الأنباط -
عمرو خصاونه
صلى الأردنيون يوم أمس صلاة الإستسقاء تضرعا إلى الله عز و جل بأن ينزل عليهم المطر، هذه الصلوات إن دلت على شيئ فهي تدل على أن الأردن و الأردنيين على فهم تام و دراسة بالواقع المائي الصعب الذي يعيشون فيه، حيث يعتبر الأردن من أفقر عشر دول في العالم من حيث مصادر الماء، و هذه الحقيقة تعطل على هذه الرقعة الجغرافية من العالم الكثير من الفرص و تفرض عليها الكثير من التحديات، حيث أن الماء يعتبر عنصر أساسي لنشاطات إقتصادية كثيرة و متنوعة و عدم توافره يؤدي إلى الحرمان منها، فما هي حقيقة الوضع المائي في الأردن، و ماذا على الأردن العمل حتى تحسينه و ما أثر التغير المناخي على وفرة الماء فيه.
يبلغ المتوسط السنوي العالمي لحصة الفرد من المياه العذبة المتجددة حوالي خمسمائة متر مكعب، أما في الأردن فهي واحد و ستين متر مكعب في العام حتى إحصائات عام 2021، أي ما يقارب العشرة بالمائة من نصيب الفرد العالمي، الرقم السابق يدل على نفسه من حيث إنخفاض حصة الفرد من المياه في الأردن، أرقام أخرى تقول بأن العجز المائي المالي في الأردن يتراوح سنويا بين 200 – 300 مليون دينار، و أرقام أخرى تقول بأنه يتم فقد أكثر من نصف كميات مياه الشرب في الأردن عبر إستخدامات غير مشروعة و أعمال التخريب و التسريب المائي من الشبكات، هذه الأرقام تدل على أن الوضع المائي في الأردن غير مبشر و بحاجة إلى مزيد من الجهود و الحلول لدفعه إلى الأمام. فحاجة الأردن من المياه سنويا تبلغ مليار و أربعمائة مليون متر مكعب حتى تاريخ كتابة هذا المقال للإستخدامات كافة، يتوفر منها نحو 950 مليون متر مكعب.
و يحتاج الأردن إلى حلول طويلة الأمد لمكافحة الفقر المائي، حيث أنه على الحكومة الأردنية أن تقوم بالأدوار التالية بطريقة فعالة حتى تكافح ندرة المياه في الأردن، تلك الأدوار من الممكن أن تكون حماية المصادر الطبيعية للمياه و يعد حوض الديسي إحدى أكبر المصادر الطبيعية للمياه في الأردن حيث أن مساحة الحوض تبلغ نحو 69 ألف كيلو متر مربع يقع منها 3 ألاف كيلو متر مربع فقط داخل الأردن و يضخ منها 100 مليون متر مكعب من المياه سنويا، أيضا من الممكن أن تكون الحكومة الأردنية فعالة أكثر فيما يتعلق بإستخدامات الماء الزراعية حيث يحتاج الأردن إلى سنويا إلى حتى يحقق الإكتفاء الذاتي من الغذاء إلى حوالي 11 مليار متر مكعب، يتوافر منها فقط عشرة بالمائة، و أيضا على الحكومة التعامل مع التسريبات و السرقات لمصادر المياه حيث أن الأرقام تقول بأن سبعين ميلون متر مكعب من الماء تسرق سنويا في الأردن وحل أخر من الممكن أن تقوم الحكومة به هو معالجة المياه العادمة حيث أن الأردن يدير 34 محطة لمعالجة الصرف الصحي، توفر 14 بالمائة من إجمالي أمدادات المياه و تشكل المياه العادمة المعاد معالجتها 25 بالمائة من إجمالي كمية المياه المستخدمة في الزراعة للري.
أما فيما يتعلق بتأثر قطاع المياه بتغير المناخ في الأردن فإن العلاقة بين الإثنين علاقة مباشرة حيث أن التغير المناخي يؤدي إلى التغير في أنماط سقوط مياه المطر مما يؤدي بالتالي إلى تذبذب توقعات الحصاد المائي في الأردن بشتى أشكاله، حارما الأردن من أهم مصادر المياه التي يعتمد عليها تحديدا في السدود، أما التأثير الثاني فمن الممكن أن يكون حصول بعض الفياضانات في مصادر المياه الطبيعية في الأردن و التي تعتبر قليلة أصلا و محدودة، جاعلا منها التغير المناخي مصادر شبه معدومة و غير متواجدة.
إذا فالأرقام تدل على نفسها من حيث صعوبة الوضع المائي في الأردن و من حيث حصة الفرد أو الحاجة الكلية للمياه في تحقيق الإكتفاء الذاتي في الزراعة و لكن هذا الوضع الصعب يجب أن لا يكون عاملا مثبطا فيما يتعلق بالتفكير في حلول من شأنها رفع قدرة الأردن المائية و توفير إحتياجاته من الماء أو مستقبلا التخفيف من أثار التغير المناخي عليه خاصة فيما يتعلق بكميات الأمطار المحصودة في السدود.