مستو: الأردن يوقف تشغيل رحلاته الجوية إلى مطار معيتيقة في طرابلس ‎اللحام نائبا لرئيس الاتحاد العربي للنقل البري الدعم الأردني لغزة: بين الالتزام الإخوي والثبات السياسي اللواء المعايطة يلتقي مدير الدفاع المدني الفلسطيني بلدية إربد الكبرى تؤكد دعمها للأنشطة المفيدة للمدينة افتتاح جدارية حكايا عمان في مدرسة كفر جايز بإربد 15 شهيدا بمجزرة إسرائيلية على مسجد وعيادة في جباليا الأردن يشارك في منتدى قازان 2025 القطاع الصناعي: رفع العقوبات عن سوريا ينعكس على مبادلات المملكة التجارية مذكرة تفاهم بين الوطني لشؤون الأسرة والإحصاءات العامة 63.9 دينار سعر الذهب عيار 21 بالسوق المحلية وزير الشباب يرعى حفل تكريم الفائزين في مسابقة "اقرأ وارتقِ" بدورتها الخامسة الجامعة العربية تدين رفض إسرائيل الانصياع لوقف إطلاق النار بغزة بورصة عمان تغلق تداولاتها على ارتفاع وفد إعلامي ألماني يزور مدينة البترا ويطلع على مقوماتها السياحية انطلاق سباق السرعة الأول بمشاركة 53 سائقا من الأردن وفلسطين غدا الاحتلال يعتقل 17 ألف فلسطيني في الضفة منذ بدء العدوان على غزة محلي ومحبوب… ويصلك حتى باب منزلك: تسع محلات قهوة مميزة على كريم "المياه" تواصل محاضرات التوعية المائية في مدارس المملكة البطاينة يتفقد سير العمل بمشروع إنشاء محطة تحويل الريشة 400/132 ك.ف

ليست مجرد هتافات تضامنية

ليست مجرد هتافات تضامنية
الأنباط -

حاتم النعيمات

يحق لك في الأردن أن تنتقد الأداء الحكومي، لأن الحكومات بطبيعتها هي المسؤولة دستوريًا وبشكل حصري عن ممارسة السياسة والإدارة والتنفيذ، وهي أيضًا التي تملك المؤسسات والأدوات والوسائل التي تمكنها من الرد والبيان والشرح، لذلك فالحكومات مهيأة بطبيعتها للنقاش والاستجابة، وهي ببساطة تستمد شرعيتها من الشعب عبر ثقة البرلمان كما في الأردن.

لكن قد يعود البعض للحديث عن فكرة الولاية العامة وتفاصيلها وانعكاس مستواها على قوة الحكومات أو ضعفها. والجواب هنا بسيط وتجريدي، وهو أن التوزير في الأردن إيجاب وقبول، ولا يُجبر أيُّ شخصٍ على أن يكون وزيرًا، لذلك بمجرد أداء القَسَم أمام جلالة الملك يُعلن الوزير بذلك قبوله بتحمُّل وِزر قطاع معين مع علمه المسبق بتفاصيل هذا القطاع، بالتالي ضعف الوزير أو قوته لا يعني بأي حالٍ من الأحوال توجيه النقد/ أو الثناء لأي جهة أخرى غير الحكومة في الدولة. فهذا الوزير مطالبٌ بالتفاعل مع كل الآراء التي تعتبر جزءًا من عمله الذي أقسم عليه.

وليعذرني القارئ على هذه المقدمة من الكلام البديهي، فالقصد منها هو التأسيس لمرجع لقياس ما يحدث على الساحة السياسية اليوم بقدرٍ معقول من الدقة.

اعتدنا في الأردن على أن الأجهزة العسكرية ليست طرفًا في أي نقاش سياسي على الإطلاق، لأنها ببساطة أجهزة مهنية تنفذ سياسات الحكومة، لذلك لن تجد أي أردني وطني يقبل أن توضع هذه الأجهزة على طاولة السياسة مهما كان، لأن مسار حركة النقاش السياسي يجب أن يكون مقتصرًا على دائرة الشعب (أو البرلمان) والحكومة كما ذكرت سابقًا. دعك من شجون وتجليات علاقة الأردنيين مع جيشهم وأجهزتهم الأمنية، فلا أريد الخوض فيها -على أهميتها- لأنني أريد فقط أن أفنِّد مخططات تستهدف المؤسسات العسكرية بمعيار اقتران المسؤولية مع الصلاحيات.

الجديد المُريب في المشهد هو محاولة أحزاب وجماعات فيما يسمى (ائتلاف دعم المقاومة) الزج بالمؤسستين العسكرية والأمنية في تفاصيل علاقتهم مع الحكومة على أساس أن هاتين المؤسستين مقصرتين من خلال منعهما لجحافل من الوصول إلى فلسطين وتحريرها!! (رغم أن الحكومة الأردنية لم توفِّر جهدًا لدعم صمود الأشقاء في فلسطين إنسانيًا وسياسيًا، لكني كما قلت سابقًا سأعتبر تقبل الحكومة للآراء والنقد جزءًا من عملها). أقصد أنه لا يوجد داعٍ بالمطلق لذكر الأجهزة العسكرية في الهتافات والشعارات التي يرددها عناصر هذا الائتلاف، مع العلم أن المؤسسة العسكرية لوحدها نفذت مئات الانزالات الجوية الإغاثية، وتدير الكثير من المستشفيات الميدانية في غزة والضفة، وساهمت بشكل كبير في التخفيف عن الذين بُترت أطرافهن عبر مبادرة الأطراف الصناعية، وسعت أيضًا لاستدامة تزويد القطاع بالخبز عن طريق تأمين مخبز متنقل.

سُنَّة التعرُّض للجيش والمخابرات في خضم العمل السياسي ليست أردنية إطلاقًا، بل هي مستوردة وظهر أول أعراضها وقتما أصابتنا عدوى الربيع العربي عام 2011، وها هي تعود للظهور بكثافة بعد السابع من أكتوبر. وأقول إن هذه السُّنَّة مستوردة لأنها انعكاس للسيرة الذاتية لتلك الأحزاب ذات الأيديولوجيا العابرة للحدود التي يتكوَّن منها (ائتلاف دعم المقاومة)، أقصد أن مرجعيات هذه الأحزاب في دول الربيع العربي خاضت معارك مع المؤسسات العسكرية والأمنية وتريد، بناءً على ذلك، تطبيق هذا النموذج في الأردن.

لنكن صريحين أكثر ونتفق أن نقد الحكومات مباح لأنه يكون (في الغالب) بنية تحسين الأداء وتعزيز البناء، لكن نقد الجيش والأجهزة الأمنية لا يمكن أخذه -بالذات في الأردن- إلا في سياق السعي لهدم الدولة وإسقاطها، فمحاولة تهشيم صورة هذه المؤسسات في الذهنية العامة لا يمكن اعتباره عملًا سياسيًا، بل هو عمل يُمهِّد للفوضى.

إعادة تقييم الأمور في السياسة مهم جدًا، لذلك أتمنى من الحكومة الأردنية إعادة تقييم الخارطة السياسية، والأخذ بالاعتبار أن حركة الشارع لا تخلو من التبعية للخارج، وأن انتظار مآلات المشهد الخارجي للتعامل مع الداخلي قد تتسبب بخسائر كبيرة في علاقة "الدولة” مع المواطن، ولا يوجد من يستطيع أن يُنكر أن وجودنا في هذه المنطقة يحتاج لأكبر مستوىً من الرضا الشعبي، بل إن رضا فرد واحد قد يحدث فرقًا في معادلة المستقبل الخطيرة؛ فالقادم في المنطقة غير مضمون، والتجارب المحيطة بنا تقول ببساطة إن التهاون مع هذه الجماعات والتيارات التي تملك شعبية غير مكلفة فكريًا (يمكنها استعادة شعبيتها بالعاطفة بسهولة) قد يؤدي إلى ما لا نريد التعامل معه.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير