البث المباشر
بحث فرص استثمارية متاحة في الأردن مع شركة هندية الملك يهنئ بالعيد الوطني لدولة قطر "الآثار النيابية" تبحث خطة لتعزيز القطاع السياحي صندوق "نافس" يعقد ورشة تعريفية في غرفة صناعة الزرقاء ويوقّع مذكرة تفاهم مع الجامعة الهاشمية "زين الأردن" تحصد جائزة بيئة العمل الشاملة للمرأة العيسوي ينقل تعازي الملك وولي العهد إلى عشائر أبو سلمى وطاس وهاكوز الملك يهنئ المسيحيين في الأردن وفلسطين والعالم بالأعياد المجيدة القوات المسلحة تبدأ بإجراء الفحوصات الطبية للمكلفين بخدمة العلم الانتهازيون الجدد… حين تزدهر الجيوب ويجوع الوطن رئيس الوزراء يلتقي الأمين العام لجامعة الدول العربية "فلسطين النيابية" تلتقي أعضاء بالمجلس الوطني الفلسطيني رئيس ملتقى النشامى في إيطاليا خالد البلاونه ينعى سليمان الرموني البنك الأردني الكويتي وماستركارد يعلنان عن تعاون استراتيجي لتعزيز الابتكار في منظومة المدفوعات الرقمية في الأردن روسيا تسمح للمسلم بالزواج من 4 نساء سلامي يؤكد جاهزية النشامى لمواجهة المغرب في نهائي كأس العرب 2025 بورصة عمان تغلق تداولاتها على ارتفاع توقيع اتفاقيتي توسعة محطة السمرا وتعزيز مصادر المياه في وادي الأردن بـ46 مليون دولار هيئة تنظيم قطاع الاتصالات تستقبل الفريق الوطني لتقييم الثقافة المؤسسية وزير العمل: الحوار الوطني حول تعديلات الضمان الاجتماعي ينطلق الأسبوع المقبل بقيادة الاقتصادي والاجتماعي أورنج الأردن تدعم جايفكس 2025 وتبرز ريادتها في قطاع اللوجستيات

حادثة الإطفاء الكهربائي في اوروبا - تحديات الأنظمة الكهربائية .

حادثة الإطفاء الكهربائي في اوروبا - تحديات الأنظمة الكهربائية
الأنباط -

ضجّت الصحف ووسائل الإعلام ظهيرة يوم الاثنين 28 نيسان 2025 بخبر الانقطاع الواسع والمفاجئ للتيار الكهربائي الذي شهدته إسبانيا والبرتغال وأجزاء من فرنسا، في انقطاع وصف بأنه الأسوأ في تاريخ أوروبا، حيث طال أكثر من خمسين مليون شخص وشلّ مختلف قطاعات الحياة.
ورغم وجود شبكات ربط كهربائي واسعة بين الدول الأوروبية، استغرق إعادة 60% من التيار الكهربائي أكثر من تسع ساعات في إسبانيا، بينما تطلب الأمر الى حوالي عشرين ساعة لإعادة الكهرباء بالكامل.
هذا الحدث لم يمر مرور الكرام على أي مهتم بقطاع الطاقة؛ وقد أعاد إلى ذاكرتي، كمدير عام سابق لشركة الكهرباء الوطنية ما واجهناه يوم الجمعه 21 أيار 2021، حين تعرضت المملكة لانقطاع كهربائي شامل –لا أعادة الله-.
توليت مع زملائي المهندسين والفنيين إدارة تلك الحادثة لحظة بلحظة وبمتابعه لصيقه من قبل الحكومه تمكّنا من إعادة بناء المنظومة الكهربائية في وقت تراوح بين ساعتين ونصف وخمس ساعات، رغم غياب شبكات ربط كهربائي متعددة كالتي تمتلكها أوروبا. لقد كان ذلك الإنجاز وفقاً للمعايير العالمية استجابة فعالة في ظرف استثنائي.
وبمتابعة ما يجري في أوروبا حول هذا الانقطاع ورغم أن التحقيقات ما تزال جارية لتحديد الاسباب التي أدت للانقطاع الكهربائي ، إلا أن المعطيات الفنية المتاحة تشير بوضوح إلى تداخل عدة أسباب أدت بالنهاية الى انهيار للمنظومه الكهربائيه إلا أنني أرجح أن يكون السبب المباشر الأولي الذي أدى إلى هذه التداعيات ظاهرة كهربائية تحدث على خطوط الربط أدت إلى تذبذب عالي وعدم استقرار في تردد الشبكه مع عدم القدرة للسيطرة عليه، تبعه توقف تدريجي وتلقائي للمنظومة لحماية مكوناتها من الاضرار الميكانيكية البالغة.
هذه الظواهر، سواء في أوروبا أو في منطقتنا، تكشف أن التردد ليس مجرد رقم تقني، بل هو "نبض" الشبكة. وكلما تسارع هذا النبض أو تباطأ خارج الحدود المسموح بها، أصيبت المنظومة بالشلل. فاستقرارية اي شبكة كهربائية محكومة بالسيطرة على تردد وجهد هذه الشبكه .

من المفارقات المثيرة للتأمل أن تكون شبكات الربط الكهربائي، التي نُشيد بها دوماً كأداة استقرار وتكامل، أحد الأسباب في اتساع نطاق الانقطاع الأخير في أوروبا. هذا لا يقلل من أهمية الربط الكهربائي، لكن يسلط الضوء على الحاجة إلى تطبيق الربط وفق قواعد صارمة، وآليات حماية متبادلة، وتنسيق بشري لحظي، يضمن ألا يدفع أحد الشركاء الثمن وحده عند وقوع الخلل.من ناحية اخرى و
بحسب اتحاد شركات الكهرباء الأوروبية (Eurelectric)، فإن الاستثمار في البنية التحتية للشبكات لا يجاري التحول السريع نحو مصادر الطاقة المتجددة( المتذبذبة بحكم طبيعتها) وهذا يشكل خطراً متزايداً على موثوقية الأنظمة.
هذا التحدي نعرفه جيداً في الأردن. فعلى الرغم من أن الأردن يُعد من الدول الرائدة إقليمياً في اعتماد الطاقة الشمسية والرياح، إلا أنه لا يكفي أن نتعامل معها كطاقة غير تقليدية من حيث مصدرها وسعرها فحسب بل أيضاً في سلوكها الشبكي وتكلفة ومتطلبات دمجها ضمن منظومة مستقرة، وما هي الجرعة المناسبة منها لتكون منسجمة مع حجم النظام الكهربائي خصوصا اذا ما كان شبه معزول اي غير مدعوم بخطوط ربط مع أنظمة كهربائية اخرى . وهي الدعوة التي تلاقي –للأسف_ مهاجمة وتعامل على أنها مناهضة للطاقة البديلة والمتجددة.
وسواء كنا في مدريد أو عمّان، تبقى الشبكات عرضة للاختلالات، ولا تكفي التقنيات المتقدمة لمنع الانقطاعات ما لم تُرافق ببنية مرنة تحتوي على خليط منوع يحاكي منحنى الحمل الكهربائي والنمط الاستهلاكي للقطاعات المختلفه بالاضافه الى المراجعه الدورية لجميع الخطط والدراسات المتعلقة باستقرارية النظام الكهربائي والتي يعرفها المختصون في تشغيل الأنظمة الكهربائية.
 
ورغم قسوة الانقطاع الذي شهده الأردن – لا أعاده الله – لم نتعامل معه كأزمة فحسب، بل اعتبرناه فرصة لإعادة تقييم جذرية للمنظومة، واستخلاص الدروس، وتعزيز تراكم الخبرات المؤسسية.
 
وبناءً على ذلك، قمنا بتنفيذ سلسلة من الإجراءات الفعالة، شملت تحديث أنظمة الحماية، ورفع كفاءة التحكم في الوحدات التوليدية، وتطوير منظومة متكاملة للاستجابة الطارئة. كما دفعنا باتجاه تنفيذ مشروع تخزين الطاقة بواسطة ضخ المياه على سد الموجب، وواصلنا المتابعة الحثيثة لتعزيز الربط الكهربائي مع دول الجوار.
 
إضافة إلى ذلك، حرصنا على تقديم تقارير شفافة إلى الحكومة والرأي العام، وتحويل التجربة إلى مادة من تدريبية وفرصة للتطوير ، انطلاقاً من قناعة راسخة بأن بناء الثقة لا يتحقق بالتبرير، بل بالفعل والمكاشفة . وتبقى
التحديات مستمرة مع استمرار الحياة وهذا هو سر جمالها والعبرة في المواكبة والتطوير ، حمى الله الاردن وجعلة دائما منارا عزيزا شامخا.

المهندس امجد الرواشدة
المدير العام السابق لشركة الكهرباء الوطنية

© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير