الأنباط -
يلينا نيدوغينا
قَبل أيام قليلة، سُعِدْنَا مع جَمهرة كبيرة بتنظيم الاحتفائية الروسية بعيد الأُم، إذ اتَّسمت بروحية وعَمَلانيَّة دوليَّة وتشاركيَّة قولًا وفعلًا، وبأبعادٍ ومَعْنَىً عميق لكون إحيائها قد تم في إطار "البيت الروسي" الحاني (المركز الثقافي الروسي) في عمَّان. كان الاحتفال لافتًا بشدة لأنظار المجتمع الروسي الواسع عددًا في المَملكة، وللسيدات الأُردنيَّات، وأرباب العائلات الأُردنيين، وتم متابعته في البلدان الأخرى.
تسربلت هذه الفَعَاليَّة بلبوس مهرجان تزيَّنَ بصورٍ فنيَّة وثَقافيَّة، وبمجموعة متنوعة من الأغاني والموسيقا الروسية الشعبية والكلاسيكية و"الأوبرية" النسائية لمُمَثِّلات الجالية الروسية الكبيرة والفاعلة في البلاد، إلى جانب المساهمات الوازنة من أمهات وآباء الأطفال من السفارة الروسيَّة في عَمَّان، ما يُشكِّلُ نجاحًا باهرًا لإدارة المركز الثقافي الروسي وأهدافه الثقافية والعلمية على الساحة الأردنية، وعلى رأسه السيد أليكسي فاليريفيتش بوكين، وإلى جانبه نتاليا نازارينكو الرئيسة الناشطة لِ(منتدى السيدات الروسيات صديقات الثقافة الروسية - "ناديجدا")، فقد تم بجهودهم جميعًا إبراز دور المرأة الأم والمُربية والزوجة والعاملة في مختلف مناحي الحياة الاجتماعية، وفي العملية التربوية الراقية المستوى لأطفالهن، في سياق العروض على خشبة "المركز" لصورِ و"نُمرٍ" فنيَّة احترافية، نالت إعجاب الحضور وتقديرهم العالي.
المدير العام للمركز الثقافي الروسي المُفعَم بالحيوية، الأستاذ أليكسي فاليريفيتش بوكين، ألقى كلمة في الحضور الكثيف، أثنى فيها على الطاقات الخلاقة التي تمتلكنها السيدات الروسيات وأطفالهن، ولجهودهن العظيمة الشأن التي بذلنها يوميًا وعلى مدار الشهور السابقة لإنجاح الحفل بفاعلياتهن المُتسَاوِقة مع الأبعادٍ الجمالية العميقة للعيد وطنيًا وأُمميًا، وقد تلاحقت فيها الصور الفيلمية الروسية بعيد الأُم الذي استُحدِثَ في روسيا في الأول من نوفمبر 1944، عندما تم منح الوسام الأول "الأم البطلة"، للسيدة الروسية "أليكساخينا آنّنا سافييليفنا"، لولادتها وتربيتها 12 ابنًا وبنتًا، متجاوزة بإصرارها كل عقبات تنشئة هؤلاء الأطفال خلال سنوات حرب الإبادة النازية للشعوب والقوميات السوفييتية.
كما ثمَّن المدير العام بوكين مجهودات قسم اللغة الروسية الذي قدَّم تلامذته فقرات تمثيلية وأغانيًا وأشعارًا تمجّد العائلة المترابطة ودور المرأة المتواصل في المجتمع، وأعلى المدير اجتهاد ومواظبة فرقة "كالينكا" الشهيرة العاملة في إطار "المركز"، إذ تقوم سيداتها بتأدية الأغاني الاحترافية، والعزف على الآلات الموسيقية، والتمثيل، مرفقةً بأزياء روسية تقليدية.
كذلك، كان الشكر والعرفان موصولًا من لَدن الحضور وإدارة "المركز"، لمنتدى "ناديجدا" ("الأمل")، رئيسةً وقيادةً وأعضاءً: أولًا، لمشاركتهن الوزازنة في إحياء هذه المناسبة في نطاق "المركز" والمجموعات الإبداعية المشاركة؛ وثانيًا، لاستحداث مأدبة طعام روسية تقليدية حازت على إعجاب الحضور وَوجِّه ريعها لصندوق "ناديجدا" الناشط في مجال تعظيم التلاقي الثقافي الأممي، ولجَسْرِ الجُسور بين الثقافتين الروسية والأردنية من خلال فعاليات مُبتكرة ومتجددة، تُبرِز التقاطعات والمترادفات الثقافية والإنسانية بين الشعبين الروسي والأُردني، اللذين يرتبطان بعُرى تاريخية مجيدة منذ ما قبل طريق الحرير العربي الروسي، المُسمّى عبر العصور "أرباط"، حيث كان التجار العرب، ومن شرقي الأردن أيضًا، يَعرضون بضاعتهم في سوق "أرباط" الموسكوفي الإمبرطوري العريق، الواقع في وسط العاصمة موسكو، التي كانت وما زالت ترنو إليها أعين شعوب الشرق الجغرافي المترامي الأطراف والمساحات عربيًا وإسلاميًا.
في خِتام الفعالية، دُعِي الحضور للمشاركة في حفل استقبال، رَعَاهُ مدير عام المركز، الذي جَدَّد تهانيه وأطيب تمنياته للسيدات وعوائلهن ومنتدى "ناديجدا".
*كاتبة وإعلامية روسية / أردنية