القدس عاصمة فلسطين-بدون مقدمات عاد الاعلام الاسرائيلي للنبش في مخزون الكراهية التي اجاد صناعته بين الاشقاء، وللأسف ما اسهل ان ننجر للسقوط في الفخ الذي صنع لمزيد تعميق الهوة بين الاشقاء الذين تعودوا أن لا يتناسوا لبعضهم الاخطاء لكنهم سرعان ما يتجاوزون ويغفرون اخطاء وخطايا وجرائم اعدائهم وخصومهم.
عاد الحديث عن مدينة القدس المحتلة ومقدساتها وتقاسم الوصاية عليها وتناسى الجميع أن المدينة ضمتها دولة الاحتلال الاسرائيلي واعتبرتها جزء من اراضيها رغم مخالفة ذلك للقوانين وللشرعية الدولية، ومن يريدون الحديث عن هذا الموضوع الذي تم اعادته للواجهة اسرائيلياً وكأن الخلاف اليوم اسلامي حول تقاسم الوصاية وليس على انهاء الاحتلال واستعادة حرية المدينة المقدسة واهلها المرابطون.
اسرائيل حاولت عبر علاقاتها بدولة إسلامية تريد استعادة دورها في المنطقة تجاوز الوصاية الهاشمية على كافة المقدسات الدينية الاسلامية والمسيحية وحصرها بوصاية على المقدسات الاسلامية مستغلة دخولها عبر البوابة الاسرائيلية بحكم علاقات الصداقة التاريخية بين البلدين لدق اسفين في الوصاية واهداء اسرائيل الوصاية على المقدسات المسيحية لفتح وتعزيز شرخ لم يسبق له أن وجد في المدين بين ابنائها من الديانتين.
الرد على المحاولة الاسرائيلية لم يكن فقط سياسياً ووطنياً أردنياً وفلسطينياً بل كان في ردة فعل شعبية فهمت مبكراً نوايا دولة الاحتلال الاسرائيلي واصدقاءه ورفضت بحزم ودون تردد اي مساس بهذه الوصاية التي تتجاوز الفهم السياسي والديني الى منحى يرتبط أساساً بعلاقة روحانية بين الهاشميين والمسجد الاقصى والمدينة المقدسة بكل تراثها وتاريخها الديني العريق.
من يريدون اعادة صناعات النعرات وتأجيج الصراعات حول الوصاية على المدينة المقدسة يتناسون أن لولا الوصاية الهاشمية لما استطاع أحد ان يمنع اسرائيل من التمادي والسعي لافتكاك اجزاء من الحرم القدسي، رغم كل التطرف المتعاظم في سياستها والدعم الغير مسبوق من ادارة الرئيس ترامب لسياسات نتنياهو وسياسته العدوانية وما سيقود ذلك من تدمير لكل فرص السلام الضائع في المنطقة ولصدام يتجاوز الحدود السياسية ليصل مخاطر الصدام العسكري مع اسرائيل التي تسعى لخلق تهديد للأمن والاستقرار في المنطقة.
في مواجهة السياسات الاسرائيلية المتطرفة والرافضة للسلام فكرة ومضموناً، يفرض الواقع نفسه من أجل ان يعاد العمل لدعم التضامن والتلاحم الاردني الفلسطيني، والتأكيد على التضامن العربي لأن حكومة نتنياهو والتي تسابق الزمن لإعلان ضم اجزاء كبيرة من الضفة الغربية وغور الاردن تحت مسمى الذرائع الامنية لضمان امن إسرائيل تسعى لجر المنطقة نحو صراع لا يمكن توقع تداعياته وهذا التهديد يمس بشكل مباشر الاردن وفلسطين اللتين واجهتا وستواجهان بقدر مشترك ومصير واحد هذه التحديات.
من يراهن على اضعاف الموقف الاردني حول دوره في الوصاية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة، كمن راهن على ان الزمن كفيل بان ينسى الفلسطيني وطنه وكانت النتيجة ان احداً لم ينسى وان الزمن زاد من ثبات وتعزيز المواقف.
علاقات الاردن الهاشمي بالمدينة المقدسة واهلها يتجاوز الواجب ويرتبط بنسب وإرث هو امانة عند احفاد من الرسول صلى الله عليه وسلم فلهم فيها إرث المسرى ووصية الخليفة عمر بن الخطاب عند فتح بيت المقدس وهذا يجعل من العلاقة الروحية والانسانية والوطنية تتجاوز حدود الروابط التقليدية إلى الروابط الروحية.
وفي انتظار أن تتحد الجهود ليس للبحث عن تفتيت الوصاية الهاشمية على المدينة المقدسة بل لتعزيز السعي لاستعادتها من الاحتلال وكسر قرارات الضم والاعتراف الامريكي بالمدينة عاصمة لإسرائيل يبقى الحق عصياً على الانكسار والرضوخ.