مقالات مختارة

تطور الحياة السياسية وحقوق الإنسان في عهد الملك عبدالله الثاني ،

{clean_title}
الأنباط -
بقلم الدكتور رافع شفيق البطاينة ،،،

كل شيء في الحياة قابل للتطور والتغير ، ومن لا يتغير أو يتطور للأفضل يصبح من الماضي ويتجاوزه الزمن، والتطور والتقدم للأمام من سمات الحياة، والمملكة الأردنية الهاشمية كانت على الدوام تتقدم وتتطور وتزدهر بفضل القادة الهاشميين الذين تعاقبوا على نظام الحكم فيها، فالدولة الأردنية بدأت من إمارة ومن ثم ارتقت إلى مملكة تمتلك كل المقومات القانونية للدولة وأركانها ، من شعب حضاري واعي ومثقف ومنتم لوطنه، إلى إقليم أو أرض مستقلة مترامية الأطراف ذات سيادة لها حدود يحرسها جيش أردني عروبي قوي، وأجهزة أمنية توفر الأمن والأمان والاستقرار لشعبها وممتلكاتهم ومقدراتها ومنجزاتها الوطنية .
إلا أنه ومنذ تولي جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين سلطاته الدستورية أخذ الأردن منحى متسارع في التغيير والتحديث في كافة قطاعات الدولة التربوية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، فأولى جلالته الحياة السياسية اهتماما خاصا ، لأن الحياة السياسية هي الركيزة الأساسية لإنجاح كافة القطاعات الأخرى ، فبدأ جلالته الإهتمام بحقوق المواطن الأردني وحرياته العامة ، فعمد إلى تشكيل لجنة ملكية لحقوق الإنسان كان هدفها نشر الوعي بثقافة حقوق الإنسان ، وتوجت جهود هذه اللجنة بإنشاء المركز الوطني لحقوق الإنسان ، وبعد ذلك بدأت ثقافة حقوق الإنسان بالانتشار بشكل متسارع في الأردن ، فلجأت العديد من الوزارات والمؤسسات الحكومية إلى إنشاء مديريات لحقوق الإنسان داخل وزاراتها ومؤسساتها ، لتتابع مخالفات وملاحظات حقوق الإنسان التي ترد بتقرير المركز الوطني لحقوق الإنسان ، والتقارير التي تصدر من المنظمات الدولية ، بما في ذلك تعيين منسق عام لحقوق الإنسان في رئاسة الوزراء ، ثم انتشرت بعد ذلك مراكز وجمعيات حقوق الإنسان بشكل كبير، بما فيها مديرية الأمن العام الذي أنشأ مكتبا للمظالم وحقوق الإنسان ، ثم أبدى جلالة الملك توجيهاته السامية بعد ذلك إلى إنشاء وزارة التنمية السياسية بهدف نشر الوعي بالحقوق السياسية ، وترسيخ الثقافة الحزبية ، وتعميق وتجذير السلوك الديمقراطي بين المواطنين ، كسلوك وثقافة للحوار بدلاً من سلوك ولغة العنف التي كانت متداولة وانتشرت برهة من الزمن بين طلبة الجامعات، كما حرص جلالة الملك على إشراك كافة الأطياف السياسية والحزبية والاجتماعية وعدم إقصاء أي طرف، فلجأ إلى تشكيل عدة لجان ملكية لتضع رؤيتها وتصوراتها نحو تطوير وتحديث الأردن من كافة القطاعات ، فبدأت بلجنة أهل العزم، ثم لجنة الأجندة الوطنية، ولجان كلنا الأردن ، وانتهاء بلجان الأردن أولا ، واستمر جلالة الملك على هذا النهج التحديثي لكافة جوانب الحياة السياسية والحزبية والبرلمانية ، وإصلاح وتطوير التشريعات والقوانين الناظمة للحقوق السياسية بما فيها الدستور الأردني الذي كان يعتبره البعض مقدسا وخطأ أحمر لا يجوز الإقتراب منه أو المساس به ، إلا أن جلالة الملك كانت رؤيته متقدمه على كافة السياسيين وبعض الحزبيين وخصوصاً المحافظين منهم، فأمر بإجراء تعديلات شاملة على الدستور الأردني بما ينسجم ويتوافق مع تطور الدولة الأردنية ، وانبثق عن هذه التعديلات إنشاء محكمة دستورية للبت والنظر في صحة دستورية بعض القوانين التي يطعن بعدم دستوريتها، والهيئة المستقلة للانتخاب لتكون مهمتها الإشراف وإدارة الانتخابات سواء النيابية أو البلدية ومجالس المحافظات ، وأية انتخابات تكلف بها من مجلس الوزراء، كإنتخابات الغرف الصناعية والتجارية وغيرها ، وكان جلالة الملك حريص كل الحرص على إجراء الانتخابات النيابية بمواعيدها الدستورية ، وعلى أن تكون الانتخابات نزيهة وشفافة ونظيفة من أي تدخل كان من أية سلطة من سلطات الدولة ، لتلبي طموحات الشعب الأردني ، ولذلك أقدم جلالته على حل المجلس مرتين قبل إكمال مدتهما الدستورية حينما وصل إلى مسامعه أن هذه المجالس لم تكن تلبي مطالب وطموح الشعب الأردني وتطلعاته نحو مجلس نيابي قوي يشرع ويراقب السلطة التنفيذية بموضوعية بعيدا عن المجاملات ، علاوة أنه سربت شائعات عن وجود بعض المخالفات وتدخلات خلال انتخابات هذه المجالس ، ثم قام جلالة الملك بإصدار سبعة أوراق نقاشية تضمنت رؤيتة للدولة الأردنية المتطورة على أسس ديمقراطية كانت شاملة لكافة القطاعات الاجتماعية والتربوية والتعليمية والصحية والاقتصادية والسياسية والإدارية ، على أن تكون ضمن إطار العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين الأردنيين في التعيينات ، أساسها النزاهة والشفافية والكفاءة في اختيار القيادات الإدارية بعيدا عن الواسطة والمحسوبية والشللية، وأخيرا وصل جلالة الملك إلى قناعة تامة بأنه لا يمكن أن يكون هناك تحديث حقيقي وناجح على الواقع ما لم يكن هناك حياة سياسية حزبية قوية وفاعلة تؤسس لتشكيل حكومات برلمانية حزبية ، ومجالس نيابية قوية، تراقب أداء الحكومات بشكل قوي وفعال، فعمل على تشكيل لجنة ملكية لتحديث المنظومة السياسية ، وأبدى توجيهاته السامية للحكومة للقيام بتحديث المنظومات الاقتصادية والإدارية بالتوازي والتزامن مع المنظومة السياسية ، وأفرزت هذه اللجنة مخرجاتها وتوصياتها بتحديث كافة القوانين الناظمة للحقوق السياسية والحريات العامة ، وعلى رأسها وأولوياتها قوانين الأحزاب السياسية والانتخابات النيابية ، علاوة على تعديل قانون البلديات ومجالس المحافظات " اللامركزية" جنبا إلى جنب لإعطائها المزيد من الصلاحيات والاستقلالية ، وفي ضوء ذلك بدأت الأحزاب السياسية تتشكل بموجب القانون الجديد ، وبدأت حملة استقطابات واسعة وخصوصا بين الشباب والمرأة الذين أفرد لهم قانون الانتخاب حوافز ومقاعد خاصة بهم لمجلس النواب ، وتخفيض سن الترشح إلى 25 عاما بدلا من 30 عاما كما كان معمولا به في قانون الانتخاب السابق ، حيث وصل عدد الأحزاب السياسية المرخصة بموجب القانون الجديد إلى 33 حزبا علاوة عن وجود العديد من الأحزاب ما زالت قيد التأسيس ، ويشهد الأردن حاليا حراكا سياسيا وحزبيا نشطا جدا وغير مسبوق ، استعدادا للمشاركة في الانتخابات النيابية القادمة ، لقد نجح جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه بالوصول بالدولة الأردنية إلى مصاف الدول الديمقراطية المتقدمة ، فكانت مئوية الدولة الأردنية الأولى للبناء والتأسيس ، وستكون المئوية الثانية للتحديث والإزدهار، هذا هو ديدن الهاشميين إجمالا ، وجلالة الملك عبدالله الثاني خاصة النهوض بالأردن ، وتوفير حياة حرة كريمة عنوانها احترام حقوق الإنسان الأردني وحرياته العامة ، ليعيش بكرامة وكبرياء ، حفظ الله الملك عبدالله الثاني ابن الحسين بموفور الصحة والعافية وطول العمر ، بكنف رعايته ، وكل عام وجلالة الملك والعائلة الهاشمية بألف خير ، ليبقى ذخراً وسندا للوطن ، ولشعبه الوفي ، وللحديث بقية.

تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )