د.محمد طالب عبيدات
تشرّفت بأن أكون محاضراً ومحاوراً بموضوع الشخصية الوطنية الأردنية في كلية الدفاع الوطني الملكية الأردنية، هذا الصرح العسكري الأكاديمي المتميّز الذي يحوي إلى جانب كلية الحرب الملكية الدارسين لدرجتي الماجستير والبكالوريوس في العلوم العسكرية، إذ يضم طلبة عسكريين ومدنيين من الأردن والضيوف من دول شقيقة وصديقة، ويشرف على ذلك لجان توجيه يشار لها بالبنان في تنوّع الخبرات وشموليتها لغايات تأهيل قادة عسكريين من الطراز الرفيع:
1. طبيعة المحاضرات والحوار في كلية الدفاع الوطني الملكية الأردنية لها لون وطعم ورائحة مختلفة جداً من حيث المحتوى والحضور والطبيعة، فالمحاور وطنية بإمتياز والمحاورون عميقون والطلبة أذكياء وقيادات والبيئة أرضية إنتمائها صلبة وسقف حوارها يطاول عنان السماء.
2. لغة الحوار في الكلية من النوع الوطني المسؤول لصالح الوطن الأشم ويصبّ في تأطير مستقبل الوطن ضمن أهداف الدولة الأردنية وقيادتنا الهاشمية، فالحوار يُعزّز روحية المواطنة الصالحة والمسؤولة، والمداخلات النوعية تثري الحوار وتجعله قيمة وطنية يُبنى عليها لصالح بناء قيادات متطوّرة تمتلك روحية الإنتظام العسكري وآليات التنمية السياسية المدنية على السواء.
3. تنوّع وشمولية البرامجية وإختيار فسيفساء وطنية للمحاورين تجعل من مخرجات التعليم في الكلية قيمة مُصانة لغايات تجويد المهارات التي يمتلكها الدارسون ليكونوا قادة بالفعل ومدرسة في الحوار وجامعة في الشخصية والأخلاقيات.
4. نحتاج اليوم لبناء الشخصية الوطنية من خلال تبنّي نماذج للشخصيات التاريخية ونماذج قادة الفتوحات والبطولات، ونماذج أصحاب الأخلاق والقيم والمبادىء الحميدة للقادة، ونماذج العلماء والفقهاء والعقيدة الدينية، والبناء على دور المنابر الدينية والشبابية والتعليمية والثقافية والإعلامية، وتكاملية العلاقة بين الوطنية والقومية والديمقراطية.
5. نحتاج للبناء على مقوّمات بناء الشخصية الوطنية من خلال التمسّك باللغة والهوية الوطنية والدين والديمقراطية والثقافة والتاريخ والجغرافيا، وتأكيد دور المؤسسات التعليمية والإجتماعية من مدارس وجامعات وأسر إجتماعية لبناء الشخصية الوطنية، كما أن المؤسسات الحزبية والسياسية والثقافية ومنظمات المجتمع المدني تُشكّل رديفاً داعماً لذلك، ومنظومة الأخلاقيات والقيم الدينية والحضارية تشكّل أطاراً ومنهجاً لها، إذ أن المخزون الثقافي والفكري يُشكّل ملامح شخصية وهوية وطنية جامعة.
6. تتشكّل الشخصية الوطنية من خلال فهم التاريخ والموروث الحضاري والقيمي والإجتماعي والثقافي والعادات والتقاليد والفن والتراث والوحدة الوطنية والمواطنة وغيرها، وكذلك البناء على ثوابت الدولة والنهضة العربية والإسلامية وحالة الوسطية والإعتدال ونبذ التطرّف.
7. الوطنية إطار جامع للشعب الواحد من كل أبناء الديانات والمذاهب والأعراق في الوطن الواحد، والقومية العربية هي الإنتماء الواحد للثقافة العربية في الإطار الأوسع الجامع للشعب العربي الواحد على امتداد الوطن العربي من الخليج العربي إلى المحيط، والعقيدة الدينية تجمع أبناء الدولة الواحدة وجميع العرب وجميع المؤمنين بها على امتداد الوطن الواحد والأمة الواحدة.
8. تُشكّل ثقافة العروبة الإطار الجامع لكل العقائد والأيديولوجيات وتمثّل حلاً لمسألة الأقليات الدينية، وبينما تشكل ثقافة الإسلام الإطار الجامع لكل الإثنيات ولكل المذاهب الدينية، كما تمثل في الوقت نفسه حلاً لمسألة الأقليات القومية، والثقافة العربية والإسلامية معاً تمثلان الحل الديمقراطي الأمثل لمثل هذه المشاكل السياسية المتعددة والمتوترة في الوطن العربي.
9. الشخصية الوطنية لا يختلف على تصنيفها أحد لأنها دوماً في خندق الوطن وسجلّها وطني مُشرّف، وتعارض السياسات وليس الثوابت، وتبنى على الإيجابيات وتسعى لتصويب السلبيات، وتعمل للوطن وفي خندق الوطن وليس للمصالح الشخصية، ولا تساوم على المبادىء الوطنية، ومع الوحدة الوطنية الجامعة للنسيج الإجتماعي الوطني، ولا تنسلخ عن عاداتنا وتقاليدنا وموروثنا الحضاري، وتشكّل قدوة ونموذجا للأجيال وتشارك بكل المناسبات الإجتماعية وتُعزّز الأخلاقيات والسلوك الإجتماعي.
10. علينا تسليط الضوء على الشخصيات الوطنية وسماتها من خلال المناهج المدرسية والجامعية والإعلام، كما على الدولة أن تختار شخصياتها العامة من الشخصيات الوطنية، وضرورة ترسيخ آليات تجعل الشخصيات الوطنية قدوات ومنارات للشباب تعكس ماضيها التليد والمشرق.
بصراحة: نحتاج اليوم لتعزيز الشخصيات الوطنية ودورها بالمجتمع لغايات أن نمضي بالوطن للأمام صوب المواءمة بين الأصالة والمعاصرة وتحقيق الأهداف الوطنية المتوخّاة في الألفية الثالثة، والتكاملية بين المؤسسات العسكرية والمدنية ضرورة لتحقيق ذلك، والدور الذي تقوم به كلية الدفاع الوطني الملكية الأردنية يعكس جزءاً من هذا الدور الطليعي الذي نعتز به.//