وليد حسني
كانت لندن ولم تزل وربما ستبقى لعقود مقبلة مربط خيلنا..
ذلك وصف التصق تماما بالعلاقة التي تربط العرب ببريطانيا الصديق اللدود، والعدو الحقود، ولا أظن أن أحدا يمكنه الركون ولو قليلا لكل سياسات بريطانيا تجاه العرب وقضايانا المصيرية وفي مقدمتها بالطبع القضية الفلسطينية.
وبالرغم من أن بريطانيا ستبقى"مربط خيلنا" ووجهة مسؤولينا، فإن لندن بكل ثقلها السياسي والاقتصادي لن تخرج بالمطلق عن طوع البنان الأمريكي، وقد ثبت لكل ذي بصيرة كيف ان بريطانيا ومنذ أفلت شمس امبراطوريتها العظمى ارتهنت للسياسي الأمريكي الذي حل محلها في إدارة الصراع العربي الفلسطيني، قبل ان تنسحب من خليجنا العربي مطالع سبعينيات القرن المنصرم، وتحولت للقيام بوظيفة الوكيل الجيد للسيد الأمريكي.
اقول هذا ونحن على مشارف مؤتمر لندن لدعم الاقتصاد والاستثمار في الأردن الذي تطبل حكومتنا له وتزمر، وتعوَّل عليه كثيرا في إعادة ولو جزء ضئيل من بناء اقتصادنا، بل وانخرطت حكومتنا في حملة علاقات واسعة لتسويقه باعتباره الحدث الأبرز الذي سيخرجنا من عنق الزجاجة التي تأبى الكسر، ولا تلين لدعوات الرئيس الرزاز وسلفه الصالح من الرؤساء المؤمنين حد التقوى.
سينعقد مؤتمر لندن في الثامن والعشرين من شهر اذار المقبل، وبحسب وزيرة التخطيط والتعاون الدولي د. ميري قعوار فان الأردن يحمل لهذا المؤتمر ثلاث رسائل سياسية اولاها ان الاقتصاد الاردني يسير نحو الاصلاح، والثانية ان الأردن لا يزال بحاجة للدعم الدولي لتدعيم اصلاحاته الاقتصادية التي بداها سنة 2018 ، والثالثة ان الأردن يتجه للشراكة مع القطاع الخاص خلال السنوات الخمس المقبلات.
وكان رئيس الوزراء د. عمر الرزاز قد سبق وزيرته د. قعوار حين اعلن عن اماله الكبار بان مؤتمر لندن مختلف هذه المرة وسيركز على المستقبل الاقتصادي الاردني الذي ينبني على الاستثمار والمشاريع المجدية.
هذه إذن طموحاتنا العتيدة من المؤتمر الذي دعي لحضوره في لندن اكثر من 400 مشارك من بينها بالطبع الدول السبع الكبرى والدول الاخرى المانحة والشركات والمؤسسات العالمية الكبرى، ولهذا اعدت حكومتنا كشفا بنحو 128 مشروعا اقتصاديا تأمل بالحصول على تمويلات لها بعد ان اختبرنا في مؤتمر لندن الاول مدى كذب تلك الوعود وزيفها.
ما يهمني في القصة وبعيدا عن كامل تفاصيلها تلك الصلة التي لا تبدو بريئة تماما بين زيارة كوشنير للمنطقة للترويج لصفقة القرن التي يعتزم كاهن البيت الأبيض ترامب الاعلان عنها الشهر المقبل.
ولست بموقف يسمح لي التعامل ببراءة الأطفال مع تلك الزيارة الترويجية لكوشنير وبين مؤتمر لندن، فهنا في إقليم الشام، وهناك على ضفاف التايمز ثمة عواطف تتلاحق الى الحد الذي لا يسمح لمثلي النظر لتلك العلاقة بكامل البراءة والطيبة التي تحاول الحكومة تكريسها عبر وسائل الاعلام وتعدد المعلقين والمبشرين، بالرغم من ان الناطق الرسمي باسم الحكومة جمانة غنيمات لا تبدو انها تعول كثيرا على نتائج ذلك المؤتمر العتيد..
أنا كمواطن ادعو مجلس النواب لمناقشة مؤتمر لندن وعلاقته بصفقة القرن، وما هي الطموحات التي تبني الحكومة عليها امالها، وما هي الضمانات التي سنحصل عليها، والى أي حد يمكننا في بلدنا إحتمال مغامرات أخرى قد تكون أكثر من سيئة..//