البث المباشر
ماسك ينشر قائمة الدول الأكثر توقيفا لمعلقين على الإنترنت البطاينة يظفر بالميدالية الذهبية في بطولة سنغافورة للسكواش تحت سن 17 عمان الأهلية تُوقّع اتفاقية تعاون مع شركة (Codemint) لتطوير مخرجات التعلم الأميرة سمية بنت الحسن تكرّم عمّان الأهلية لتميّزها في دعم الريادة والابتكار المغرب: 7 قتلى و20 مصابا جراء فيضانات مفاجئة ارتفاع أسعار الذهب والنفط عالميا البشير: نجاح عملية زراعة كلية نوعية رغم التحديات المناعية لمريضة تعاني فشلا كلويا مزمنا مصرع 17 شخصا وإصابة 20 في حادث حافلة مدرسية بكولومبيا اطروحة دكتوراة حول أثر التحول الرقمي على الميزة التنافسية للشركات الاردنية "مكافحة المخدرات" تلقي القبض على عصابة إقليمية لتهريب المخدرات وتضبط بحوزتهم 270 كف حشيش وسلاحاً نارياً أوتوماتيكياً منخفض جوي مساء اليوم وطقس بارد وماطر محادثات برلين الأمريكية–الأوكرانية تحقق تقدماً كبيراً تركيا: توقيف شخصين بتهمة ذبح الخيول وبيع لحومها في إسطنبول الارصاد :منخفض جوي يؤثر على المملكة وأمطار متوقعة وتحذيرات. هل يفعلها الرئيس؟ حادثة تدمر وتبعاتها على الحكومة السورية الانتقالية. حسين الجغبير يكتب : متى نتعلم الدرس جيدا؟ الاردن يدين هجوما استهدف قاعدة دعم لوجستي لقوات الأمم المتحدة بالسودان حوارية حول "تعزيز القيادة في ضوء الالتزامات الوطنية للقمة العالمية للإعاقة" قرارات مجلس الوزراء

الضمان بوصفه فلسفة دولة لا تُهزم رؤية فكرية في زمن اهتزاز الثقة

الضمان بوصفه فلسفة دولة لا تُهزم رؤية فكرية في زمن اهتزاز الثقة
الأنباط -
بقلم: د. عمّار محمد الرجوب

في زمنٍ تتكاثر فيه الضبابية، وتُشوَّه فيه الحقائق في عواصف الآراء وانفلات المنصات، تُولد الشكوك كما يُولد الخوف: بلا دليل، بلا أصل، فقط بدافع القلق من المجهول.
وفي خضم هذا القلق، تتسلّل بعض الأصوات، لا لتسأل بصدق، بل لتطعن في صمت. أصوات تنسج شبهات، لا على مؤسسات عابرة، بل على ما تبقى من جسور الثقة بين المواطن ونظامه الاجتماعي.

في قلب هذا السياق، تصدّر مشهد الجدل اسم مؤسسة الضمان الاجتماعي، عبر حملات إلكترونية ومقالات مبهمة، تدّعي تغييرات "خفية" تمسّ حقوق الأردنيين، وتروّج لفكرة أن تعديلات قد جرى تمريرها دون إعلان أو سند.

لكن الحقيقة – لا تلك التي تُلقى على العواهن، بل تلك التي تُبنى على وثائق ووقائع – تقول:
لا قانون جديد صدر. لا تعليمات تسللت من تحت الطاولة. لا قرار طُبّق في الظل.
ففي دولة تُحكم بقوة القانون، لا يمر تعديل دون نشرٍ صريح في الجريدة الرسمية، ولا يُقرّ بندٌ دون إعلانٍ واضح من الجهة المختصة، ولا تُنفَّذ خطوة إلا ضمن أطر الشرعية والشفافية.

الضمان الاجتماعي ليس جهازًا بيروقراطيًا جامدًا، ولا صندوقًا ماليًا فحسب، بل هو فلسفة أخلاقية للدولة الحديثة، تُترجم فكرة "أن لا يُترك أحد خلف الركب."
هو أحد أعمدة العقد الاجتماعي بين الدولة ومواطنيها، صمّام أمان للضعفاء، وسياج عادل لمن بلغ به التعب عتبة الشيخوخة أو المرض أو البطالة.
في لحظة العجز، يقف الضمان لا ليسأل: "من أنت؟"، بل ليقول: "أنا هنا."

الإدارة الحالية لهذه المؤسسة تُدار بوعيٍ قانونيّ وسياسيّ دقيق، تُراجع ملفاتها، وتُدقّق قراراتها، وتُخضع كل حالة لمعيار العدالة.
لا ترتجل. لا تخادع. لا تساوم على شرف مهنيّ أو وطني.

ولست أكتب من منبر الدفاع، ولا من باب التبرير، بل من موقع الإيمان الناضج بأن الضمان الاجتماعي هو منجز وطنيّ لا يليق أن يُستنزف في مهبّ الشائعات.
نحن لا ندافع عن مؤسسة فقط، بل عن فكرة… عن مبدأ… عن ضمير جماعيّ يرى أن كرامة الإنسان ليست امتيازًا، بل حقّ.

ولعلّنا نستعيد هنا ما قاله جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، في واحدة من أبرز محطات الرؤية الملكية:

"كرامة الإنسان الأردني فوق كل اعتبار، ولا نقبل المساس بها تحت أي ظرف."



هذا ليس شعارًا إنشائيًا، بل هو جوهر المشروع الوطنيّ، وهو ما يجسّده الضمان الاجتماعي في جوهر فلسفته وبنيته وممارسته اليومية.

فكم من أُمّ تحصّنت بدعم الأمومة حين استندت لمظلة القانون؟
وكم من متقاعد وجد في راتبه التقاعدي آخر حائط يسند شيخوخته؟
وكم من شابّ أُغلق في وجهه بابٌ، فكان الضمان بابًا آخر للكرامة؟
كلّ هؤلاء لا يكتبون مقالات، لكنهم شهودٌ حقيقيّون على أن هذه المؤسسة لا تزال تؤدي دورها الأخلاقيّ قبل الإداريّ.

نحن نعيش في منطقة تتهاوى فيها المؤسسات من حولنا، ليس لأن القوانين ضعيفة، بل لأن الرابط المقدّس بين المواطن ودولته تآكل بفعل الإهمال أو الانفصال.
فحافظوا على هذا الرابط. لا تفرّطوا فيه بكلمة عابرة أو تغريدة مأجورة.
الثقة لا تُمنح مجانًا، لكنها إذا تكسّرت، يصعب التئامها.

إلى من يقرأ الآن، وإلى من يستمع بقلبٍ مرتجف:

لا تغيير في القانون دون إعلان.

لا مساس بحقّ دون تشريع.

ولا مؤسسة بحجم الضمان تُدار إلا بنَفَسٍ وطنيّ مسؤول.


فلنُطفئ النار بالحقيقة، لا بالذعر.
ولنواجه الشائعة بالوعي، لا بالانسياق.
ولنصن هذا الكيان كما نصون أرواحنا، لأنه ليس مجرد مؤسسة...
بل هو ضمان وطن.

✒️ بقلم: د. عمّار محمد الرجوب
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير