ليست مبالغة على الإطلاق أن نصحوا في أحد «الصباحات القريبة» على وقع تفجير اما المسجد الأقصى أو مسجد قبة الصخرة تمهيدا لبناء الهيكل على انقاض أي منهما، وما يجري من تصعيد متعمد هذه الأيام من قبل المتطرفين اليهود في باحات المسجدين ما هو إلا جزء أصيل من تطبيق عقيدة «هرمجيدون» التى يؤمن بها «الانجيليون» في أميركا و"الحريديم» اليهود المتشددون والذين يؤمنون بأن عودة المسيح تتطلب بالضرورة إعادة بناء الهيكل الثالث بعد تدمير الهيكل الأول على يد نبوخذ نصر عام 587 قبل الميلاد والهيكل الثاني على يد الرومان عام 70 ميلادي. إن عقيدة «هرمجيدون» هي التي تحكم البيت الأبيض اليوم، والرئيس ترمب ورغم عدم تدينه، إلا أنه بات «العوبة» في أيدي أصحاب هذه العقيدة سواء مايك بينس نائب الرئيس أو مايك بومبيو وزير الخارجية أو جون بولتون مستشار الأمن القومي هذا علاوة على صهره «كوشنر» الذي كان وراء قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس الشرقية وإعلانها عاصمة أبدية لإسرائيل.
عقيدة «هرمجيدون» تتلخص في» العمل على استعجال عودة المسيح من خلال عدة خطوات أهمها على الإطلاق هدم أحد المسجدين في القدس والبدء بإقامة الهيكل الثالث مكانه»، عندها تشتعل معركة هرمجيدون في بقعة ما من أرض فلسطين وتكونسببا في دمار الأرض وهو ما يتسبب بنزول المسيح وهزيمة «الأشرار» ويقيم بعدها المسيح العدل في الأرض. لا أعلم مدى اطلاع القادة العرب على هذه العقيدة ومدى تلمسهم لخطورتها تجاه القضية الفلسطينية، فالمؤمنون بها يعتبرون دعم إسرائيل هو «أمر من الرب»، وهو ما دفع إمرأة مسيحية مؤمنة غير ملوثة بهذه العقيدة تتصدى لشرح وفضح هذا الفكر. تقول «غريس هالسل» الصحافية المرموقة ومحررة خطابات الرئيس جونسون في كتابها «يد االله.. لماذا تضحي الولايات المتحدة بمصالحها من أجل إسرائيل»، انقل وبتصرف (..أنهم يرون بالوقوف ضد إسرائيل هو وقوف ضد إرادة الرب)، ويؤمنون (بأن كل الحروب التي تخوضها إسرائيل هي مقدسة وبدعم من الرب).
وترى أن البيت الأبيض منذ كارتر مرورا بريغان وبوش الابن والأب هم من المؤمنين بضرورة انهاء هذا العالم من خلال حرب كونية تعجل بعودة المسيح. استشعر وبفخر مدى صلابة جلالة الملك في التصدي لهذه العقيدة ولصفقة القرن وبخاصة تجاه القدس والوصاية الهاشمية عليها، فالملك يمارس وبصلابة دوره كحارس وخادم للقدس وبوعي تام لكل ما أشرت له.