كتّاب الأنباط

إدارة الإقتصاد الأردني تحيط به الشكوك؟ تقتضي المعالجة بما يستحق

{clean_title}
الأنباط - في الإقتصاد السياسي والمجتمع
د.أنور الخُفّش


الإنطباع العام حول إدارة الملف الإقتصادي من الحكومة الحالية ، يظلِّله حالة من عدم وضوح الرؤية ، جرَّاء عدم التنسيق والتتابع الهرمي تنظيمياً وإدارياً في سيرورة عمل الفريق الإقتصادي يمكن وصفها ، حالة يسودها إنعدام التخطيط الجيِّد . أتقدَّم اليوم بتحليل لبعض الحقائق الإقتصادية ، وإنعكاس الأثر على الإستقرار الإجتماعي والسياسي والمخاطر ، التي تستدعي معالجتها بما تستحق ، نحو تعزيز العوامل الحقيقية في النهوض الإقتصادي ، من خلال تحديث الإدارة العامة ، نهج جديد مستقر ، يعمل على تعظيم وإدامة الإستقرار الإجتماعي وتعزيز قيم وأهداف العدالة الإجتماعية والإقتصادية ، كنتيجة نهائية لمخرجات عمليات التحديث والتطوير السياسي والإقتصادي ، من أجل مجتمع أفضل متماسك إجتماعياً ، أسرة مستقرة مالياً من خلال تحسين مستوى الرفاه المعيشي وتماسُك النسيج الإجتماعي .
نبدأ النقاش بمصارحة وبشفافية حول عناوين أو مجموعة من الحقائق ، وأهمها طبيعة الظروف المعيشية الصعبة . أتمنى على رئيس الحكومة بأن يطلب البيانات والمعلومات من الوزارات والهيئات الحكومية حول المواضيع التالية : أولا عدد القضايا بالمحاكم على الأفرارد والمؤسسات التي في حدود خمسون ألف دينار بما فيها المقدَّمة لدوائر التنفيذ . كم عدد السيارات والمركبات المحجوز عليها من البنوك والدائنين من ضمنها الموجودة في ساحات دوائر السير ، وما هو عدد المصانع المتعثرة و التي أقفلت ، كم عدد المحلات التجارية والبقالات ومحلات الملابس والمطاعم التي أقفلت في وسط البلد وعمان الشرقية والزرقاء وكل البلد ، كم عدد البيوت والشقق المرهونة والشقق المحجوز عليها قيد التنفيذ القضائي .
لا أريد أن أدخل في لعبة الأرقام المرعبة والمقلقة ، فهل تُبقي الحكومة معالجة النتائج دون معالجة الأسباب ودون إتخاذ إجراءات تدبيرية لإحتواء التدهور الإجتماعي؟ كما أظهر إستطلاع رأي أطلقه مركز الدراسات الإستراتيجية، الأربعاءالموافق 17 آب 2022، مخاوف الغالبية العظمى من الأردنيين (80%) أن الأوضاع الإقتصادية في الأردن تسير في الإتجاه السلبي حالياً . وفق الإستطلاع جرّاء إستمرار إرتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وتردّي الأوضاع الإقتصادية بصفة عامة، وإرتفاع نسب البطالة والتخبُّط الحكومي في إتخاذ القرارات هي أهم الأسباب التي دعت المواطنين الى الإعتقاد بأن الأمور تسير في الإتجاه نحو مزيد من إتساع فجوة فقدان الثقة . ما زالت تتصدَر المخاطر الناتجة عن الأوضاع الإقتصادية القائمة. أهم المشكلات التي تواجه الأردن حالياً وفي السنوات القادمة ، وعلى الحكومة معالجتها بشكل فوري، ويوافق حوالي الأردنيين (65%) على العبارة "الحكومة لم تفعل/ ولم تقوم كل ما بوسعها لتقديم الخدمات للمواطنين بشكل أفضل. بينما (18%) يعتقدون أن التحديات الأمنية الداخلية هي أهم مشكلة، و(8%) يعتقدون أن الفساد المالي والإداري والواسطة والمحسوبية هي أهم المشاكل التي تزيد من حجم المشكلات الإقتصادية التي تواجه الأردن وعلى الحكومة التعامل معها خاصة محاربة الإحتكار ، الفوسفات مثالاً ، لماذا لا يتم توسيع قاعدة المقاولين لعشرة شركات تلتزم توظيف أبناء المنطقة ضمن شروط العطاء . 
لم يبتعد كثيراً من حيث التشخيص والمخاوف ، وفق التقرير الصادر عن البنك الدولي تحت عنوان الآفاق الإقتصادية أبريل 2022، حيث أشار التقرير أنه لا يزال هناك ركود كبير في قطاعات الإقتصاد ، ولا تزال معدلات البطالة على إرتفاعها لا سيما بين الشباب، ولا يزال عجز الحساب الجاري مرتفعاً ، لكن وضع المالية العامة يُظهر تحسناً ملموساً. وفي المرحلة المقبلة، من المتوقع أن يظل النمو الإقتصادي متواضعاً ، مما يخلق أوضاعاً مناوئة للإنتعاش الإقتصادي الناشئ في الأردن.
الآفاق المستقبلية ، من المتوقع أن يصل معدل النمو إلى 2.0% و2.1% في عامي 2021 و2022 على التوالي ، من المتوقع أن يُلقي الإقتصاد دفعة تعزيزية مع تسارع وتيرة تعافي قطاع السياحة والخدمات . غير أن ديناميكيات النمو على المدى المتوسط تعتمد على الظروف الإقتصادية العالمية، والأوضاع المعاكسة الناجمة عن التطوارات السياسية الإقليمية .
في الداخل المطلوب إجراء تسوية قضائية ، مالية ، إجتماعية لمواجهة العقبات الهيكلية في الوقت المناسب دون إبطاء . وعدم التأخير نظراً لإتساع رقعة مساحات المشاكل الإقتصادية سابقة الذكر ، نتيجة إنعكاس لإرتفاع الأسعار العالمية للسلع الأولية، من المتوقع أن يرتفع معدل التضخم الكلي خلال عام 2022 إلى أرقام قياسية تقارب 4% .
إن الإستمرار في منع حبس المدين ضرورة إجتماعية وأمنية بالتدرُّج ، الإنتقال الى حد خمسون ألف دينار حتى منتصف العام 2023 ، هذا إجراء وحده لا يكفي دون تقديم حوافز بتوزيع أعباء التسويات المالية بين المدينين والدائنين ، مع ضرورة إتخاذ خطوة نحو إيجاد صندوق حكومي للتعافي المالي ( قرض دوَّار بفوائد لا تتجاوز4%) لمعالجة أوضاع المتعثرين من أفراد ومؤسسات ، بسبب شُحّ السيولة ، المؤسسات ذات الجدوى الإقتصادية والقيمة المضافة إجتماعياً من بعد المحافظة على الوظائف والأمن الإجتماعي وربطها بإعادة هيكلة الشركات مالياً بأقل تكاليف بما يكفل نجاحها وإستمرار عملها ورفع قدراتها المالية بتحقيق عوائد مالية يُمكِّنها من سداد إلتزاماتها.
إنني أخشى على الإستقرار الأمني والإجتماعي ، جرّاء أزمة المسكوت عنها في الأردن قضية توسُّع مشكلة المتعثِّرين ، الحكومة الآن مطالبة دون إبطاء من سُلوك مسار في مباحثات مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمؤسسات المانحة ، حول كيفية مساعدة السكان الذين هم عرضة للضرر جرّاء التعثر، وكذلك المؤسسات المتعثرة المعرَّضة أيضاً للضرر بشفافية وبصراحة حول آليات عمل برامج التعافي بعيداً عن البيروقراطية الحكومية وصولاً للناس والمستحقين مباشرة للأفراد والمؤسسات.  
غداً نناقش إنعكاس بعض الحقائق الإقتصادية الواردة في النشرة المالية الحكومية لشهر حزيران 2022 .

الرئيس التنفيذي / مرصد مؤشر المستقبل الإقتصادي
anwar.aak@gmail.com
تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )