زين و"الوطني للأمن السيبراني" يُطلقان حملة توعوية لكِبار السن حول حماية البيانات على الإنترنت 84 شهيدا في 8 مجازر ارتكبها الاحتلال بغزة خلال الساعات الـ24 الماضية بلدية السلط الكبرى تنفذ عطاء خلطة اسفلتية(صور ) حوارية في "شومان" حول " مآلات العرب في ضوء التكتلات العالمية الجديدة " أيلة تخرج المشاركات في البرنامج التدريبي للإرشاد السياحي البيئي دعوات لتطبيق كودة العزل الحراري بدقة على الأبنية الاردنية بحث التعاون بين البلقاء التطبيقية ومركز تطوير الأعمال ومنظمة سبارك مصطفى محمد عيروط يكنب:الأردن دولة قانون ومؤسسات إبراهيم أبو حويله يكتب:بين القرآن والتحريف في التوراة ... استانا : انعقاد الاجتماع العام التنسيقي للأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي طرح عطاء لصيانة وتأهيل مديرية صناعة وتجارة وتموين العقبة مستوطنون متطرفون يقتحمون الأقصى بحراسة شرطة الاحتلال الزرقاء: حوارية تناقش تمكين المرأة في عملية صنع القرار السياسي ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضان في الصين إلى 14 الإحصاءات: إطلاق تجريبي لمركز البيانات الوطني التفاعلي في الأسابيع المقبلة عمرو موسى رئيساً للكونغرس العربي العالمي للإبداع والإبتكار دعوات للشركات الأردنية لابتكار حلول وطنية لمواجهة المخاطر التكنولوجية العالمية استشهاد فلسطينيين برصاص الاحتلال في الخليل مباحثات أممية أميركية بشأن غزة عين على القدس يناقش الرأي الاستشاري للعدل الدولية بعدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي
مقالات مختارة

يأكلون مِن الأرصفة..!

{clean_title}
الأنباط -
الأكاديمي مروان سوداح
هذه المقالة ليست عن القططِ والفئرانِ والحشراتِ التي تَعتَاش على ما تجده من فضلات هنا وهناك، بل عن مشاهدات في شوارع العاصمة عمَّان لمواطنين أردنيين بالذات، يتمتعون بمعنى المواطنة بالقانون والوثائق الرسمية، إلا أنهم من الطبقة الأدنى في السُلَّم الاجتماعي، ويلزم أن اقول بأنه ليس من السهل علي أن أتحدث عنهم، إلا أنني أرغب في لفت الانتباه صوب هذه الفئة من أبناء الوطن التي جَارَ عليها الدهر، وتقطَّعت بها السُّبلُ، فانزوى أفرادها مع عائلاتهم عن الناس أجمعين، فقضيتهم تحتاج إلى متابعة، والأصعب هو العثور عليهم، ذلك أنهم لا يتسولون ولا يعلنون عن ذواتهم خَجَلاً من المجتمع المُخملي وهرباً من إظهار هيئتهم العَتِيقة، والمُرَقَّعة، والمُقَطَّعة، والمُمَزَّقة ومكانتهم الرَثَّة.
في مشاهداتي بين حين وآخر ما يدمي القلب. هي صور لأشخاص يلتقطون الطعام من الأرصفة ويأكلونه، وعندما تقع قطعة من "طعامهم" يُعيدون التقاطها من على أرض الرصيف ويبتلعونها دون غسلٍ ودون خشية من مرضٍ، وربما هم يتمتعون بتآخٍ مع الأوبئة التي صارت صديقة يومية لهم، وبالتالي غدت لدى هؤلاء المساكين مناعة جسمية في مواجهتها، تعينهم ولو لبعض الوقت على استمرار "مشوارهم الحياتي" الذي على الأغلب لا يتمنون استمراره بيومياتهم المتعِبة!
آخر هذه المشاهدات كانت قبل أيام قليلة في شارع عام لا أعرف اسمه وهو ضمن جبل عمَّان. فجأة وقعت قطعة طعام من أحدهم ثيابه مُهَلْهَلة ويَعرج، فواحدة من رجليه الاثنتين أقصر من الأخرى كما يبدو، وثيابه مُهْتَرِئَة ومنخورة، وواضح أنه تعبٌ في هذه الدنيا، ويتضور جوعاً لأنه كَرَّرَ التقاط ما وقع من يده على الرصيف وتَنَاوَلَهُ ووضعه "سريعاً" في فَمِهِ. الرجل لم ينظر في عيني فقد كان خجلاً من فعلته هذه، لكنه كان كما تبدَّى لي مُضطرّاً لإعادة التقاط ما فقدته يده ليبتلعه بنهمٍ واضح، فَ "الجوع كافر" كَمَا يُقَال.
هذا الرجل الذي أتَّخذهُ بمثابة "بطلٍ" لمقالتي هذه، يتَّسم كغيره من الفقراء اليد هؤلاء بالكرامة والأنفة والعزَّة، فهو ومَن هم على صورته لم يطلبوا مني يوماً رأيتهم فيه قرشاً واحداً، ولم يتحدثوا إلي عن قطعةٍ من الخبز، وهو ما يَعني أنهم ليسوا مُتسولين ولا مُتكسِّبين، بل فقراء الجيب، ظَلَمَهم الدهر وابتعد الناس عنهم، ولا أعمال تُعيلهم في أوضاعهم بالتصدِّي للتحديات الكُبرى التي يواجهونها كل ساعة وكل يوم.
لقد قُيّضَ لي مرات عديدة أن أشارك في أنشطة جمعيات خيرية دينية نشِطَت في التجولِ في بعض مناطق البلاد لمد يد المساعدة العيانيَّة والفوريَّة لأولئك الأكثر حاجة إليها، وقد رأيت ربَّمَا ما لم يره كثيرون من أبناء الوطن مِن فَقرٍ وشظفِ العيش وبؤس الحياة عند كثيرين، وقد بكيت مرات كثيرة وتآلمت جداً لِمَا شاهدته من مآسٍ لا ترضى بها الحيوانات، وتركت هذا "النشاط" الذي لم أعد أحتمله.
أتطلع إلى يوم لا يكون فيه مواطن أردني متسولاً أو فقيراً وعاثراً في حياته وحَيوته، بل كريماً ورافعاً رأسه عالياً، يُفاخر في نجدة الوطن له عند المُلمات التي تُحيق به، ولَعَمْري فأن الوطنية والإنسانية الحق هي التي تتجلى بالذات في خدمة مَن يحتاجون إليها أكثر من غيرهم.