الأنباط -
سمة من سمات عصرنا هي عولمة العمليات الاجتماعية، والمشاركة فيها من قبل مجموعات كبيرة من الناس من مختلف الرؤى والثقافات المحلية والعالمية. وهذا يتطلب مناهج جديدة للإدارة الاجتماعية في جميع مجالات المجتمع والدولة، وخاصة إنشاء نظام مناسب ومستدام لأمن الدولة. لعله من هنا، برزت فكرة اقحام الاحزاب في العملية البرلمانية الأردنية مع إبقاء النموذج السياسي التقليدي.
نشأت فكرة الأحزاب السياسة العملية في العصور القديمة، عندما كان "الحزب" عبارة عن مجموعة من المواطنين الناشطين سياسياً الذين يتحدون بشكل أساسي حول شخصيات مرجعية. كان الأساس الأيديولوجي والمؤسسي للأحزاب الأولى غائبًا تمامًا تقريبًا، وتم التوحيد في مجموعة على مبدأ التضامن الشخصي مع الزعيم السياسي.
يرتبط تكوين الأفكار الحديثة حول الأحزاب كمنظمات إيديولوجية وانتخابية ومؤسساتية بتطور النظام السياسي (حيث لم تكن الأحزاب عنصرًا مكونًا للنظام السياسي في السابق)، كما يميز الأحزاب عن جماعات الضغط - التي لا تشارك عادة في الانتخابات والحياة البرلمانية: التي لها تأثير خفي فقط على الأحزاب والحكومة والرأي العام، لتحقيق هدف معين"-، أنه عندما يفوز حزب ما في الانتخابات ويصل إلى السلطة، فإنه يحول أهدافه المعلنة إلى سياسة عامة.
السؤال الذي يطرح نفسه: هل يمكن لنوع معين من التنظيم الحزبي أيما هو "ديني، قومي، علماني، شيوعي"، أن يكون الموضوع الوحيد (أو المميز) للعملية الانتخابية؛ وفي نفس الوقت يعبر بشكل مناسب عن تنوع الحياة السياسية في البرلمان الأردني ورغبات جميع الطبقات؟
نلاحظ أنه يتم التعبير عن الوظيفة الأيديولوجية للأحزاب في النشاط السياسي الموجه، من ناحية، لإنتاج الأفكار، ومن ناحية أخرى، إلى "إنتاج الناس"؛ والعمل على أساس ما بين الطبقات، بشكل مباشر أو غير مباشر، من خلال التلاعب الأيديولوجي، من ممثلي مختلف الطبقات الاجتماعية من أجل إرشادات برامجهم الحزبية. إن أهم مؤشر لجوهر الحزب السياسي هو مصلحته ووجهات نظره فيما يتعلق بالقوى التي يعبر عنها ويدافع عنها وينفذها في نهاية المطاف في الممارسة اليومية للحزب. وعليه، ليس من المهم ما هي "اللافتات" التي يستخدمها هذا الحزب أو ذاك، ولكن ما هي مصالح الطبقات والقوى الاجتماعية السياسية التي يمثلها بموضوعية والأهداف التي يخدمها وكيف تلبي هذه الأهداف الاحتياجات الفعلية للتنمية الاجتماعية.
في رأينا، لا ينبغي إضفاء الطابع المثالي على الأحزاب، فهي ليست الدواء الشافي لأشكال التحول المثالي لديمقراطية، ولكنها تعمل كمصدر فعال يمكن من خلاله إنشاء عملية إدارة فعالة بمشاركة من المجموعات المعنية. بالمناسبة، تجدر الإشارة إلى أن ليس فقط الإطار المؤسسي للنظام السياسي مهم هنا، ولكن أيضًا الثقافة السياسية، الذي يحدد العمليات السياسية، بصفته الجانب الذاتي للسياسة، الذي يضمن سلامة الفضاء الواقعي والعقلي، ويربط النظام السياسي معًا.