كائنات تعيش في الميكروويف.. تحذير علمي خطير تحسين سرعة الإنترنت في منزلك: حلول فعّالة بدون تكلفة إضافية كيف استهدف الموساد الإسرائيلي “حزب الله”؟ صحيفة اسرائيلية تتحدث الذهنية السورية لم تأمن للأتراك يومًا، ولذلك كانت الزيارة سريعة انخفاض ملموس وأجواء باردة في عطلة نهاية الأسبوع 120 طنا مستوردات المملكة من البطاطا المجمدة كيف يمكن الاستفادة من الدرس الإندونيسي بالاستثمار؟ مكاتب استقدام توظف العاملات الهاربات فوضى ببيع الأدوية بدون وصفة طبية.. والمريض الخاسر الأكبر 3 مصانع كبيرة قيد الإنشاء في المملكة شبكة سكك حديدية.. بوابة جديدة للنمو الاقتصادي والربط الإقليمي قهوتنا الصباحية مع دولة الرئيس أحمد الضرابعة يكتب .. الأردن وغزة: بين الدعم الإنساني والتحرك السياسي لن نكون لقمة سائغة لأي مشروع نعم، لكل وردة وحبة شيكولاتة للأستاذ حسين الجغبير يكتب :الفريق الاقتصادي.. انتبه إلى الناس عملية دهس قرب مستوطنة واستنفار جيش الاحتلال السفير الطراونة يبحث تعزيز التعاون مع العراق بمجال الطاقة والغاز العيسوي يرعى احتفال نادي ضباط متقاعدي عمان باليوبيل الذهبي لتأسيسه بعد اشتباكات ومظاهرات.. حظر تجول في اللاذقية وحمص- فيديو

"العرب والطب الإمبريالي" لِمازن حنَّا

العرب والطب الإمبريالي لِمازن حنَّا
الأنباط -

الأكاديمي مروان سوداح
 منذ أن وقَّعَ لي الأخ العزيز والمُفَكِّر الكبير مازن سليمان حنا على كِتابه الشهير "العرب والطب الإمبريالي"، الطبعة الأولى 2015 عن "دار فضاءات للنشر والتوزيع" الأُردنية، وأنا أعيد قراءة هذه التُحفة الفكرية يومًا في إثر يوم، لِمَا تحتويه من أسرار موثَقة وحقائق مُذهِلة، لكَأن الكِتاب مَخزنٌ لألغازٍ لا تنتهي، وهو بالفعل كذلك.
 في التعريف بهذا الكتاب نقرأ لمازن حنَا، الذي شغل منصب الأمين العام لحزب الشغيلة الشيوعي الأردني، أنه لا يزعم أن الكتاب مَعنِي بالأمراض والأوبئة في حدِّ ذاتها بالمعنى الطبي، وهو ليس كتابًا طبيًا على الإطلاق، إذ لا يتم تناول الطب فيه إلا بمعنى الاستفادة منه تجاريًا وتوظيفه مِن قِبل الإمبريالية خلال تنفيذها لمشروعاتها العدوانية والاستغلالية، وكيف تتأثر المُمَارَسة الطبية والتعليم الطبي بهذه المشروعات ومناهجها وطرائق عملها. 
 يحتوي الكتاب على أكثر من 272 مرجعًا أردنيًا وعربيًا وأجنبيًا وغربيًا، ويَعرض للفِكرة الأساسية التي يتناولها وهي أن الطب من منظور الإمبريالية ليس قصة نجاحات واكتشافات علمية وخدمة إنسانية، بل هو رواية هيمنة واستغلال رأسمالي بشع أيضًا، ولطالما كان كذلك. كما أن سَير عمل الطب الإمبريالي الآن يظل زاخرًا بما هو فاضح، ويَدعو للخزي والعَار، وحيث خطَّت الإمبريالية خُطى الجوع والفقر والمرض، كما انتشر التهديد بخطر الموت من الأوبئة.
 في العناوين الفرعية للكتاب والتي لفتت انتباهي أكثر من غيرها: "الطب الإمبريالي صنيعة الحرب"؛ و"الاستهتار بالحياة - فئران التجارب البشريَّة"؛ "أطباء في خدمة المخابرات والمَباحث"؛ "أطباء في خدمة رأس المال"؛ "تسليع المهنة الطبية"؛ "صناعة المرض – جميع الناس مرضَى ولكنهم لا يَعلَمون"؛ "الغذاء المُصَنَّع"؛ "تصدير المَرض"؛ "داء لكل دواء"؛ "البذور المُحسَّنة"؛ "الأسمدة والمُبيدات"؛ "التسليع الكامل للطب"؛ "الصحة تحت رحمة الاحتكارات"؛ "احتكارات الصناعات الدوائية"؛ "عالم العقاقير الاحتكاري"؛ "السِعر الاحتكاري للدواء"، وإلخ.
 أختصر من الفصول الأربعة الطافحة بالمعلومات الموثقة والتحليل العلمي العميق الذي أبرزه الدكتور حنا مشكورًا على جهده الضخم، لأعرض على القارئ بعض النُتف عن صناعة المرض وترويجه وتوظيف الأجساد البشرية للتجارب السريرية القاتلة. فلم يقف الطب الإمبريالي عند إجراء التجارب داخليًا لصالح الأجهزة الأمنية، بل تعدى ذلك إلى شركات الأدوية نفسها التي أجرت تجارب غير أخلاقيَّة لدراسة الأمراض وفعالية منتجاتها الصيدلانية الجديدة. وحسب "واشنطن بوست"، موَّلت الحكومة الفيدرالية الأمريكية عام 2010 خمسة وخمسين ألف تجربة حول العالم على البشر، وأن 18 وكالة حكومية أمريكية لها علاقة بهذه التجارب معتمِدة على أن آلاف المرضى الذين يعانون من مرض عضال، يتطوعون لهذه التجارب أملًا في الشفاء، وآلاف الفقراء برغبة في المكافأة المالية المقدمة التي تستغل فقرهم وسوء حَالِهم.. والعدد الكبير من فئران التجارب يخفي العدد غير المعلن عنه والتجارب التي تجري من دون عِلم الفئران البشرية أو موافقتها.
 في خاتمة الكتاب وهي بعنوان "المَسار الذي يمكن تجنبه"، أن الطب الإمبريالي ليس قدرًا محتومًا، أو مسارًا لا يمكن تجنبه. ويورد المؤلف المِثال الكوبي الساطع، إذ تعتبر الصحة في "كوبا - جزيرة الحرية" مِثالًا ساطعًا إذ تُعتبر الصحة حقًا من حقوق الإنسان، لذا، تحظى بأولوية وطنية. وتهتم السياسة الصحية الكوبية بالجانب الوقائي من أجل منع ظهور الأمراض، ومفهوم الطب كخدمة للمجتمع تقدمها الدولة، وليس كمجال للأعمال والاستثمار وخلق الثروة. لذلك، أنتجت هذه التجربة مثالًا يُثير الإعجاب بإنجازاته ومؤشراته العالية، فمعدل العمر في كوبا أعلى منه في الولايات المتحدة الأمريكية، كما تم القضاء في كوبا على أمراض كثيرة خطيرة ومعدية يُوثقها الكاتب، وأصبح سوء التغذية لا يطال إلا (0.7%)  في كوبا مقابل (5%) في الولايات المتحدة مع الفارق في الغِنى والإمكانات الاقتصادية والثروات ومستوى الدخل بين الدولتين، ما يؤشر على أن تبقى هذه الحقائق "هي صاحب القول الفصل" في مسار المجتمع والعناية بالمواطن ويؤكد بالتالي أفضلية النظام الاشتراكي.  
(*)
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير