"عائلة سيمبسون".. توقع مثير للجدل بشأن مستقبل هاريس "سجل الأحزاب في المستقلة للانتخاب" يُعلن أسماء التحالفات الحزبية المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة مندوبا عن الملك وولي العهد..العيسوي يشارك في تشييع جثمان فهد العموش رواية السراديب "رواية الصحراء" اختتام فعاليات معرض الطيران الدولي Air Tattoo تكاملية الأحزاب والعشائر الأردنية لترسيخ النهج الديموقراطي. مدير عام " الشؤون الفلسطينية " يفتتح نادي الروبتكس في مخيم البقعة وهم القيد . مدير الأمن العام يزور فريق البحث والإنقاذ الدولي، والمركز الإقليمي للحماية المدنية 37 شهيدا و120 جريحا في مجازر بخانيونس بورصة عمان تغلق تداولاتها على انخفاض طعن مستوطنين قرب مستوطنة "سديروت" في غلاف غزة الاحتلال يهدم منزلين بقرية "الولجة" في الضفة الغربية الشمالي: الحكومة عززت مشاركة المرأة الأردنية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الأعلى للسكان يطلق ورقتي سياسات حول الولادات القيصرية والمنشطات اليونيسف: 250% زيادة في عدد الأطفال الشهداء بالضفة منذ 7 تشرين الأول شركة المناشركة المناصير للباطون الجاهز تحصل على جائزة الضمان الاجتماعي للتميز في الصحة والسلامة المهنية لدورة 2022/2023 تسليم مساكن مجهزة بالكامل لـ 13 أسرة بجرش ضمن المبادرة الملكية لإسكان الأسر العفيفة 796 طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي في اربد شهداء وجرحى جراء القصف الإسرائيلي المستمر على غزة
مقالات مختارة

النخلة التي فقدناها على الدوار الثالث

{clean_title}
الأنباط -

د. أيوب أبودية

ذات مرة، وفي قلب مدينة مزدحمة، كانت تقف شجرة نخيل مهيبة أمام مبنى منطقة زهران التابعة لأمانة عمان. وصلت سعفها برشاقة نحو السماء، وباتت رمزا أخضر للحياة وسط الزحف العمراني المقيت وازدحام المركبات وضوضائها. الشجرة، الشاهد الصامت على مجيئ الأجيال وذهابهم ، أصبحت ملاذا لعدد لا يحصى من الطيور المغردة التي كنت أستمتع بسماع تغريدها يوميا وأنا صاعد من شارع الأمير محمد وعند لحظة دخول الدوار الثالث.

كل يوم تقريبا، بينما كنت أتجاوز هذه الواحة الخضراء بمركبتي، كانت تستقبلني سيمفونية من أغاني الطيور. كانت الألحان بلسمًا مهدئًا لضغوط الحياة في المدينة، وتذكيرًا بالتوازن الدقيق بين الطبيعة والغابة الخرسانية. أصبحت شجرة النخيل، بأوراقها الحفيفة وجوقة الطيور التي تسكن فيها، مصدر متعة لأي شخص يرغب في التوقف والاستماع والتأمل في جمال الطبيعة واصرار الطيور على البقاء والتكاثر.

في أحد الأيام من العام المنصرم، مررت من هناك فلاحظت صمتًا مقلقًا يلف مكان النخلة التي كانت نابضة بالحياة ذات يوم. لقد تم استبدال التغريدات المألوفة بصمت غريب، رغم ضجيج المركبات المتزاحمة كعادتها. قلق نخر في قلبي، فتساءلت: أين ذهبت الطيور، وماذا حدث للنخلة، ومن قرر قطعها، وماذا سيحدث للنظام البيئي المفعم بالحيوية الذي ازدهر من حولها؟

وبعد الفحص والتأمل الدقيق، أصبح من الواضح أن شجرة النخيل، التي كانت ذات يوم رمزًا للحيوية والجمال والنشاط، قد وقعت ضحية لمسيرة التقدم والعبثية التي لا هوادة فيها في المدينة. لقد تعدت أطقم البناء، بآلاتها المتناثرة، والخرسانة، والعقلية التي لا تعطي قيمة عالية للخضرة والجمال، على مساحة الشجرة وروحها ورمزها الأزلي .

لم يكن فقدان موطن شجرة النخيل مجرد ضحية للتنمية الحضرية؛ لقد كانت مأساة بيئية. فقد تناثرت الطيور التي نزح بعضها والقليل من أعشاشها إلى شجرة على الجهة الأخرى من الشارع تقابل النخلة المذبوحة، ولكن الطيور أبت أن تغرد حزنا على النخلة واحتجاجا على اعدامها، فيما كانت نغماتها في الماضي تبدد نشاز أصوات المركبات وأبواقها.

عندما أتذكر هذه الخسارة البيئية، أشعر بإحساس عميق بالحزن. الشجرة، التي كانت ذات يوم شهادة على مرونة الطبيعة في المناطق الحضرية وصراعها للبقاء على قيد الحياة، استسلمت لقدرها وتحولت الآن إلى مجرد جذع شجرة جافة، ربما تدفأ عليها أحدهم في فصل الشتاء. لقد اختفى النظام البيئي الذي كان يعج بالحركة في السابق، تاركًا وراءه سكونًا غريبًا يعكس حالة عالمنا الطبيعي الذي يتراجع عن طبيعته التي اعتاد عليها لملايين السنين، يوما بعد يوم.

تعد هذه القصة بمثابة مثال حول العلاقة التي تربط التنمية الحضرية بالتدهور البيئي. إنها تدفعنا إلى النظر في التكلفة الحقيقية للتقدم والتأثير الذي لا رجعة فيه على النظم البيئية الدقيقة التي ازدهرت بيننا ذات يوم. فلا يرمز غياب الطيور المغردة إلى نزوح الحياة البرية فحسب، بل يرمز أيضًا إلى فقدان الجمال والتنوع البيولوجي الذي يثري حياتنا. فإذا نزحت الطيور فقدنا التغريدات التي تزيل الاكتئاب من قلوبنا، وتزايدت أعداد الحشرات، وكثرت الأمراض، وبالتالي فإن العالم سلسلة واحدة مترابطة من التداعيات.

ختاما نقول إنه بينما نتعامل مع تعقيدات الحياة الحديثة، من المهم أن ندرك قيمة الحفاظ على المساحات الخضراء وحماية الموائل الطبيعية لإخوتنا من غير البشر من السكان الذين يشاركونا هذا الكوكب. إن قصة النخلة وطيورها الصامتة تحثنا على التوقف والتأمل في عواقب أفعالنا اللامسؤولة التي نظن أن لا ضرر منها لجهلنا بعواقبها، وبالتالي تلهمنا المسؤولية الجماعية لرعاية وحماية البيئة حفاظا عليها للأجيال القادمة.