الدكتور ابو غزالة: " الشبكة العربية للإبداع والابتكار، مستقبل أمة.. " أورنج الأردن تشارك في ملتقى "تعزيز مشاركة المرأة ذات الإعاقة اقتصادياً في القطاع الخاص" حالة الطقس المتوقعة الخميس والجمعة الحياري: الاحترام الذي يتمتع به الأردن وقيادته شجعت حلف الناتو على فتح مكتب له في عمان الأمن: مقتل شخص طعنا في القويسمة بالعاصمة عمان “التعليم العالي” تطلق أولمبياد اللغة الإنجليزية العالمية للجامعات 2024 جيدكو و نهر الأردن توقعان 159 اتفاقية منح لمزارعين وزير ة الاستثمار تبحث مع سفيرة رواندا سبل التعاون في مجالات الاستثمار أبو السمن يتفقد عددا من مواقع العمل في محافظة البلقاء هل قناة" المملكة" إضافة للإعلام الأردني؟ وزير الداخلية يزور المعهد المروري الأردني المنطقة العسكرية الشمالية تحبط محاولة تهريب مواد مخدرة ورشة عمل عن حقوق الإنسان في الأردن والدور الأمني لحمايتها متخذ القرار والوضع الإقتصادي... 54 شهيدا بثلاث مجازر يرتكبها الاحتلال بقطاع غزة خلال يوم ارتفاع أسعار النفط عالميا المنتخب الوطني لكرة القدم بالمركز 68 عالميا مهرجان جرش ينظم ملتقى الفن التشكيلي دعما لأهالي قطاع غزة أستراليا: أي بديل عن حل الدولتين غير مقبول الأشغال تباشر العمل بمشروع صيانة وتعبيد طريق المدورة - معان
كتّاب الأنباط

حائط المبكى البشري وتراتيل عمان وبيت جالا

{clean_title}
الأنباط -


بين عذوبة سلامة وجسارة الحمارنة

حائط المبكى البشري وتراتيل عمان وبيت جالا

كتب : عمر كلاب

" الى احمد سلامة ومصطفى الحمارنة على ما بينهما من قِطَع وتقاطع وقطيعة "

منذ ان أغفلت شيطان حرف البوح واستبدلته بحرف السياسة في الكتابة , لم اجدني ,   إلى ان حضرت محاضرة الطاهر المصري فكتبت بما يشبه البوح في السياسة , وأذعنت لشرط الحرف الاول , بأنه جزء من الروح التي تختفي وتعود وفق منطق الاديان والفلسفات كلها , سواء عادت الى الجسد او حلّت في كائن تستحقه حسب افعالها قبل الرحيل .

في مسيرة الحياة التي قطعت النصف الاول من عقدها الخامس , لا بد من الوقوف اجباريا عند محطات بشرية , القتها الحياة في دربي صدفة او عنوة , او اخترتها انا طوعا , ولعل ثنائي احمد سلامة ومصطفى الحمارنة , صادفته عنوة تحولت الى اذعان برغبة لهذه العلاقة مع روحين اقرب الى التلاصق رغم الجفاء العلائقي والمكاني , فكل واحد منهما قادر على الطغيان على المكان والحضور , وكلاهما يمتلكان روحا عذبة وطرافة ناضجة مثل عنقود عنب , فيحولان الكلام الى نبيذ معتق فيه سَكَر وفيه كثير إدمان , وهذا ما قصدته بالقِطَع , فكل منهما له ذائقة خاصة وخالصة , وحال اجتماع الذائقتين , فلا تنافر او تضاد , فأرواحهما عذبة وحرفهما جميل وكرمهما فائض عن حاجة الجلسة او الدعوة .

مصطفى ابن بيت جالا شبابا وابن المدينة العتيقة مادبا كهلا , جمع من كل الفسيفساء , فكانت روحه متقدّة وان اخفت بعض تراتيل الكنيسة داخل يسارية اوروبية , وانتماء وقور كإنتماء الفلاحين لحقولهم , ولذا يأكل مما يزرع فكرا وطعاما , مع اشرافة على العالم وفكره , وأتجاسر اكثر واقول ان فيه فلسطينية بأعلى مما تطلب الاردنية , وفيه اردنية أعلى مما تتطلبه اللحظة المحلية , على عكس احمد , الذي كان اردنيا تسكنه قريته بدّيا , حيث بداية الخليقة كما تقول بعض الروايات وكما يقول احمد , لكنه انحاز الى اردنيته على حساب فلسطينيته , واتجاسر اكثر واستأنس برأي المرحوم فهد الفانك , الذي قال ان احمد ينتمي الى الهاشمية فكرا ونهجا واقول أنا , دون الإستعاذة من إسم الاشارة , ان الجغرافيا برمتها ساقطة في فكر احمد لصالح الفكرة - اي الهاشمية - , فهو اختار الانحياز الى الفكرة على حساب الجغرافيا في انصهار الهاشمية الفكرة مع الجغرافيا الاردنية لتكوين الدولة .

بعد توطئة القطع بسرعة وجسارة , ألج الى التقاطع , وهي تقاطعات كثيرة , وابدأ من ذات عتب رقيق بين الرجلين انتهى بأن بكى احمد كطفل على صدر مصطفى الذي ابتلت لحيته من الدموع , وانطلقا في عتاب رقيق , كنت ثالثهما , فرأيت اطفالا على مشارف الكهولة , و شبابا على ضفاف المراهقة , لحظات كان احمد يترنم بقصيدة وكانت ادوات المطبخ عند مصطفى تعزف اشهى الاطباق , لكن الوقوف بوادي السير اجباري رغم ان الجلسة كانت في تلاع العلي , قال كل منهما ما فعله لاصدقاء , ذلك بات وزيرا وآخر اصبح رئيسا للوزراء , وللانصاف فقد شهدت جلسات عتاب مع المذكورين ممن حفلوا بالمنصب فلم ينكروا ذلك , بل وابدوا امتنانا للرجلين , وإن كان احمد اكثر شراسة في الخصومة من مصطفى وفي التأنيب ايضا , حد الوصول الى " المُعايرة " كما يقول اهلنا , ومصطفى اشرس في التحليل وفي النقد وفي الولوج الى جوانيّة الفريسة , قبل نهشها نقدا وتحليلا .

في بيت مصطفى عرفت كثيرا من المسؤولين , وفي بيت احمد ومزرعته عرفت أكثر , وربما واجب عليّ في هذا الباب , استذكار فضل عبد الله العتوم اطال الله عمره وفضلٌ اقل للمرحوم الحاج محمود سعيد الذي نتفيأ ذكرى وفاته العاشرة كما ذكرني  صبري اربيحات قبل سويعات , الضلع الثالث في سردية احمد ومصطفى , لكنه مثلي بقي يرنو بعين الى مادبا وعين على الدوار الثاني , ورأيت جراءة الرجلين في الحديث وقسوتهما ايضا عندما يتعلق الامر بالاردن والهاشمية , وجسارتهما على رجالات المقر السامي واطفال الانابيب في الحكومة ممن كانت نطفتهم الاولى في الديوان وولادتهم في الحكومة , سطوة لا يسكت عليها الا مُقرٌ بمضمون احاديثهم , ولا يحتملها الا من كانت يده السُفلى في العلاقة .

رأيت كل المسؤولين في العقدين الاخيرين في بيوتهم , قبل المسؤولية او قبل العودة اليها بدعم لوجستي من مصطفى او من أحمد , ثم شهدت انقطاعهم عنهم وهم على المقاعد الوثيرة , قبل ان يعودوا اليهم بعد الخروج من المنصب , شاكين باكين , ولذلك اخترت ان اكتب عن حائط المبكى البشري الذي صنعه مصطفى واحمد , وللاسف معظم البكائيات تحولت الى لطميات تعود وتختفي ويبقى سلوك المسؤولين هو هو , ويبقى حائط المبكى على استعداده لاستقبال الراغبين في البكاء والاستغفار من ذنب القطيعة المتكرر دون ان يتعلم احمد او مصطفى , بل دون ان يخالجهما ادنى شعور بالتغيير , استوقفتني الحالة للكتابة , فأسرّيت الى صبري بذلك , وهو اكثر العقول قدرة على تفكيك المستوى الاجتماعي , قال ان هذا الامر طبيعي , فحجم الهوة شاسع بين السلطة والناس وبين القرار الرسمي والناس , لذلك لا يستطيع الجالس على مقعد المسؤولية الاستماع الا الى صوتين , صوت السلطة وصدى صوتها , فيغادروننا الى مجاهيل القرار , ثم يعودون بعد الانعتاق مِن اصفاد الموقع .

بالعادة تحليلات صبري لا تخلو من غواية البداية ومرارة السخرية في النهاية , لكنها صادمة بكل المعايير وفيها جسارة الفلاح وخباثة البدوي ودهاء الشرطي وصبري خليط من كل ذلك , مع حرص زائد عن صديقيه , اوجبته الغربة في بلاد الملح والغاز المتطاير , فهو قادر على اختلاس الاعتراف , وماهر في استحضار الغائب من النص او التحليل وراغب في تطويعه لغاياته واهدافه الخبيثة حينا والنبيلة احايين , لكنه وبثقافة الشرطي وعقله , يقف بانتظار الحادثة او الواقعة , ولا يستخدم الا نادرا ثقافة الردع , مع عظيم مخزونه من الحيطة والتحوط , وامعانا في ذلك عكف على انتاج سنسلة حجرية حول بيته في دير القمر ولم يلجأ الى بناء السور التقليدي , فالسنسلة تحمي وتكشف القادم عكس السور الذي يحمي فقط ولمن لا يعرف السنسلة هي بناء طولي من الحجارة حول الارض المملوكة مع استخدام الاسمنت بأضيق الحدود , فهي متماسكة بذاتها ولذاتها .

هل استرسلت في ثنائية القِطَع والتقاطع هربا من اكمال الثالوث بالولوج الى القطيعة , نعم او ربما , فما بين الرجلين اكبر من دخول ثالث حتى لو كان قريبا كما اعتقد وافترض , فهاتفي الصباحي مع مصطفى واحمد جزء لا يتجزأ من اغلب الايام , بل هم قهوة الصباح الطازجة وبسمة اليوم من بدايته وشهوة التحليل الجسور , ام انه تواطؤ مني على بقاء القطيعة لتعظيم الفائدة الناجمة عن الاختلاف ولا اقول الخلاف , معاذ الله , فقد باءت محاولات عديدة بالفشل وسابقى على وعد المحاولة , لكني أهمس في أذنيهما على هيئة سؤال لحوح , كيف باض الغراب على الكلمات وأطلق افخاذه للقطيعة ؟ كيف اعتنقتم سلاح الفراق ؟ .

صديقاي , وجوهنا تجعدّت وباتت مثل بسكوتة مغموسة في الشاي , ولم يبق في العمر متّسع لرثائية ولطمية , ولقاء على حافة قبر جاف وبارد ومظلم , وبكاء على وقت مضى في الخصومة , وتملكان من الجسارة والجراءة ما يفيض عن حاجة القبيلة , وعن طموحات المستثمرين في القطيعة , فهل تفعلان , ادعو الله صادقا ان تفعلا .//