عُقد المؤتمر الأميركي الإسلامي في الرياض، بحضور الرئيس ترامب وقادة أربعة وخمسين دولة إسلامية، لم يتطرق بيانه النهائي المتضمن 1083 كلمة، كلمة واحدة عن فلسطين وحق شعبها في استعادة حقوقه التي أقرتها الأمم المتحدة وعلى رأسها وفي طليعتها قرار التقسيم 181، وقرار حق عودة اللاجئين 194، وقرار الانسحاب وعدم الضم 242، مثلما لم يتطرق البيان إلى كلمة واحدة عن العدو الإسرائيلي، وانتهاكاته لقيم حقوق الإنسان، وإلى الجرائم التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني، ومواصلة احتلاله لكل فلسطين وللجولان السوري وجنوب لبنان، وقد تم ذلك بغياب التطرق إلى فلسطين وإلى العدو الإسرائيلي بسبب الضغط الأميركي، وبسبب الخلاف الأميركي مع رؤية البلدان الإسلامية المنحازة لحق شعب فلسطين في العودة والاستقلال.
في 15/4/2018، عقدت القمة العربية في الظهران بالمملكة العربية السعودية، وقد صدر بيانها المتضمن 1548 كلمة، مقسمة على 29 بنداً، تناول البند الأول حتى البند رقم سبعة قضية فلسطين( ربع كلمات البيان عن فلسطين )، وضد العدو الإسرائيلي وإجراءاته، بما فيها رفض الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة للمستعمرة، الأمر الذي يُبين حجم رفض البلدان الإسلامية لبرامج ترامب، ورفض أغلبية هذه البلدان في تغيير مسارها السياسي وأولويات اهتمامها من العداء نحو المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي باعتباره عدوهم الوطني والقومي، إلى اختلاق أعداء آخرين يختلف معهم العرب في العديد من العناوين والقضايا والاهتمامات والمصالح، ولكن خلافاتها لا تصل لمستوى أن تكون عدواً مماثلاً كما هو المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي.
فشل توجهات سياسة ترامب، ومحاولة فرضها على العرب والمسلمين، بعد سلسلة القرارات الصادرة عن وزراء الخارجية العرب يوم 8/12/2017، رداً على قرار ترامب بشأن القدس يوم 6/12/2017، والقمة الإسلامية الطارئة في إسطنبول يوم 13/12/2017، واجتماع اتحاد البرلمان العربي في الرباط يوم 18/12/2017، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 23/12/2017، تدلل جميعها على مدى انحياز أغلبية المجتمع الدولي نحو فلسطين ورفضها لمجمل سياسات المستعمرة الإسرائيلية التوسعية والاستيطانية والتهويدية وأسرلة فلسطين.
الولايات المتحدة لم تيأس، وتواصل العمل من أجل دعم حليفها المدلل المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، بعد أن أخفقت نسبياً في تغيير مسارات البلدان العربية والإسلامية، فتسعى الآن لعقد قمة في وارسو بولندا يومي 13 و 14 شباط فبراير المقبل مماثلة لقمة الرياض 2017، ولكنها لن تقتصر على مشاركة الولايات المتحدة والبلدان الإسلامية بل تتسع لتشمل بلداناً أخرى بما فيها المستعمرة الإسرائيلية وحوالي سبعين دولة.
اجتماع البحر الميت التشاوري اليوم الذي يضم مصر والسعودية والكويت والإمارات والبحرين والأردن على مستوى وزراء الخارجية يهدف للتوصل إلى تفاهمات مشتركة بين الأطراف المشاركة لبلورة مواقف واقعية مشتركة على قاعدة القواسم التي تجمعهم، لمواجهة الضغوط الأميركية، والدفع باتجاه الحفاظ على الحقوق والمصالح العربية، خاصة باتجاه العدو الإسرائيلي، وكذلك التوصل إلى موقف موحد نحو التعامل مع سوريا على أبواب انعقاد القمة العربية في تونس مع نهاية شهر آذار، وقضيتي اليمن وليبيا وغيرهما من القضايا ذات الاهتمام.