اصدر مجلس النقباء اليوم الاحد بيانا صحفيا دعى فيه الى مجابهة الاخطار التي تحدق بالاردن وتحديدا صفقة القرن والشخصيات التي تتماهى معها.
النقباء وفي بيان قوى اللهجة هاجم فيه ما اسماه الشكل الجديد من الحرس البيروقراطي ورجالاته وأدواته وبرامجه التي تتماهى وايقاع "صفقة القرن" وتصفية القضية الفلسطينية، معتبرا الشكل الجديد ليس مجرد خيارات اقتصادية لا تلقي بالاً للأبعاد الإجتماعية، بل أخطار سياسية تطال الدولة الأردنية ووجودها برمته.
واكد المجلس ان الوطن وأهله قد اكتفى من خذلان "مغامري التسلق" و"هواة التجريب" و"الرجالات الرخوة" وقد فقد الخطاب الرسمي اليوم- بكل مستوياته وتلاوينه ووسائله- قدرات "التخدير" و"ذر الرماد".
وشدد المجلس ان الحلول تكمن في مشروع وطني جامع قوامه، إعادة الاعتبار لدولة الضمان الاجتماعي، وإعادة السيطرة على الموارد العامة، ومواجهة صفقة القرن وسيادة القانون والعدالة الاجتماعية والمواطنة الفاعلة ينجز التشاركية السياسية ويحارب الفساد، ويضرب على ايدي الفاسدين ويطيح بنهج التبعية ويعلي من الالتزام بمصالح الوطن والامة، ويعمق الاحساس بالانتماء والهوية الوطنية والتكامل العربي، هو الطريق الاسلم والانجع إلى الصعود نحو غد أمن ينعش الأمل بمستقبل الوطن، فآمال الناس مسار واجب.
وتاليا نص البيان:
كانت النقابات المهنية الاردنية، انطلاقاً من رسالتها وتقاليدها، قد تقدمت الصفوف قبل عام تقريباً، دفاعاً عن كرامة شعبنا وحقه في العدالة والحرية والعيش الكريم، مطالبة بقانون "ضريبة تصاعدية" ينتصر للطبقات الشعبية ولا يحولها إلى بديل عن السياسات الريعية القديمة والفساد المرتبط بها.
تحملت النقابات مسؤولية تلك الوقفة وما شهدته من التفاف شعبي غير مسبوق حولها، كما تحملت ايضاً مسؤولية منح الفرصة تلو الأخرى للحكومة الجديدة، تجنباً لتداعيات غير محسوبة في اقليم مضطرب، ويزداد اضطراباً بسبب سياسات العدو الصهيوني وداعميه.
وبقدر ما كانت خيبة النقابات وجماهير شعبنا كبيرة ومريرة، إذ لم يقابل "تسليف الوقت والفرص" الحد الأدنى من الإستجابة الرسمية، تلازمت هذه الخيبة مع تصاعد الأخطار المحدقة بالوطن والأمة وفي مقدمتها "صفقة القرن" وإنعكاساتها على الأردن والقضيه الفلسطينية.
ولعل أخطر ما في تقاطعات "تردي الاوضاع المعيشية" و"المخاطر السياسية" هو ما حملته من تداعيات ومناخات بنيوية تحت عنوان "اعادة الهيكلة" بما تستبطن من معاني تفكيك الدولة ومؤسساتها، وتفسخ الطبقة الوسطى واتساع دائرة الفقر والبطالة، وبأدوات شتى، من البنك وصندوق النقد الدوليين , الى اللبيرالية المتوحشة.
إن النقابات المهنية الاردنية، التي سبق وتصدت إلى جانب قوى المجتمع المدني الأخرى، للشكل القديم من الحرس البيروقراطي وسياساته وحكوماته، معنية اليوم بمواجهة الشكل الجديد ورجالاته وأدواته وبرامجه التي تتماهى وايقاع "صفقة القرن" وتصفية القضية الفلسطينية، خاصة والشكل الجديد ليس مجرد خيارات اقتصادية لا تلقي بالاً للأبعاد الإجتماعية، بل أخطار سياسية تطال الدولة الأردنية ووجودها برمته.
هكذا، وقد استنزفت الخطايا والاخطاء كثيراً من صبر الأردنيين وطاقات تحملهم وعاث في زمانهم فاسدون وعابثون وطارئون، وتولى فيمن تولى أمرهم من رأى في المنصب فرصة ثراء وبوابة تكسب، لا زال الاردنيون - على وجعهم- يمسكون بأكف من حزم على الراية ويدافعون بحبات العيون عن دولتهم، قابضين على جمر ايمانهم الصوفي بوطنهم، فالمشهد الوطني مترد وبائس، في كل الدروب كلام كثير وخطى خجلى: فالتنمية متعثرة ما وجدنا إلى "استدامتها" سبيل، والاصلاح السياسي ان كانت ثمة خطوة إلى الامام فإن الى الخلف دائماً خطوات، ومحاربة الفساد أسلحة صوتٍ لا رصاص فيها، والنهضة مشروعٌ لم نر له على أرض الواقع أساساً ولا روافع، والثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة معدومة، وقد أصاب أجهزتها داء الهشاشة وبدت عليها اعراض العجز. وسياسات إقتصادية فلسفتها الجباية والاتكاء على جيب المواطن وتهميش معايير "المسؤولية الاجتماعية" للدولة، سياسات لا تراعي بعداً اجتماعياً ولا تحمي فقيراً ولا تحفز نمواً، وقد أمست "الاصلاحات الاقتصادية" وسياساتها وبرامجها مجرد قنوات إضافية لتوسيع التمايزات الاقتصادية والاجتماعية بين ابناء الوطن.
واللحظة الوطنية لحظة فارقة، وجب فيها لسان الصدق، تقف النقابات المهنية صوت حق داعية إلى الاستفادة من كل الفرص الممكنة لاستعادة الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة واجهزتها المختلفة والدفع باتجاه اصلاح وطني بنيوي شامل يمتن الجبهة الداخلية ويرسخ البنيان، إن التحديات، خارجيةً وداخلية، لا يمكن ان مواجهتها الا عبر خارطة طريق للاصلاح السياسي والاقتصادي يرسمها مؤتمر وطني أردني يشارك به الجميع، يعيد تحديد اتجاهات السياسات العامة واهدافها وينظم الاولويات الوطنية وعلى راسها الحياة الكريمة للمواطن وأمن مستقبله.
وترى النقابات المهنية انه من المُلّح وطنياً اليوم تلازم العمل من اجل وقف انهيار الدولة وتفكيكها، ومجابهة صفقة القرن ومناخاتها وادواتها، واتخاذ إجراءات عاجلة ترسي أرضية حماية إجتماعية تكرس "العدالة الإجتماعية" ببعديها: الإنصاف وتكافؤ الفرص. وقد إكتفى الوطن وأهله من خذلان "مغامري التسلق" و"هواة التجريب" و"الرجالات الرخوة" وقد فقد الخطاب الرسمي اليوم- بكل مستوياته وتلاوينه ووسائله- قدرات "التخدير" و"ذر الرماد".
إن مشروعاً وطنياً جامعاً قوامه، إعادة الاعتبار لدولة الضمان الاجتماعي، وإعادة السيطرة على الموارد العامة، ومواجهة صفقة القرن وسيادة القانون والعدالة الاجتماعية والمواطنة الفاعلة ينجز التشاركية السياسية ويحارب الفساد، ويضرب على ايدي الفاسدين ويطيح بنهج التبعية ويعلي من الالتزام بمصالح الوطن والامة، ويعمق الاحساس بالانتماء والهوية الوطنية والتكامل العربي، هو الطريق الاسلم والانجع إلى الصعود نحو غد أمن ينعش الأمل بمستقبل الوطن، فآمال الناس مسار واجب.
إن النقابات المهنية، وهي تطرح في بيانها هذا رؤية وطنية صادقة، تحذر من شيوع اليأس في الوطن، وتعرب عن خيبة أمل شعبية، وهي ترى فريقاً حكومياً لا يمكن ان ينهض بمسؤولية اللحظة الوطنية، وتقرأ في التعديل الحكومي الأخير -على ما شابه من عوار دستوري وقانوني- مقاربةً خشنةً للتعاطي مع الاحتجاجات الشعبية تجلت في حملة اعتقالات ليلة أمس لعدد من الناشطين السياسيين، وانعكاساً لعقلية أمنية عرفية وعودة إلى منهجية اثبتت فشلها في التعامل مع الفعل الشعبي والناشطين، وتدعو مجددا المعنيين إلى التعامل بإدارة حصيفة ترسم صورة مشرقة للوطن وحالة الحريات العامة فيه فيه بعيدا عن عقلية التأزيم و"صناعة الخوف" والترهيب. مطالبة بالافراج عن كافة معتقلي الرأي والتعبير السلمي ووقف التمادي المستنكر على الحريات العامة وحقوق المواطن المكفولة دستورياً وقانونياً.
مؤكدة ثقتها بهذا الشعب العظيم، وعيا وحرصا، وقدرته على إسقاط كل ما يحاك من مؤامرات على وطنهم تحت مسميات "صفقة القرن"، فما تقاعس الاردنيون يوماً، ولا ترددوا، ولا تخلفوا عن نداء وطنهم، وايمانها الأكيد أن لهذا الوطن شعباً يحميه بالعيون وجنداً يفتدونه بالارواح، وأن رسالتنا جميعاً، أردنيين أوفياء لهذا التراب العربي الطهور، إلى كل الإتجاهات أن "الاردن خطنا الأحمر العريض".
عاش الاردن وطنا وشعبا وجندا وراية
رئيس مجلس النقباء
نقيب المهندسين
م. احمد سمارة الزعبي