أجواء صيفية اعتيادية تتحول تدريجيًا إلى أكثر حرارة نهاية الأسبوع نزاعات تطفأ.. وغزة تحترق: لماذا لا تُحل الحرب الأطول؟ كيف اتجهت الأسواق للارتفاعات القياسية وانخفض النفط بتهدئة شكلية؟ تنوع المصادر والتخزين.. ركيزتا الأمن الطاقي في مواجهة الأزمات بسبب صافرات الإنذار.. طلبة “التوجيهي” يفقدون التركيز علاقة إسرائيل بأمريكا: من توأم سيامي إلى توأم منفصل. إيران على أعتاب تحولات جذرية ارتفاع مؤشرات الأسهم الأميركية وانخفاض نفط تكساس بدء نفاذ سريان تطبيق احكام المادة 22/ 1 من قانون التنفيذ المعدل رقم 9 لسنة 2022 حسين الجغبير يكتب : هدوء مؤقت ما لم تنتهِ الحرب على غزة وزير الخارجية: مصلحة الأردن وأمنه أولوياتنا جلسة نقاشية في مادبا تؤكد دور التدريب المهني بتعزيز الكفاءات رئيس الوزراء يلتقي رئيسيّ مجلسيّ إدارتيّ التلفزيون ووكالة الأنباء الأردنيَّة "إرادة والوطني الإسلامي" تقيّم أعمالها وتحدد أولوياتها المقبلة بني مصطفى: الإستراتيجية الوطنية للحماية الإجتماعية المحدثة شملت تحسينات جوهرية تتعلّق بتوسيع نطاق التغطية للعاملين في القطاع غير الرسمي لجنة الخدمات والنقل النيابية تطلع على عمل وزارة الأشغال العامة والإسكان "الزراعة النيابية" تتابع قضايا القطاع وتؤكد: الحليب المجفف ممنوع في الألبان الطازجة القيادات المسيحية في الأردن وفلسطين تستنكر تفجير كنيسة بدمشق مندوبا عن الملك وولي العهد.. يعزي العيسوي عشائر المجالي والغزاوي ‏الصين :نتابع عن كثب تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط، ولا نريد رؤية تصعيد التوتر

د.عمار محمد الرجوب يكتب :هشاشة اليقين: حين تصبح الحقائق أوهامًا والسراب حقيقة

دعمار محمد الرجوب يكتب هشاشة اليقين حين تصبح الحقائق أوهامًا والسراب حقيقة
الأنباط -
هشاشة اليقين: حين تصبح الحقائق أوهامًا والسراب حقيقة

ليست الحقيقة سوى مرآة تتشظّى كلما حدّقنا فيها أكثر، وليست الأوهام إلا انعكاسًا لحقائق لم نمتلك الجرأة على إدراكها بعد. نحن لا نرى العالم كما هو، بل كما تبرمجت عقولنا على رؤيته، فنصنع يقينًا هشًّا، لا لشيء سوى لأن وعينا يرفض الفراغ. لكن ماذا لو كان الفراغ هو الحقيقة الوحيدة؟

إن الإنسان كائن يكره المجهول، لذا يخلق حقائقه بنفسه، يحيطها بأسوارٍ منطقية، يحرسها بالمسلمات، ويطمئن نفسه بأن ما يراه هو "الواقع". لكن، أي واقع؟ وأي يقين؟ ألم يكن يقين الأمس خرافة اليوم؟ ألَم تتحوّل المسلّمات التي قاتل البشر من أجلها إلى محض أوهام عند جيلٍ لاحق؟ هنا، في هذه المساحة المتذبذبة بين الإدراك والإنكار، يولد السراب.

السراب ليس كذبة، بل هو احتمالية أخرى للوجود، نسخة موازية للحقيقة، لكنها أكثر مرونة، أقل حدة، وأكثر قدرة على المراوغة. إنه أشبه بلعبة الضوء في أعماق الماء، حيث يتراءى لنا العمق سطحًا والسّطح قاعًا. كم منّا ركض خلف سرابٍ، وهو مقتنع بأنه يطارد يقينًا؟ وكم منّا ظنّ أنه أمسك بالحقيقة، ليكتشف أنها لم تكن سوى انعكاس آخر لأوهامه؟

لكنني لا أدعو هنا إلى العدمية، بل إلى الوعي بأن الحقيقة ليست حجرًا صلبًا، بل كيانٌ حيّ، يتغيّر ويتبدّل بقدر ما نجرؤ على التفكير. إن أعظم ما يمكن للإنسان أن يمتلكه هو القدرة على الشك، فليس العدو الحقيقي هو الجهل، بل وهم المعرفة.

في النهاية، الحقيقة مثل الماء، كلما قبضت عليها بيدٍ ثابتة، تسربت من بين أصابعك، بينما السراب مثل الريح، كلما طاردته، ابتعد أكثر. إذن، أيهما أكثر واقعية؟ الحقيقة التي تفرّ منك أم الوهم الذي يلاحقك؟ ربما، وربما فقط، نكون في النهاية مجرد كائنات تصنع يقينها لتنجو، ثم تهدمه لتبحث عن معنى جديد.

"الحقيقة وطن لا يُحمل في الجواز، والسراب جواز لا يُؤمَن على الوطن."

وما زلتُ، كما كنتُ، كائنًا يبحث عن أقنعة المعنى في زمنٍ تتساقط فيه الوجوه قبل الأقنعة.

بقلمي: 
د. عمّار محمد الرجوب
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير