الأنباط -
تُعجبني الأفكار والمبادرات الإبداعية التي تُنتجها بعض الدول ومراكزها الثقافية المنتشرة في المَملكة، لا سيَّما لاشتمالها على حوافز مختلفة لجالياتها المُقيمة بعيدًا عن مَساقط رؤوسِها، مِمَّا يُوثّق ويُؤكد ويُثبِّتُ ارتباطُها اليومي بثقافاتها، وديمومة تواصلها مع بلدانها الأُم، وواحدة منها هو "المجتمع الروسي" في الأردن الذي يتمتع بعلاقات وثيقة مع وطنه الكبير، من خلال المركز الثقافي الروسي وفضاء المَصَاهَرة والصداقة الأردنية الروسية القديمة والعريقة، والمُدعَّمة بأسانيد صَلدة من لدن الزعيمين جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المُعظم وفخامة الرئيس فلاديمير فلاديميروفييش بوتين المحترم.
وفي هذا السياق، شارك "المركز الثقافي الروسي" - "البيت الروسي"، النشِط الواقع في جبل عمّان، بمسابقة الإملاء الجغرافي السنوية الكبيرة عن روسيا التاريخية والحديثة، التي تنظمها "الجمعية الجغرافية الروسية". أُقيمت المسابقة يوم الأحد، 14 نوفمبر لهذا العام 2021م، وبها رافق "المركز" الشعب الروسي في جميع أنحاء روسيا والجاليات الروسية في أكثر من 80 دولة حول الكرة الأرضية، وكذلك أولئك المتحدِّثين الأجانب بالروسية مِمَّنْ لا يحملون الجنسية الروسية. تهدف المسابقة إلى تعريف المُقيمين الروس وغيرهم في مختلف الأصقاع على روسيا وجغرافيتها وتاريخها وواقعها وتقاليدها، تعزيزًا للصداقة والتفاهم والتعاون الدولي بين بَنِي الإنسان.
وبما يتّصل بهذه المسابقة، وجَّه السيد أليكسي فاليريفيتش بوكين؛ مدير المركز الثقافي الروسي (البيت الروسي) في الأردن، الذي شارك شخصيًا في عَملانية إنجاح "المسابقة" على أعلى مستوى؛ شكره من خلال جريدة "الأنباط" لجميع المشاركين والداعمين للمسابقة الذين استجابوا لهذا الحدث العِلمي والثقافي، ذلك أن تنظيمه في العاصمة الأردنية قد أصبح تقليدًا سنويًا جيدًا ولافتًا، وهو مَا يُتيح للمهتمين التعرّف عن كَثب على جغرافية روسيا واكتشاف حقائق جديدة في صُروحها وبُنيانها وعلى مساحاتها الشاسعة.
وضمن هذا المَنحَى الحضاري، نَجَحَ "المركز الثقافي الروسي" في عمّان - والذي شهدنا افتتاحه الاحتفالي يوم 16 ديسمبر/كانون الأول 2009م – نجاحًا سريعًا وباهرًا، بل ولنَقُل صاروخيًا كذلك من خلال جدِّهِ واجتهادِه وقُدراته التنظيمية والأكاديمية الفذة التي تتمتع بها إدارته في تقديم "مسابقة الإنشاء" بصورة مُتميِّزة لجاليته الكثيرة العدد في المَمْلكة. وبغض النظر عن الأسئلة الصعبة التي عُرِضَت هذا العام على الحضور في فيديو متخصِص، إلا أن السيدات المشاركات والسادة المشاركين تمكَّنوا من خلال سِعة مَعارفهم، من إيجاد الأجوبة الصحيحة، وبالتالي أظهروا نجاح النظام الحكومي الروسي في التعليم والثقافة والتربية داخل الفيدرالية الروسية، وفي المدارس والجامعات الروسية ومراكزها الثقافية والعِلمية الخارجية.
استطاع المشاركون الإجابة بحذاقة على ثلاثين سؤالًا في المسابقة، وبغض النظر عن أن الأسئلة كانت مُتَوعِّرة وكَؤُودة، إلا أنَّ الإجابات عليها كانت ناجحة من خلال توظيف المعارف العامة والعلمية ومنطق الأشياء، ما يؤهل جميع المشاركين للحصول على شهادات روسية رسمية تكريمية.
والجدير بالذِكر بأن مبادرة / حَمْلة الإملاء الجغرافي الروسية بدأت في عام 2015، وولَّدَت اهتمامًا كبيرًا لتنتقل بالتالي إلى مكانة دولية مرموقة في عام 2017، لتساهم بتسارعٍ في زيادة مَعَارِف المواطنين الروس خارج روسيا عن بلادهم ومتابعة قضاياها عن كَثب، وإدراجهم سويًا مع أبنائهم في الحياة والثقافة والحضارية الروسية.
وختامًا، أعتقد بأنه من المُفيد والمُمتع في آن واحد الاستفادة من مثل هذه المسابقات، كمسابقة الإنشاء، لجهة تجسير الفجوة الجيلية من خلال رؤية جديدة وآليات مُبتكرة للوصول إلى إدراك جَمعي، ولتوسيع ارتباط الجاليات الأردنية في الدنيا بوطننا الهاشمي، لِمَا في ذلك من إيجابيات وإفادات جمَّة على المستويات كافةً، أولها زيادة معارف النشء الجديد عن وطنه، وللمزيدِ من الترابط والوصل بقضاياه، ولغيرها من الرؤى.
..*..