بلال العبويني
من المؤكد أن الفائدة المرجوة من مبادرة لندن، لدعم الاقتصاد والاستثمار في المملكة يتوقف على مدى جاهزيتنا نحن من حيث المشاريع الجاذبة للاستثمار الأجنبي النوعي الذي من شأنه المساهمة في تحقيق ما نصبو إليه من نمو وتشغيل وغير ذلك.
في مبادرة لندن، التي من المقرر أن تلتئم بالعاصمة البريطانية في الثامن والعشرين من شباط الحالي، سيكون الحاضرون جاهزين للاستماع إلينا والاطلاع على ما نعرضه أمامهم من فرص استثمارية، من المفترض أن يكون الوزراء أصحاب الاختصاص قد انتهوا من إعداد قائمة بها كل حسب قطاعه.
ثمة أنباء تحدثت عن أن اللجنة الوزارية التي سافرت مؤخرا إلى العاصمة البريطانية للتحضير للمبادرة، تلقت إشارات إيجابية، ورغبة أكيدة على حرص بريطانيا على وجه التحديد في دعم الاقتصاد الأردني أو على الأقل توفير البيئة المناسبة أمام الأردن ليعرض ما لديه ليحقق قدرا كبيرا من المكاسب تعود على الاقتصاد بالنفع والفائدة.
هذه الإشارات الإيجابية تدعمها المراجعة الثانية التي أجراها صندوق النقد لخطة الإصلاح الاقتصادي في الأردن والتي اختتمت أعمالها مساء الخميس الماضي، حيث تم الاتفاق على أن هناك حاجة لتخفيض العجز العام.
الحكومة تعهدت "للداخل الأردني" حيال ذلك، بعدم زيادة الضرائب خلال العام الحالي، وهذه تشكل رسالة طمأنة للشارع الأردني، والتعهد لصندوق النقد بـ "العمل على تخفيض العجز عبر مكافحة التهرب الضريبي وترشيد النفقات الحكومية وتعزيز النمو وتشجيع الاستثمارات وتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول المجاورة"، وفق ما أعلن وزير المالية الدكتور عز الدين كناكرية.
تقرير صندوق النقد الدولي، هو في الواقع بمثابة شهادة "حسن سلوك" للأردن يعرضها أمام المانحين للحصول على قروض منخفضة الفائدة بهدف سداد ديون مُكلفة من حيث ارتفاع قيمة الفائدة.
وتقرير المراجعة الثانية، جاء في وقته المناسب قبيل انعقاد مبادرة لندن، ليكون بمثابة الأرضية الصلبة التي تتكئ عليها الحكومة وهي تعرض ما لديها من فرص استثمارية أمام الحاضرين في لندن نهاية الشهر الحالي.
إن قيمة مبادرة لندن، تكمن في أنها تهدف إلى تحقيق اقتصاد مستدام عبر إقامة مشاريع انتاجية وهو ما يعود بالنفع الدائم على الاقتصاد الأردني بما يوفره من إمدادات نقدية إلى الخزينة العامة وبما يساهم في التخفيف من مُعضلة البطالة المتفاقمة وفي تحقيق الهدف الذي وضعته الدولة الأردنية نصب عينيها في الاعتماد على الذات بعد تقلّص المنح الخارجية إلى مستويات منخفضة جدا.
اليوم، نحن أمام فرصة كبيرة لتحقيق ما نصبو إليه من نمو اقتصادي، عبر اقناع المستثمر الأجنبي في القدوم إلى بلادنا وإنشاء استثمارات، غير أن هذا لا بد أن يترافق معه جملة من القرارات التي تشجع المستثمر من حيث التعهد باستقرار التشريعات ذات العلاقة وتقديم الحوافز الجادة للمستثمرين والتي يجب أن تكون منافسة لما تعرضه دول الجوار من امتيازات للمستثمرين الأجانب، وتحديا فيما تعلق بفاتورة الطاقة التي تعد أبرز التحديات التي تقف عائقا أمام الاستثمار.
مبادرة لندن، هي في الواقع فرص، وبالتالي لا يجب رفع سقف التوقعات عليها كثيرا في تخليص الاقتصاد الأردني من ما يعانيه من تحديات وأزمات، لأنها ليست منحا سيقدمها الحاضرون للأردن، بل نحن الذين سنقدم إليهم مشاريع وعلينا إقناعهم بها متكئين على ما لدينا من عوامل جذب مثل الموقع الجغرافي ومستوى الأمن والمشاريع المجدية والامتيازات الحقيقية التي تشكل إغراء للمستثمر لكي يُنشئ استثمارات في بلادنا.//