كم مرة تَحدَّثت فيها عن إدمانك على تناول أي من أنواع الأطعمة؟
بطبيعة الحال ربما مررت بذلك الموقف من قبل، لأن أغلبنا يرتبط بنوعيات معينة من الأكل، ويصل بنا الحال أحيانا إلى حد الإدمان فيما يتعلق ببعض أنواع الأطعمة التي نشتهيها. يقول الخبراء إن الأمر ربما يبدو مرتبطا أكثر بسلوكيات الأكل، التي يتعذر تفسيرها في كثير من الأحيان، لكن السؤال الأهم الآن "هل من الوارد إدمان أي نوع من الطعام؟”، وهو ما سنستعرض إجابته بالتفصيل وفق خبراء في السطور التالية.
نظرية إدمان الطعاميرى أنصار نظرية إدمان الطعام أن هناك أوجه تشابه ملحوظة بين الطعام والمواد الأخرى التي تسبب الإدمان. وتحظى الأغذية والأدوية بتأثيرات متشابهة على الدماغ؛ إذ يُنشِّطان نظام المكافأة بالدماغ، وهو الأمر الذي يعمل بالتبعية على إفراز الناقل العصبي الذي يحفز المتعة، وهي مادة "الدوبامين”، فيما ثبت أيضا أنه يمكن لعملية توقع الأكل أن تُنَشِّط مناطق مماثلة بالدماغ تظهر عند تعاطي المخدرات.
ملاحظات حول نظرية إدمان الطعامأولى هذه الملاحظات هي أن معظم الأبحاث المقنعة حول إدمان الطعام أجريت على حيوانات تجارب. وقد أظهرت تلك الأبحاث أن مزج الأطعمة الغنية بالدهون والأطعمة الغنية بالسكر يسبب ظاهرة شبيهة بالإدمان، لكن الدراسات المحدودة التي أجريت على البشر أظهرت نتائج متضاربة، وبالإضافة لذلك، لا يمكن اعتبار البشر مثل الفئران، لأنهم مختلفون عن بعضهم بعضا، ومن ثم لا يجب مطابقة النتائج.
وثاني هذه الملاحظات هي أن نظرية إدمان الطعام فشلت كذلك في تحديد عنصر غذائي معين أو طعام له هذه التأثيرات المسببة للإدمان. فالدراسات التي أجريت بشأن إدمان الطعام تحدثت عن مجموعات كبيرة من الأطعمة مثل الأطعمة فائقة المعالجة أو الأطعمة الغنية بالدهون والغنية بالسكر، لكن للتحقق من ذلك، لابد من معرفة ما الذي يوجد تحديدا في تلك الأطعمة ويسبب هذا النوع من ردة الفعل لدى الناس، ناهيك عن إيضاح السبب الذي يجعل بعض الأشخاص يصابون بذلك دون غيرهم.
والملاحظة الثالثة هي أن الطعام من أساسيات الحياة، على عكس الأدوية، ولهذا يصعب تحديد استخدامه وإساءة استخدامه وتحديد انتقال واضح من استخدامه كوقود مناسب إلى الإدمان أو إساءة الاستخدام. وكذلك يجدر بنا هنا معرفة أن أي سلوك يزيد من فرص البقاء على قيد الحياة ويزيد الإحساس بالمتعة هو غريزة بشرية. كما ثبت أن الفئران التي تحصل على أطعمة لذيذة بشكل متقطع تصدر عنها ردود فعل مختلفة، سلوكيا وعصبيا، مقارنة بالفئران التي تحصل على تلك الأطعمة باستمرار. والخلاصة، وفق ما أظهرته الدراسات، هي أن الطعام نفسه ليس المعضلة، بل إن ما يجب التركيز عليه أكثر هو علاقتنا بالطعام؛ لأن تلك الجزئية هي التي تستحق الاهتمام.