المها عيــــسى قراقـــع يكتب:الكتابة بين الجثث – قُبلة على جبين غزة في الذكرى ال 76 للنكبة الملك يستقبل وزير الدفاع السنغافوري انباء متضاربة عن مصير الرئيس الإيراني بعد حادث لمروحيته المستقلّة للانتخاب تُشرف على ورشة العمل الثالثة لتعزيز قُدُرات الأحزاب السياسية في إدارة الحملات الانتخابيّة قرارات مجلس الوزراء رغم التحذيرات، الدفاع المدني يستجيب لـ43 حادث غرق نجم عنها 19 وفاة الحسيني يرعى برنامج المحاكمات الصورية الأمم المتحدة: المعبر البحري ليس بديلا للممرات البرية في غزة الخريشة يدعو إلى الإنتخاب على أسس برامجية وليس شخصية الخريشة يدعو إلى الإنتخاب على أسس برامجية وليس شخصية المستشفى الميداني الأردني نابلس2 يجري العديد من العمليات 68 قتيلا ضحايا الفيضانات بأفغانستان "المدن والقرى" والمعهد العالمي للنمو الأخضر ينظمان ورشة عمل جنوب إفريقيا: ما يحدث في فلسطين فصل عنصري الاحتلال يرتكب مجازر في غزة تسفر عن 70 شهيدا و110 إصابات استشهاد فلسطيني برصاص الاحتلال شرقي القدس القوات المسلحة تنفذ 3 إنزالات جوية لمساعدات على جنوبي غزة السفارة الصينية في عمان تقييم ندوة الصداقة الصينية الأردنية الابتكار الرقمي في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مسيرة من أجل التنمية المستدامة
مقالات مختارة

ماذا لو قتل يونس قنديل؟

{clean_title}
الأنباط -

تكثف الأجهزة الأمنية المختصة جهودها لكشف ملابسات اختطاف وتعذيب أمين عام مؤسسة مؤمنون بلا حدود الدكتور يونس قنديل.
بمجرد التبليغ عن اختفاء قنديل مساء أول من أمس، استذكر كثيرون بقلق حادث اغتيال المرحوم ناهض حتر، بالنظر إلى تشابه المعطيات في الجريمتين. 
حملة كراهية وتحريض على وسائل التواصل الاجتماعي توجت بقرار توقيف المرحوم حتر، ثم الإفراج عنه، وتحويله للقضاء وسط تطمينات رسمية بعدم وجود خطر على حياته ليسقط برصاص أحد المتطرفين القتلة على أدراج قصر العدل.
مؤسسة مؤمنون بلا حدود تعرضت هي الأخرى لحملة تحريض بعد إعلان برنامج مؤتمرها في عمان، فقررت السلطات منع انعقاده. لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد، فقد تلقى منظمو المؤتمر سلسلة من التهديدات بالقتل عبر منصات التواصل الاجتماعي، وماطلت الجهات المختصة قبل أن تقبل شكواهم، ناهيك عن عدم الاكتراث بتوفير حماية لهم.
الحمد لله أن الأجهزة الأمنية تمكنت من العثور على قنديل حيا، قبل أن يلقى مصير حتر. بيد أن الحادث في سياقاته لا يقل خطورة عن سابقه؛ اختطاف وتعذيب وتهديد بالسلاح بسبب اختلاف في الاجتهادات الفكرية، ذلك كله يؤشر على الحالة  التي بلغها المجتمع، وعدم الاكتراث الرسمي بخطورة التهديد الذي تمثله الاتجاهات المتطرفة على ثقافة التنوع في بلدنا.
أوقع القضاء أشد عقوبة على مرتكب جريمة اغتيال ناهض حتر وهي الإعدام، لكن مؤسسات الدولة لم تأخذ على محمل الجد خطورة الفكر المتطرف الذي أنتج هذه النماذج، ولم تتحرك لحماية قيم الدولة التاريخية التي تواجه في الأثناء اختبارا حاسما تبدو نتيجته في غير صالحنا أبدا.
كل المؤشرات تفيد بأن التيار الديني المعتدل والمتسامح بدأ يخسر مكانته لصالح ثقافة التطرف والكراهية ورفض الآخر.إنها نمط جديد من الشعبوية المتزمتة دينيا وتمتد لتطال أصحاب الاتجاهات غير الدينية، تحفزها روح انقسام عميقة مسكونة بكل الهويات الفرعية. وتمثل مواقع التواصل الاجتماعي منصاتها الأشد فتكا وتأثيرا.
والأسوأ من ذلك قابلية مؤسسات الدولة للخضوع ومسايرة التيارات المتطرفة وتلبية طلباتها، وتنافس الساسة على الاستثمار في حقل الشعبوية المتزمتة لكسب التأييد دون أدنى اهتمام بالعواقب الوخيمة.
لم نتعلم الدرس من جريمة اغتيال حتر، لا بل إن الحكومات لم تتوقف عند ما جرى إطلاقا، فكل ما حصل بالنسبة لها كان مجرد حادثة عابرة طويت بقرار قضائي.
حادثة يونس قنديل جاءت لتذكرنا بأن الخطر ما يزال كامنا في أحشاء المجتمع، ويتحين الفرصة للتعبير عن نفسه بأكثر الأشكال وحشية، ما لم نتعامل بجدية مع حواضنه الفكرية وسردياته التي استوطنت العقول والقلوب.
لست من المتفائلين بصحوة وشيكة، العالم العربي برمته خسر معركة التنوير باستثناءات محدودة والقوى المهيمنة في الوقت الحالي غير مهيأة أبدا لخوض هذه المعركة الصعبة. المجتمعات دخلت في حالة غيبوبة، فقد انهكتها عقود طويلة من الاستبداد وتغييب العقل والمنطق، وهيمنة الفكر الطائفي والمذهبي والقبلي والاقتتال الأهلي بكل أشكاله الواقعية والافتراضية.
نحن جميعا في حالة اقتتال، وكان يمكن ليونس قنديل أن يلقى مصيره بقليل من الضجة لعدة أيام وبعدها نعود لحياتنا كما كانت وستبقى.