا بحقوق الإنسان والطفولة والمرأة تَخرُّ قواه ويغمض عينيه عن البواقع الظاهرة كجبلِ أُحُد أمام غطرسةِ المحتل، فلم يتجاسر بكلمةٍ واحدةٍ شجبًا أو تنديدًا .
أمّا هذا الكيان الغاصب والذي تجتمعُ فيه فُلولُ الصهاينة من كل فجٍ عميق والذي جعلت له أمريكا الباع والذراع، يتبجّح اليوم بقتل المدنيين والعُزَّل ويستبيح الأرضَ والعِرض. ففعل بأهلنا الأفاعيل وأسرف في الإرهاب والدمار وقد ظنَّ وأقنع زبانيته ممن يؤمنُ بفكرهِ المغولي أنّ فكرة التهجير قد أينعت.. وحان قطافها!، فقُبحٍ لهُ مِن ظنٍ، و أُفٍ لها من قناعة. فهذه في الحقيقة أسلحة المهزوم المأزوم، و إن كان قد عَلِمَ بأننا اصطرخنا منددين شاجبين حتى بُحّت منا الحناجر المرات الأُوَل؛ فليعلم أن نهايته باتت أقرب من أي وقتٍ مضى و أنه حتمًا ويقينًا إلى زوال، و أننا نراه اليوم يتكئُ على حافةِ سورٍ تَبقَّى من خراب.
يا صاحب الجلالة:
لاقت مساعيك استحسان الأقاصي والأداني، أما نحن فنصطفُّ خلفكُم موقنينَ برؤيتكم واثقينَ بعزمكُم، نستمدُ من عزيمتكُم الصبرَ و الثباتَ بإقامةِ دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، واليوم تاريخ آخر ينهض ليُغيّر كثيرًا مما أرادوه أن يكون.
د. أكرم القرالة