الأنباط -
اجتمع 12 من كبار أدباء العراق وشعرائه ونقاده، هم: سامي مهدي، د. نجمان ياسين، طراد الكبيسي، د. ضياء خضير، حاتم الصكّر، د. محمد صابر عبيد، حمزة مصطفى، د. محمود جابر عباس، قاسم عبد الأمير عجام، قيس كاظم الجنابي، باقر جاسم محمد، ومعين جعفر محمد، ليدلوا بشهاداتهم في شاعرية الشاعر العراقي حميد سعيد، جمعها الأديب شكر حاجم الصالحي في كتاب صدرت طبعته الثانية، هذا الأسبوع، عن دار (هبة.. ناشرون وموزعون)، في العاصمة الأردنية عمان بعنوان (حميد سعيد شاعراً).
الطبعة الأولى من هذا الكتاب صدرت العام 1994 في بغداد بطبعة بسيطة وورق أسمر نتيجة الحصار الأممي الذي فرض على العراق، زمنذاك، ورأى معده شكر حاجم الصالحي إصدار طبعة ثانية منه لأهميته أولاً ولأن طبعته الأولى كانت محدودة النسخ ولم تتجاوز حدود العراق، ثانياً، ولأنه يستحق أن يخرج بطبعة أنيقة ثالثاً.
يقول معد الكتاب إن فكرة الكتاب انبثقت في اتحاد أدباء وكتاب بابل، عندما قرر الاتحاد الاحتفاء بالمبدعين الكبار من خلال إقامة الحلقات النقاشية، التي تتناول نتاجاتهم الإبداعية بالدراسة والنقد والتحليل والبحث والمجادلة والاضاءة، اعترافاً واعتزازاً بما أنجزوه وحققوه، عبر سنوات سطوعهم وتألقهم الثقافي، تلك السنوات المليئة بالعطاء الثر والرصين، وكان القرار إقامة الاحتفالية الأولى عن الشاعر الحُلي المبدع الأستاذ حميد سعيد إذ أن احتفاليات الاستذكار والتكريم للأدباء الأحياء يكون فعلها التأثيري والمعرفي والمعنوي الاعتباري على المبدع – المحتفى به – كبيراً وفاعلاً مثلما هو يحمل في دوافعه اعترافاً بالدور الثقافي الفاعل للمبدع ذاته، وتأكيداً للصلات السليمة بين حشد المبدعين.
يضيف: إن الاحتفالية الخاصة بالشاعر سعيد انعقدت على مدى الأيام 4 و5 و6 تشرين الثاني من العام 1992 تحت شعار (حميد سعيد شاعراً) وشارك فيها مبدعو العراق وأبرز رموزه الثقافة، مشيراً إلى أن البحوث والدراسات والشهادات والتعقيبات والمداخلات أسهمت بتسليط الأضواء الكاشفة على التجربة الابداعية للشاعر حميد سعيد، وكان وقعها مثيراً بنتائجها الايجابية، ولولا جهود العديد من الأسماء الابداعية البارزة في القطر وأدباء بابل وما توفر لهم من دعم سخي وملموس، لما كانت حصيلة النتائج، التي أشرنا إليها بهذا القدر من النجاح.
الشهادات التي ضمها الكتاب من الأهمية بحيث أنها لم تسلط الأضواء الكاشفة على التجربة الشعرية للشاعر، بل تجاوزته إلى تناول شخصيته، مما يمنحك معرفة بالشاعر إذا قرأت الشهادات كلها.
يشير الشاعر سامي مهدي، في شهادته، إلى أن حميد سعيد كان يؤمن بالتراث العربي ايماناً عميقاً، ولكنه كان متفتحاً كل التفتح للتفاعل مع منجزات الشعر العالمي الحديث، فهو لم يكن يؤمن بالقطيعة بين الماضي والحاضر، بل بالتواصل والتجدد، وأنه كان مع التحديث الذي يصعد من أعماق التجربة، وضد التحديث الذي يقحم عليها من خارجها.
يشير سامي مهدي أيضاً إلى أن حميداً لا يرى التحديث واقعة معزولة بذاتها ولذاتها، بل يراه ظاهرة من ظواهر التحول الشامل في المجتمع العربي، وهو لا يعده حركة نشأت بفعل تأثير غربي، بل حركة أصيلة مستجيبة لذلك التحول، ومن هنا يأتي اعتراضه على كل ما هو منبت ومصطنع ومقحم..
ووصف نجمان ياسين الشاعر حميد سعيد بأنه غصن حي من شجرة مباركة ارتوت بماء الحلة، وطيب لا يخرج إلا الطيب، مشيراً إلى أننا عندما نقرأ عموده اليومي (آخر الكلام) نشعر بطيب الرجل وإنسانيته. فهو مهموم بالناس، بمشكلاتهم، بالبحث عن عالم افضل لهم، وهو منحاز الى قدسية الشارع العراقي والبيت العراقي الجميل وبهائهما، وإذا كنا نقرأ الاحتدام والغضب في كتابته، فإننا نقف أمام المحبة والحرص والشعور بالمسؤولية، مسؤولية الفنان الشاعر والإنسان المناضل عن الجماعة، لأنه يؤمن أنه ضمير الجماعة وصوتها...
في الكتاب، أيضاً، بحوث ودراسات نقدية كثيرة ألمت بشعر حميد سعيد من جميع جوانبه وفيها تحليل لكثير من قصائده، ومن هنا جاء الكتاب ليكون جديراً بالقراءة والاطلاع على محتوياته.