الأونروا: جياع في غزة أجبروا على الزحف وسط إطلاق نار إسرائيلي كثيف مجلس الشيوخ الأمريكي يقرر شطب سوريا من قائمة "الدول المارقة" تسليم كسوة الكعبة لسدنة بيت الله الحرام فضيحة البيت الأبيض .. تقرير عن "لكمات" بين ماسك ووزير الخزانة مستشفى الكندي يهنئ جلالة الملك بعيد الجلوس على العرش ‏السفارة الأردنية في الدوحة تحتفل بعيد الأضحى وتأهل النشامى الصبيحي: 2.141 مليون شخص حجم النظام التأميني للضمان الأردن..بالعزم بنى اقتصاده إلى إطلاق الإمكانيات لبناء المستقبل أم الجمال تحتفي بعيد الأضحى بفعاليات متنوعة تنظمها وزارة السياحة وفيات الأحد 8-6-2025 أجواء حارة نسبيًا في أغلب المناطق اليوم ومعتدلة غدًا تحديد مؤشر جديد لآلام الظهر المزمنة الأرصاد: أجواء حارة نسبياً في أغلب المناطق لأربعة أيام العراق والأردن "وحدة حال" ! تناول الشوكولاتة مع الشاي مفيد للقلب.. ويخفض ضغط الدم الذكاء الاصطناعي هل يحل محل الـ«HR»؟ باحث يحوّل قشور الفاكهة إلى تقنية لتخزين الطاقة البطيخ فاكهة الصيف، إليكِ أبرز فوائده الصحّية! المدرج الروماني يحتضن فعاليات فنية بعيد الأضحى بتنظيم من وزارة السياحة موسكو: العقوبات لن تغير مطالبات روسيا بضمان أمنها القومي

على هامش الجدارية .. المؤنس بين الماء والنار

على هامش الجدارية  المؤنس بين الماء والنار
الأنباط -

د. نواف العجارمة

من قلبِ المحنةِ تولدُ المنحةُ، ومنْ قلبِ العتمةِ يولدُ بصيصُ النّورِ، كشرارةٍ في عقلٍ يتوهّجُ، ثمّ لا يلبثُ أنْ يصيرَ خيطًا، ثمَّ شعاعًا ثمَّ نارًا يقصدُها كلُّ منْ أرادَ أنْ يأخذَ منها قبسًا..
كانَ مؤنسُ كالنّارِ في اشتعالِها، وكالنّارِ كذلكَ في إيناسِها، عرفتُهُ في ربوعِ الأردنيّةِ قبلَ ما يناهزُ ثلاثينَ ربيعًا، حينَ كانَتْ مفارقُ رؤوسِنا سوداءَ، لمّا يتجرّأْ بياضُ الشّيبِ على اختراقِ حدادِها. روحُهُ المشطورةُ نصفيْنِ جعلَتْ من عقلِهِ مسرحًا لتنازعِ التّناقضاتِ، كانَ يبصرُ السّوادِ خلفَ ناصعِ البياضِ، ويبصرُ البياضَ وراءَ عتمةِ السّوادِ، يرى الشّيءَ وظلّهُ. القبحُ في عينيهِ يستدعي استحضارَ الجمالِ، والجمالُ أقربُ ما يكونُ لنقيضِهِ القبيحِ..
لم يكنْ لهذا الصّراعِ بين الأضدادِ الّتي يعيشُها إلّا أنْ يحتويها جميعًا بعدالةٍ تامّةٍ، وما كانَ لروحٍ أنْ تتسعَ لصراعٍ بهذا الحجمِ إلّا إنْ كانَتْ روحًا ساخرةً بعمقِ سخريةِ مؤنس..
كانَتْ لوحاتُهُ التّشكيليّةُ تجسيدًا لحرفِهِ بلغةِ الألوانِ والخطوطِ، تخترقُ عوالمَ الإحباطِ، وتخلعُ أبوابَها، وتكسرُ قيودَها، وتفتحُ نوافذَها لشمسِ الأملِ ونورِ التفاؤلِ، حاربَ اليأسَ بالرّيشةِ والقلمِ، فتخلّدَ في عالمِ الحرفِ واللّونِ لوحةً ناطقةً، وحرفًا يختالُ بأطيافِ النّورِ السّبعةِ.
ولَئِنْ يتركُ النّاسُ وراءَهم أثرًا وعطرًا، فقدْ تركَ المؤنسُ خلفَهُ حرفًا مضمّخًا بملامحِ الإنسانِ في صراعاتِهِ وتناقضاتِهِ وسعيِهِ نحوَ إثباتِ ذاتِهِ في هرمِ الحياةِ.
الجداريّةُ الّتي تُخلّدُ ذكرَ مؤنس، موجودةٌ في قلبِ كلِّ مَنْ أحسنَ قراءةَ حرفِهِ، فنقشَهُ على جدرانِ قلبِهِ أثرًا لا يزولُ. وفي روحِ كلِّ منْ أدركَ أبعادَ روحِهِ، فتبعَها في أروِقتِها، وقلاعِها، وفي ساحاتِ معارِكِها، في انتصاراتِها، وفي هزائمِها. وما هذهِ الجداريّةُ اليومَ في مدرسةٍ عريقةٍ كهذهِ المدرسةِ إلّا صورةٌ مكبّرةٌ واضحةُ المعالمِ عمّا تركَهُ المؤنسُ في قلوبِنا وأرواحِنا، لكنّها دعوةٌ للأجيالِ الفتيّةِ أنْ تنضمَّ إلى جحافلِ محبّي مؤنس، كيْ يرتَووا من حرفِهِ المتعطّشِ للعدلِ والحرّيّةِ وكرامةِ الإنسانِ، ولكي يُكملوا طريقَهُ الشّاقّةَ بينَ الماءِ والنّارِ في جدليّةٍ نفنى فيها ولا تنتهي، هيَ الحياةُ.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير