الأنباط -
بقلم الدكتور رافع شفيق البطاينة.
عندما تشكلت اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية أخذت بعدا إعلاميا واهتماما شعبيا واسعا، بين مد وجزر، تمثل هذا المد والجزر بين معارض لتشكيلة اللجنة، أو معارض لأهدافها، والبعض الآخر معارض لعدم دستوريتها كون اختصاص وضع التشريعات محكوم للحكومة، وهناك من راهن على فشلها، ورغم ذلك استمرت اللجنة بعملها متجاوزة كل الاعتراضات، والآراءالمختلفة التي قيلت بحق اللجنة، وشهد الأردن خلال فترة عمل اللجنة حراكا نقاشيا سياسيا منقطع النظير، وعقدت ورش العمل المختلفة، والاجتماعات واسعة النطاق مارست عصفا ذهنيا وتمرينا ديمقراطيا أبدت رأيها بمضامين التشريعات المنوي إفرازها من قبل اللجنة، والتي تركزت وانحصرت بالتشريعات الناظمة للحقوق السياسية كقوانين الإنتخاب والأحزاب السياسية والإدارة المحلية، والتعديلات الدستورية المرتبطة بهما، ووفرت اللجنة للفضائيات والمحطات التلفزيونية أرضية خصبة للحوار والنقاش بشكل يومي، من قبل الناطقين الإعلاميين للجنة، وخلصت اللجنة من عملها بإصدار مخرجاتها وتوصياتها حيال التشريعات المطلوب إنجازها، والتي قوبلت بالموافقة من بعض التيارات السياسية وخصوصا قطاع الأحزاب السياسية، والمعارضة من بعض التيارات المجتمعية، ومعظم المعارضة تركزت على الكوتا الحزبية للقائمة الوطنية، والتوسع في بعض الكوتات الأخرى كالمرأة والشباب، لكن لوحظ في الآونة الأخيرة فتورا وهدوءا وربما تراجعا شعبيا بخصوص الإهتمام بهذه المخرجات، وبالأخص من الجانب الحكومي، الذي انحصر دورها حسب التصريحات الرسمية بدور ناقل البريد، حيث أن الحكومة أعلنت أنها ستقوم بتحويل هذه المخرجات الى مجلس النواب كما وردتها من اللجنة دون إجراء آية تعديلات عليها سواء لجهة التحسين أو الإيجابية، أو السلبية، بإستثناء ما صرح به دولة رئيس الوزراء بنية الحكومة إضافة بعص التعديلات الدستورية المحدودة على الدستور، وأن الحكومة سوف تدافع عن هذه المخرجات أمام مجلس النواب، وسمعنا مؤخرا نية الديوان الملكي الهاشمي العامر إنشاء دائرة داخل الديوان الملكي لمتابعة مجريات إقرار هذه التشريعات وفق القنوات الدستورية، لكن الملاحظ أن وزارة الشؤون السياسية تعيش في سبات عميق وكأن الموضوع لا يعنيها، مع العلم أن الأصل أن تتصدى وتتولى مهمة الترويج والتثقيف والتوعية المجتمعية بهذه التشريعات الجديدة، لكن يبدوا أن هناك توجها لإعادة النظر بهذه الوزارة من حيث ضرورة وجودها أو بقاؤها في ضوء نقل ملف الأحزاب السياسية الى الهيئة المستقلة للانتخابات، وبذلك لم يتبقى لها أي اختصاص سوى الشؤون البرلمانية، كنت قد دعوت سابقا لتشكيل لجنة من ذوي الإختصاص والخبرة في مجال التنمية السياسية مهمتها وضع برنامج ضمن مدة زمنية للترويج وشرح مضامين مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية المتمثلة بقانوني الإنتخابات النيابية والأحزاب السياسية تجوب كافة مناطق المملكة ببواديها وأريافها ومدنها وقراها بالتنسيق والتعاون مع وزارات الشباب والثقافة والتعليم العالي، ومؤسسات المجتمع المدني، وخلاف ذلك سنبقى ندور في حلقة مفرغة وسوف تذهب جهود اللجنة سدى، ولن نحقق المبتغى المنشود من التحديثات التي طالت التشريعات الناظمة للحقوق السياسية، والتي هي رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه، ويسعى الى تطبيقها على أرض الواقع، وأن تكون موضع التنفيذ، ليشارك الجميع في إنجاحها، حمى الله الأردن وقيادته الحكيمة وشعبه الوفي من كل مكروه.