الأنباط -
الأنباط - قال نقاد واكاديميون إن الأديب العربي الراحل نجيب محفوظ، أحدث نقلة كبيرة
في لغة الرواية العربية، وتخطى حدود الزمان والمكان، واستحق جائزة نوبل عن
جدارة باعتباره واحداً من أفضل الأدباء في العالم.
واشاروا خلال ندوة
نقدية عقدت مساء امس الاثنين في المنتدى الثقافي لمؤسسة عبد الحميد شومان
بعمان، بمناسبة مرور 31 عاماً على نيل محفوظ "نوبل للآداب"، الى الجوانب
الإبداعية والفكرية والجمالية التي شكلت تجربة محفوظ. وقال أستاذ النقد
الادبي المصري الدكتور صلاح فضل، في الندوة، ان نجيب محفوظ حول العمل
الروائي إلى عمل فكري وفني، ووظف جميع الرؤى الفكرية والفلسفية والنفسية
والإنسانية لخدمة العمل الروائي حتى تصبح له قيمة ومعنى. واوضح فضل، أن
محفوظ طور نفسه مع العمل الروائي من الكلاسيكية إلى التجريبية إلى
التعبيرية، وبالتالي لم يقف مع الرواية عند حد أو زمن أو فكرة معينة بل كان
يتجدد دائما وتتجدد معه رواياته.
وبين أن رؤية محفوظ بالغة العمق
ومخالفة لرأيه السياسي، معتبراً أن الراحل كان أفضل من استخدم الأمثولة
والرمز والإشارات والشعر المعاصر في السرد الروائي، لافتا الى ان عبقرية
محفوظ تكمن في قدرته على النمو ومثابرته في الأداء وطاقته الجبارة في
التجريب والابتكار، والدأب المنتظم الذي جعله يتخطى أقرانه ومع التراكم
المتنامي في الاتجاه الصحيح وتفادي الصراعات.
من جهته، اعتبر الناقد
والأكاديمي الدكتور محمد عبيد الله، أن محفوظ عميدُ الرواية العربية،
وأيقونتُها الخالدة، ومعلّمها الأبرز، حيث انه نجح بتطوير اللغة السردية
وتمييزها عن اللغة الشعرية، فكيّف العربية المعاصرة بما يتلاءم مع متطلبات
اللغة الروائية- السردية بعيداً عن البلاغة الشعرية التي طوّرتها الشعرية
العربية منذ القديم، مثلما قدّم تجربة رائدة في السرد الروائي المسكون
بالفلسفة والتأمّلات الكونية والإنسانية.
وقال عبيد الله، ان الاديب
الراحل قدم نماذج حوارية تعلي من شأن الحوار وكلام الشخصيات، ردا على ما
يفيض به الواقع العربي من قمع واضطهاد وتكميم للأفواه، كما ظهر عنده
التلازم المبدئي بين المضمون والشكل، أو المعنى والمبنى على نحو متوازن.
واضاف،
أن محفوظ في تحوّلاته وتجواله البليغ في النفس الفردية وفي وجدان المجتمع،
وفي الوجدان الإنساني كله، من التاريخ إلى المكان النابض بالبشر والحركة،
إلى الزمان بأمكنته وأجياله، ظلّ محافظاً على نكهته القاهرية مستمدّاً منها
كل احتمالات السرد، مكيّفاً معها الأساليب والتقنيات على نحو لا تحسّ
للصناعة أثراً فيها. وعلى صعيده قال الناقد والأكاديمي الدكتور شكري عزيز
الماضي خلال ادارته الندوة، إن محفوظ انطلق في كتاباته من الواقع الذي
يعيشه، خصوصاً من الحارة المصرية التي كانت تمثل مجتمعاً صغيراً يمتلك
تقاليده وقوانينه، واستطاع تحريك الشخصيات في رواياته وقصصه ليقول ما يريد
قوله من خلالها مضيفا أحياناً نوعاً من الرمزية إلى تلك الشخصيات.
-- (بترا)