الأنباط -
خطاب الملك أمام الجمعية الأممية رؤية عميقة للأوضاع الدولية والإقليمية
ممدوح سليمان العامري
جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله أكد في خطابه على أن العالم يمر بفترة غير مسبوقة من الأزمات والاضطرابات، فخلال ربع قرن من الزمن، وقف جلالته مرارًا على منبر الأمم المتحدة، محذرًا من الصراعات الإقليمية والأزمات الإنسانية التي تعصف بالعالم، و أشار إلى أن التهديدات الحالية تفوق أي شيء سبقها من حيث الخطورة والتحديات، مما يعكس قلقًا عميقًا بشأن مسار النظام العالمي.
الملك في خطابه سلط الضوء على أزمة شرعية الأمم المتحدة، مشيرًا إلى أن المنظمة الدولية تواجه تحديات كبيرة تضرب صميم مصداقيتها وسلطتها الأخلاقية، فهذه الأزمة لا تتعلق فقط بالتحديات التي تواجه المنظمة فعليًا، بل تتعلق أيضًا بالهجوم المعنوي عليها، حيث يتم تحدي قراراتها وتجاهل آرائها من قبل بعض الدول، مما يهدد الثقة العالمية بها.
وفي سياق انتقاده الحاد للمنظومة الدولية، أشار جلالته إلى ازدواجية المعايير في تطبيق القانون الدولي موضحًا أن بعض الشعوب تُعتبر "فوق القانون"، وأن العدالة الدولية أصبحت تخضع لمنطق القوة وليس لسيادة القانون، وأن حقوق الإنسان باتت انتقائية، تُمنح للبعض وتُحرم من البعض الآخر بناءً على مصالح القوى الكبرى.
وعبر جلالة الملك عن استياء شديد من الوضع المأساوي في غزة، مؤكدًا أن الهجمات الإسرائيلية على المدنيين في غزة غير مبررة، وأنها أدت إلى قتل عدد غير مسبوق من الأطفال، والصحفيين، وعمال الإغاثة، والطواقم الطبية، ويعكس هذا التوصيف استنكارًا شديدًا لاستهداف الفئات الأكثر ضعفًا، ويوضح موقف الأردن الثابت في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.
كما أشار جلالة الملك إلى التناقض في المواقف الدولية، حيث أدانت دول العالم، بما في ذلك الأردن، هجمات 7 تشرين الأول على مدنيين إسرائيليين، لكن رد الفعل العالمي تجاه الفظائع التي ارتُكبت بحق المدنيين في غزة لم يكن بالمستوى المطلوب، وتعكس هذه الإشارة عدم الرضا عن الانتقائية في ردود الفعل تجاه الأزمات الإنسانية، حيث تُصنّف الأفعال والتجاوزات حسب هوية الجاني والضحية.
وفي نفس السياق دعا جلالة الملك إلى ضرورة احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان بشكل عادل وشامل، دون انتقائية أو تمييز، وهذه الدعوة تتماشى مع موقف الأردن الدائم في دعم القيم الإنسانية والشرعية الدولية، والتأكيد على أن العدالة لا يمكن أن تكون انتقائية أو منحازة.
جاء خطاب الملك عبدالله الثاني في توقيت حساس، معبرًا عن موقف الأردن الثابت والواضح في الدفاع عن القضايا العادلة، وعلى راسها القضية الفلسطينية التي تعد قضية مركزية، كما أنه يعكس قلقًا عميقًا بشأن مسار النظام الدولي والشرعية الأممية في ظل التحديات الراهنة، والدعوة إلى تبني مقاربة أكثر عدلاً وإنصافاً في التعامل مع الأزمات العالمية