البث المباشر
الحاج المختار احمد جميل بخيت الجغبير ابو جميل في ذمة الله ‏السفير الصيني في عمّان: 100 مليون دولار دعمًا لفلسطين في أكبر دفعة بتاريخ العلاقات ‏ تحذير صادر عن إدارة الأرصاد الجوية اليسار التقدمي الديمقراطي الاردني ماذا ينتظر … مهدي منتظر ينقذه قبل أن يحتضر؟ "حينُ يطرقُ الأردنُّ بابَ الأسطورة… بين ميسي والتاريخ" قراءة في سؤال الذات سؤال القصيدة للكاتب والناقد والإعلامي عِذاب الركابي مجمع الملك الحسين للأعمال يوقع مذكرة تفاهم لبناء وتطبيق نظام حديث لادارة مواقف للسيارات قائم على التكنولوجيا المومني: انجاز 25% من خطة المسح الوطني للشباب 2025 جريدة الأنباط … ذاكرة وطن وصوت الحقيقة تعميم صادر عن الهيئة البحرية الأردنية بشأن الحالة الجوية المتوقعة وتأثيرها على النشاط البحري د. عمّار محمد الرجوب قراءة في سؤال الذات سؤال القصيدة للكاتب والناقد والإعلامي عِذاب الركابي بلدية السلط الكبرى تكثف جهودها للتعامل مع حالة عدم الإستقرار الجوي المؤثرة على المملكة. بلديات تكثف استعداداتها وترفع جاهزيتها تزامنا مع المنخفض الجوي استراتيجية "التفويض": أمريكا تدفع حلفاءها لمواجهة إيران ياسر أبو شباب، كيف حالك؟ الارصاد : حالة من عدم الاستقرار وتحذيرات من هطولات غزيرة في بعض المناطق... التفاصيل ولي العهد يساند"النشامى" أمام الكويت في كأس العرب الوفد البرلماني يختتم زيارته الى بروكسل الهيئة العامة لغرفة تجارة عمّان تقرّ التقريرين الإداري والمالي لعام 2024

على هامش الجدارية .. المؤنس بين الماء والنار

على هامش الجدارية  المؤنس بين الماء والنار
الأنباط -

د. نواف العجارمة

من قلبِ المحنةِ تولدُ المنحةُ، ومنْ قلبِ العتمةِ يولدُ بصيصُ النّورِ، كشرارةٍ في عقلٍ يتوهّجُ، ثمّ لا يلبثُ أنْ يصيرَ خيطًا، ثمَّ شعاعًا ثمَّ نارًا يقصدُها كلُّ منْ أرادَ أنْ يأخذَ منها قبسًا..
كانَ مؤنسُ كالنّارِ في اشتعالِها، وكالنّارِ كذلكَ في إيناسِها، عرفتُهُ في ربوعِ الأردنيّةِ قبلَ ما يناهزُ ثلاثينَ ربيعًا، حينَ كانَتْ مفارقُ رؤوسِنا سوداءَ، لمّا يتجرّأْ بياضُ الشّيبِ على اختراقِ حدادِها. روحُهُ المشطورةُ نصفيْنِ جعلَتْ من عقلِهِ مسرحًا لتنازعِ التّناقضاتِ، كانَ يبصرُ السّوادِ خلفَ ناصعِ البياضِ، ويبصرُ البياضَ وراءَ عتمةِ السّوادِ، يرى الشّيءَ وظلّهُ. القبحُ في عينيهِ يستدعي استحضارَ الجمالِ، والجمالُ أقربُ ما يكونُ لنقيضِهِ القبيحِ..
لم يكنْ لهذا الصّراعِ بين الأضدادِ الّتي يعيشُها إلّا أنْ يحتويها جميعًا بعدالةٍ تامّةٍ، وما كانَ لروحٍ أنْ تتسعَ لصراعٍ بهذا الحجمِ إلّا إنْ كانَتْ روحًا ساخرةً بعمقِ سخريةِ مؤنس..
كانَتْ لوحاتُهُ التّشكيليّةُ تجسيدًا لحرفِهِ بلغةِ الألوانِ والخطوطِ، تخترقُ عوالمَ الإحباطِ، وتخلعُ أبوابَها، وتكسرُ قيودَها، وتفتحُ نوافذَها لشمسِ الأملِ ونورِ التفاؤلِ، حاربَ اليأسَ بالرّيشةِ والقلمِ، فتخلّدَ في عالمِ الحرفِ واللّونِ لوحةً ناطقةً، وحرفًا يختالُ بأطيافِ النّورِ السّبعةِ.
ولَئِنْ يتركُ النّاسُ وراءَهم أثرًا وعطرًا، فقدْ تركَ المؤنسُ خلفَهُ حرفًا مضمّخًا بملامحِ الإنسانِ في صراعاتِهِ وتناقضاتِهِ وسعيِهِ نحوَ إثباتِ ذاتِهِ في هرمِ الحياةِ.
الجداريّةُ الّتي تُخلّدُ ذكرَ مؤنس، موجودةٌ في قلبِ كلِّ مَنْ أحسنَ قراءةَ حرفِهِ، فنقشَهُ على جدرانِ قلبِهِ أثرًا لا يزولُ. وفي روحِ كلِّ منْ أدركَ أبعادَ روحِهِ، فتبعَها في أروِقتِها، وقلاعِها، وفي ساحاتِ معارِكِها، في انتصاراتِها، وفي هزائمِها. وما هذهِ الجداريّةُ اليومَ في مدرسةٍ عريقةٍ كهذهِ المدرسةِ إلّا صورةٌ مكبّرةٌ واضحةُ المعالمِ عمّا تركَهُ المؤنسُ في قلوبِنا وأرواحِنا، لكنّها دعوةٌ للأجيالِ الفتيّةِ أنْ تنضمَّ إلى جحافلِ محبّي مؤنس، كيْ يرتَووا من حرفِهِ المتعطّشِ للعدلِ والحرّيّةِ وكرامةِ الإنسانِ، ولكي يُكملوا طريقَهُ الشّاقّةَ بينَ الماءِ والنّارِ في جدليّةٍ نفنى فيها ولا تنتهي، هيَ الحياةُ.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير