لقد تجاوزت الحالات المؤكدة لفايروس كورونا220,000، الذي ظهر لأول مرة في الصين في نهاية العام الماضي ومن المرجح أن يرتفع بشكل متسارع ما لم تتخذ الدول الإجراءات اللازمة للحد من الانتشار والتزام الجماهير بهذه الإجراءات. في حين أن أكثر من ثلت إجمالي الحالات المؤكدة تقع في الصين، فإن الغالبية العظمى من الحالات الجديدة المبلغ عنها منذ 25 فبراير ظهرتفي أوروبا وامريكا الشمالية, حين أن ما كان يُنظر إليه في البداية على أنه كارثةفي الصين وحدهايصنف الآن على أنه أزمة عالمية.
للأسف،إن انتشار الفيروس اظهر إمكانية تحقق سيناريوهات المحللين السلبية والتي تذكر دائما بعد عبارة " و في أسوأ السيناريوهات" حيث يتحملأصحاب الاعمال الآثار المترتبة على تعطيل التزويد والاعمال بشكل عام او جزئي، والآثار غير المباشرة على الاقتصاد. بشكل عام لقد أدى قرار اثنين من أكبر منتجي الطاقة في العالم بالحفاظ على المستويات الحالية للإنتاج، على الرغم من انخفاض أسعار الطاقة، إلى مزيد من القلق لدى المستثمرين في حين أن الأسئلة حول قدرات الحكومات على إقامة استجابة فعالة ومنسقة. أدى الى تزايد الشكوالى تقلبات الاسواق المالية التي شوهدت مؤخرا. ان تأثيركوروناعلى الاقتصادسيعتمد على سرعة احتواء الفايروسفي كل دولة، والخطوات التي تتخذها السلطات لاحتوائه، ومدى الدعم الاقتصادي الذي تقدمه وتتلقاه الحكومات خلال التأثير المباشر للفايروس.
في الأردن، اتخذت الحكومة إجراءات مهمه وفي توقيت مناسب توعا ما مع دعم شعبي وهذا من شأنه أن يحد من انتشار الفيروس حيث من المتوقع ان يتلقى الأردن دعما ماليا إذا استمرت الازمة أكثر من شهر لمساعدة الاقتصاد على امتصاص الازمة مع التنويه على ان القطاع السياحي هو أكثر القطاعات المتأثرة, وفي حال استمرارا لازمة أكثر من ثلاثة أشهر فان حجم التأثير سيتجاوز المليار دينار في حال تعافى القطاع منتصف الصيف على فرضية انتهاء الازمة و تضاءل خطر الفايروس على الصحة العامة. كما يجب النظر الى انخفاض أسعار النفط العالمية كعامل مساعد لاقتصاد الأردن خلال هذه الازمة.
المؤشرات المبكرة لتأثيرالفايروسعلى الاقتصاد العامي أسوأ مما كان متوقعًا في البداية حيث أكدت البيانات الرسمية تباطؤ واسع النطاق في النشاط الاقتصاديالعالمي، حيث سيواجه الاقتصاد العالميتحديًا في تحقيق انتعاش سريع في ظل التحديات التي يواجها العالم في حربه مع الفايروس، وسيواجه الأردن ذات التحديات حيث ان فرصة تقديم مساعدات من دول او جهات دولية تنشغل بمواجهة الفايروس لن يكون مهمه سهلة وسريعة.
على الرغم من أن التفشي يتباطأ في الصين، تتزايد العدوى في أوروبا وكوريا الجنوبية وإيران والولايات المتحدة ودولأخرى، حيث تطبق الحكومات العالميةاجراءات متزايدة لاحتواء الفيروس. ومن المحتمل أن تدخل أوروبا واليابان في ركود اقتصادي نظرًا لأدائها الضعيف في الربع الرابع من العام 2019 واعتمادها الكبير على التجارة، مع توقع بعض المحللين حدوث انكماش في الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة في الربع الثاني 2020. وتتفاوت تقديرات الأثر العالمي: في وقت مبكر من الأسبوع الماضي، توقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) أنالفايروسسيخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بمقدار نصف نقطة مئوية لعام 2020 (من 2.9 إلى 2.4 في المائة) ؛ و تحذر بلومبرجإيكونوميكس من أن نمو إجمالي الناتج المحلي للعام بأكمله قد ينخفض إلى الصفر في أسوأ سيناريو للفايروس.و في هذه الحالة سيكون امام الأردن مهمه صعبة لتخفيف الأثر الاقتصادي و لكنها ستبقى ممكنه نظرا لان حجم الدعم المطلوب لن يكون ضخما بشكل يجعل الحصول عليه مهمه مستحيلة مع التمني بعدم لجوء الحكومة الى جيب الشعب لتحصل على الدعم المطلوب فيما لو تأخر أو تعثر الحصول على الدعم من جهات دولية.
كما ذكرت، ستكون السياحة والقطاعات المرتبطة بالسفر من بين أكثر اقطاعات تضررا حيث تشجع الحكومات "التباعد الاجتماعي" وبقاءالناس في منازلهم. حيث يحذر الاتحاد الدولي للنقل الجوي من أن أثرالفايروسيمكن أن يكلف شركات النقل الجوي العالمية ما بين 63 مليار دولار و 113 مليار دولار من الإيرادات في عام 2020، وقد تفقد سوق الأفلام الدولية أكثر من 5 مليارات دولار في مبيعات شباك التذاكر المنخفضة. وبالمثل ، تراجعت أسهم شركات الفنادق الكبرى في الأسابيع القليلة الماضية، ويتوقع عمالقة الترفيه مثل ديزني ضربة كبيرة للإيرادات, وستواجه المطاعم والأحداث الرياضية والخدمات الأخرى أيضًا تحديات كبيرة. وستكون الصناعات الأقل اعتمادًا على التفاعل الاجتماعي المرتفع ، مثل الزراعة ، أقل عرضة للأثر نسبيًا ولكنها ستظل تواجه تحديات مع تذبذب الطلب.
بالنسبة للأردن, فان سرعة تعافي قطاع السياحة و النقل العالمي سينعكس إيجابيا على الأردن. لذلك فان مراقبة التطورات العالمية ستساعد الأردن في إدارة التحديات الاقتصادية للفايروس بشكل منطقي وعملي.