الأنباط -
الأنباط -تنفجر الحالات، مرة واحدة، ونصحو على ثلاث وستين حالة في يوم واحد، داخل الأردن، من بينها سبع وخمسون حالة في عمان، والرقم سيرتفع على الأغلب خلال الأيام المقبلة.
هذا رقم كبير، مقارنة بكل الأشهر الماضية، لكنه رقم منخفض مقارنة بدول أخرى من فلسطين الى لبنان وصولا الى العراق ومصر، لكن الذعر الآن يدب في بيوت الناس، إذ بعد ان كان أغلبهم يسألون عن دوام المدارس الحكومية والخاصة والكليات والجامعات، ويريدون ان تسمح الحكومة بالدوام بشكل مباشر، يترددون اليوم، خوفا من نقل العدوى الى أولادهم، وقد انقلب الرأي العام، من مشكك بالأرقام، ودوافع الإعلان عنها، الى خائف على فلذات الاكباد.
كأننا بعد قليل اذا استمر الوضع كما هو سنطالب شعبيا بالتعليم عن بعد، برغم كل نقاط الضعف فيه، وهي قصة ثانية ترتد على مستوى التعليم الحكومي، وعلى تعامل المدارس الخاصة مع الناس التي لم ترحم الناس بقرش، وغادرها عشرات الآلاف بسبب الأوضاع الاقتصادية، ومجرد ارتفاع الاصابات سيدفع كثيرين الى التردد في الدفع للمدارس الخاصة، خصوصا، ان اغلبها يريد كلفة المواصلات والزي ورسوم الفصل الأول، فيما المؤشرات باتت تثير القلق أساسا حول استعداد الأهالي لإرسال أولادهم للمدارس امام هذا التدهور الصحي، وسوء الأوضاع الاقتصادية للأهالي، وبدء رفض المدارس الحكومية استقبال الطلبة القادمين من المدارس الخاصة، بعد ان غادرها اكثر من 50 الف طالب حتى الآن.
هذا الرقم وعلى افتراض ارتفاعه مجددا او تواصله كما حدث مع دول ثانية، سيؤدي أيضا الى تداعيات مختلفة، فحتى قصة حظر الاحياء السكنية لن تصمد طويلا اذا تفشى الوباء اكثر، وقد نصير امام سيناريو الحظر الشامل الذي لا تريده الحكومة أيضا، لأنها تتضرر منه اقتصاديا، ولا تحتمل كلفته الصحية، وقد جربت بنفسها أيضا الكلفة خلال الأشهر الماضية.
لكن السؤال الذي لا تجيب عنه الحكومة يتعلق بالكيفية التي تدعو فيها للانتخابات النيابية وقد بدأ عدد الحالات بالارتفاع، مثلما وبشكل
يناقض هذه الدعوة تؤجل انتخابات المحامين والأطباء والصحفيين، وفي الوقت ذاته تسمح للعائلات والعشائر بالتجمع لإجراء انتخابات داخلية، مثلما تتقدم بسيناريوهات متعددة للمدارس والجامعات، والمثير هنا حقا، ان يكون التجمع مسموحا في حالة، وممنوعا في حالة أخرى، وهذا امر غريب حقا.
إدارة الحكومة لهذه القصة تثير رد فعل شعبي سلبي في بعض جوانبها، خصوصا، بشأن خصم الأجور، وقد تم الإعلان عن السماح بخفض الرواتب خمسين بالمائة في المناطق المعزولة، هذا على الرغم من ان الحكومة تعرف ان الجوع يتمدد، وان الناس تعاني من الفقر، وان اضرار فترة الحظر الأولى لم تزل حتى الآن، وكأن التزامن بين الضرر الاقتصادي والصحي، لعنة لا يراد فكها، مع معرفة الحكومة ان أوضاع الناس لا تحتمل هكذا معالجات.
أسوأ ما نعيشه اليوم، هو الإدارة اليومية لهذه الأزمة، والواضح ان الإدارة اليومية هي المتاحة بسبب تقلبات حالة الوباء، وما هو مخيف حقا، ان ارتفاع الرقم بهذه الطريقة قد يؤدي الى متواليات هندسية ونصير امام وضع لم نعشه خلال الحظر الأول، بما يعنيه ذلك من تداعيات مختلفة، على اكثر من صعيد، وخصوصا، ملف العلاج، ملف الأجور، والوضع الاقتصادي، والضرائب، والتراخيص، والسياحة، والسفر، والمطار، والتعليم في المدارس والجامعات.
التهويل بشأن عدد الحالات قد لا يكون علميا اذا تمت مقارنته بأرقام من حولنا، وقد شهدنا في بعض الدول وصول الحالات الى الآلاف يوميا، وتحول الحجر من المستشفيات الى المنازل لعجز المستشفيات، إضافة الى تمكن دول كثيرة من خفض الإصابات تدريجيا، وهذا يعني ان على كل فرد مسؤولية عدم السماح بتفشي الوباء، مع اقتراب موسم الشتاء، لكن المؤلم حقا، انه وبرغم كل هذه المؤشرات، الا ان البعض يصر بسذاجة غريبة على ان كورونا مجرد كذبة.
نحن الآن في توقيت حساس، نرجو الله ان نعبره، بأقل الكلف، حتى لا نجد انفسنا امام سيناريوهات صعبة تعطل كل شيء، وهذا ما لا يتمناه احد في هذا البلد، خصوصا، ان الكل سيدفع كلفة مضاعفة، الحكومة والناس، معا، في ظل توقيت ثقيل للغاية.