الأنباط -
العلاقات الأُردنية ألألمانية قويّة جدًا وجذورها قديمة، والتفاهم الشامل والعميق بين قيادتي البلدين يَنسحب على مختلف القضايا والشؤون. ولذلك، يُثمِّن الشعب الأردني عاليًا هذه الروابط لكونها المِثال الذي يُحتذى، فالدعم ألألماني متواصل للمَملكة، وكذلك الثقة كاملة ومتبادلة بين صُنّاع القرار في العاصمتين، والتعاون مستمر بينهما، علاوةً على التنسيق الكبير والمتعاظِم حِيال مختلف المواضيع، وفي المعالَجة الثنائية الناجعة للأزمات والتطورات الإقليمية والأمميّة ذات الصِّلة.
عكست الزيارة الأخيرة التي نفّذها جلالة الملك عبد الله الثاني المُعظم إلى ألمانيا الصديقة، واجتماعُهُ مع المُستشارة السيدة أنجيلا ميركل، عُمق آصِرَة العلاقات بين الدولتين والتفاهم الكامل بينهما، فقد أشاد جلالته بقيادة ميركل التي عزّزت التواصل مع الأُردن في مجالات عدّة، منها السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية، مُعتبِراً بحق أنها علاقات تبعث على الفخر، وأن الأُردن مُلتزم بتعزيزها مع ألمانيا و"الاتحاد الأوروبي"، إذ تتطابق وجهات النظر الأُردنية وألألمانية حِيال سُبل حَل القضية الفلسطينية، وأشادت ميركل بدور جلالة الملك في رعاية المقدسات في القدس والوصاية الهاشمية عليها، والتي تَعتبرها "مُهمَّةٌ خاصة جداً"، وهو موقف ألماني بارز تُشكر عليه السيدة والصديقة ميركل وألمانيا دولةً وشعبًا ومؤسسات.
لهذا كله، ولغيره من الأسباب الجوهرية الكثيرة، يَعي شعبنا الأردني تمامًا مَدى محبة ألمانيا لنا وحِرصها على صَداقتِها وصِلاتها التاريخية مع الأُردن، وهو واقع نُثمِّنهُ ونقدِّرهُ على أعلى مستوى. وبالإضافة إلى هذا، تُساهم بون في التعاون الاقتصادي والاستثماري النشط مع الأُردن، وفي مضاعفة منسوبه باستمرار، زد على هذه كلها التعاون العسكري والأمني في مواجهة الإرهاب الدولي.
في التنسيق والشراكة الرئيسية بين البلدين على مستوى الدنيا، تُساهم ألمانيا بدعم المَملكة كدولة غربية عريقة وكُبرى اقتصاديًا ورئيسية بل ومحورية سياسيًا وفي إطار "الاتحاد الأوروبي" أيضًا، حيث تَشغل المانيا مكانة وازنة للغاية ومؤثرة جدًا ومفتاحية في الأُسرتين الأوروبية والأمريكية، مِمَّا يُسَهِّل لها عَمَلانيَّاتِها لمساعدة المَملكة على مواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية المتأتية من القفزات الحادة التي تشهدها منطقة "الشرق الأوسط" المُعذَّبة، وانعكاساتها على السياسات الإقليمية والعالمية، إذ ما فَتِئْت تتهدّد أرضنا منذ فجر الحضارة والتحضّر العواصف السياسية القتَّالة والصراعات، وتتنازعها النزاعات وتئن تحت ضربات الأحداث والظواهر السلبية الخطرة للغاية على الإنسان والبُنيان، فلم تَمنح الأحداث شعوبنا لحظة هدوء واستقرار في خِضَمِ ما شهدناه ونشهده من تلاحق الكوارث والمِحن والتحديات الأخطر على الحياة والدول وأمانها واستقرارها ومستقبلها، بخاصةٍ بسبب عدم تطبيق العدالة بحقِ قضية فلسطين، ولأن دولاً كثيرة تتجنّب السير في المسيرة القانونية المُقرَّة أُمميًا لإحقاق حقوق الشعب الفلسطيني، ولِصَلَف الاحتلال برفض كل المقررات الدولية بشأن هذه القضية.
قبل فترة استقبل نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين معالي السيد أيمن الصفدي، وزير الدولة في وزارة الخارجية الاتحادية ألألمانية نيلز أنين، في اجتماع بحث سُبل البناء على التقدّم الملحوظ الذي تشهده الصداقة بين البلدين، إضافةً إلى التطورات الإقليمية، وقد ثَمَّن الوزير ألألماني حِرص بلاده على تعزيز التعاون مع الأردن، والجهود التي يقُودها جلالة الملك عبد الله الثاني لتجاوز التحديات في المنطقة، وتعزيز ثقافة الحوار، وتكريس الأمن والاستقرار وتحقيق السلام والرخاء.
شخصيًا، أستذكِرُ في هذا السياق، تصريحات وزير الخارجية ألألماني قبل سنتين تقريبًا، هايكو ماس، الذي أكد بأن الحكومة ألألمانية تنظر إلى الأُردن على أنه صديق موثوق به وشريك جوهري للمنطقة بأسرها، ونوّه في الوقت ذاته إلى تعاون وثيق مع الأردن خلال أزمة فيروس كورونا، حيث زوّدت ألمانيا المَملكة بأجهزة ومعدات لمواجهة الوباء، وتحدّث عن تزويد الأردن بـ 240 ألف جرعة من لقاح مضاد لفيروس كورونا.. وستواصل ألمانيا دعمها للأردن.
شكرًا ألمانيا اليوم وكل يوم لمواقفكِ الشريفة من مختلف شؤوننا وقضايانا.
*صحفي وكاتب أردني ورئيس نادي مستمعي إذاعة "دويتشه فيله".
"/"