لطالما عبرت الحكومة بصريح العبارة عن تحسين وضع المعلمين المعيشي بصورة تليق بهم وبعطائهم على الساحة الأردنية ،كما اوعز لها جلالة الملك غير مرة في السر وفي العلن، وهو أمر قابلته نقابة المعلمين بإيجابية منذ تأسيسها، ولكن لا ندري إلى الآن لماذا تصر على التعنت بالإضراب واستمراريته؟، متسائلين: لمصلحة من إطالة أمد الأزمة في ظل الظروف العصيبة التي يمر بها الاردن في محيط ملتهب من كل الاتجاهات؟.
فإذا كان سيد البلاد ورمانة الميزان للوطن وللشعب قد صرح في أكثر من مرة بأن مصلحة الطالب هي فوق كل الاعتبارات ، وفي الوقت ذاته امتدح مواقف وعطاء المعلمين منذ تأسيس الاردن والى اليوم، فلماذا لا تقبل نقابة المعلمين تعليق الإضراب والالتحاق بالمدارس والمطالبة عبر القنوات الرسمية بما تدعيه من حقوق؟.
سؤال كبير يجب ان يحمل هم ووجع الوطن فوق أجنحة المنافع الشخصية وتقديم الاعتبارات الوطنية على الحقوق المادية، ومنع تسييس النقابة ومواقفها.
فإذا كانت نقابة المعلمين التي تدعي بأن الحكومة قد اقرت منذ خمسة أعوام باتفاق مشترك علاوة المهنة الـ50%، إلا أن العلاوة لم تمنح لغاية الآن، وهو ما تم نفته الحكومة جملة وتفصيلا وتطالب النقابة بالدليل الدامغ والوثائق الثبوتية حول ادعاءها، والتي فشلت في إثبات ما تدعيه ورقيا الآن.
فإذا كانت نقابة المعلمين في تصريحاتها تؤكد بأنها لم ولن تغلق أبوابها أمام أي جهة ترغب في الحوار، فلماذا لا تجلس مع الحكومة لاستئناف الحوار للوصول إلى صيغة مشتركة ترضي جميع الأطراف بعيدا عن المناكفات السياسية ، شريطة ان لا يكون الحوار من طرف واحد بل يجب أن يأخذ جميع الاعتبارات الوطنية بالحسبان بما يجري على الساحة الاردنية، خاصة بعد أن بدأ الشارع الأردني المتمثل بأولياء الامور بالتفاعل مع إضراب المعلمين الذي بدأ عليهم الامتعاض بشدة من الإضراب الذي ترك أبنائهم فريسة للشارع.
فإذا كانت الحكومة قد أكدت في أكثر من بيان لها على ضرورة تحسين واقع البيئة التعليمية والتربوية للطلبة والمعلمين على حد سواء، إلا انها في المقابل لن تتهاون في تطبيق أحكام القانون في حال المساس والإضرار بالعملية التعليمية أو الخدمات والمرافق العامة، فلماذا ترفض نقابة المعلمين الجلوس على طاولة الحوار دون قيد أو شرط للوصول إلى تحصيل ما تدعيه من حقوق، بدلا من أزمتها بإطالة الإضراب، الأمر الذي قد يعود عليها بالضرر وافقادها لهيبتها التي كانت تحظى بها على الدوام بالشارع الأردني، وخاصة مع تزايد المطالبات الشعبية للمعلمين بالعودة للمدارس وتغليب المصلحة العامة على الحقوق الشخصية.
وهنا اعتقد جازما بأن الحل الوطني والمرضي الحكومة ونقابة المعلمين هو الجلوس على طاولة الحوار لوضع توصيات ورقية تلتزم الحكومة بتنفيذها وفقا لما يقرره المتحاورون، وهذا يتطلب وقف الإضراب والعودة للمدارس لمنع تفاقم الأزمة.
فلماذا لا تعطي نقابة المعلمين الحكومة وقتا كافيا من أجل السير بالإجراءات ، فمن صبر خمس سنوات فليصبر شهرا او شهرين قد تكون كفيلة بتحقيق مصلحة ابنائنا الطلبة والمعلمين مقرونة بمصلحة وطننا الغالي المقدمة على كل المصالح.
فعلى نقابة المعلمين الإصغاء جيدا إلى لغة العقل والحوار فقد يأتي يوما على المعلمين لا يستفيدون فيه من النقابة التي قد تجرها الاحزاب البالية في مجتمعنا الى طرق غير وطنية بسبب نشر أفكارها على منتسبي النقابة، فتعمل على تسيسها كباقي النقابات في الوطن.
فكثير من المعلمين ذا توجه إسلامي كل حسب أهواءه الشخصية، وقد يعترضوا غدا على المناهج ويتفقوا على تغييرها، ويبقى الاردن بدوامة مشاكل نقابة المعلمين، ويستمر العراك والخناق مع وزارة التربية والتعليم، الأمر الذي قد يفضي بالمزيد من الإضرابات والاعتصامات.
إن مصلحة المعلم تكمن في إنهاء الإضراب فورا والعودة للمدارس، لأن تعنتهم واستمرايتهم بالإضراب وتعطيل مصالح الناس قد يجلب لهم في المستقبل مشاكل قانونية مع أولياء الامور ومع الحكومة في حال تطبيق مواد قانون الخدمة المدنية وفقا لمبادئ ومقررات نقابة المعلمين التي نسخوها وخطوها بأيديهم ، وحظيت بموافقتهم في المادة الخامسة من قانون نقابة المعلمين والتي تنص على التزام النقابة بما يلي :-
أ-المحافظة على متطلبات العملية التربوية ورعاية مصلحة الطالب وعدم الإضرار بحقه في التعلم .
ب- مراعاة أحكام قانون التربية والتعليم ونظام الخدمة المدنية والتشريعات الاخرى .
ج- عدم ممارسة الأنشطة الحزبية .
د-عدم التدخل بسياسات التعليم والمناهج والبرامج والمعايير المهنية وشروط مزاولة مهنة التعليم والمسار المهني والوظيفي للمعلمين.
هـ- اللجوء الى الاساليب المشروعة في تبني مطالب المعلمين وخاصة الحوار .
وهو أمر خطير خالفته نقابة المعلمين بكل تفاصيله، وضربت به عرض الحائط، متنكرة لمصالح الاردن الوطنية العليا.
فارحموا وطنكم ايها المعلمون وانتصروا له بالعودة للمدارس، فالوطن يحمل هما اكبر من مطالبكم المادية فكونوا معه