منديات فكرية وسياسية واجتماعية !!!
تعتبر المقاهي اماكن لاجتماع الاصدقاء والصحفيين وغيرهم حيث تعطي مساحة واسعة لإمكانية حرية التعبير وتبادل الاراء والحوارات ، بالاضافة لبناء العلاقات الاجتماعية على المستوى الانساني ، حيث يتم تبادل الافكار وتلاحقها وتبادل المعلومات وتراسلها وبناء العلاقات على شبكات التواصل الاجتماعي لما تم تبادله من معلومات ، حيث ان المقاهي اصبحت مسرحاً للحوار في السياسة والازمات ومختلف انواع المشكلات المعيشية والحياتية ، حتى اصبحت ملتقى للناشطين السياسيين والمعارضين لسياسات الحكومة والصحفيين والاعلاميين .
فهناك علاقة وطيدة بين المقاهي والطبقة المتوسطة واصبحت المقاهي مراكز دراسات وابحاث لدراسة مختلف انواع التغيرات والمستجدات على الساحة الداخلية ، وتنمي سلوكيات جديدة في الحياة العامة ، ولقد اصبح لها خصوصية تماثل وتضاهي المقاهي الاوروبية كذلك المقاهي العربية مثل مصر وسوريا والعراق وغيرها .
واخذت تعطي مفهوماً جديداً لتحقيق اللقاءات وبناء العلاقات الاجتماعية بكل تواضع بين كافة الاطراف التي تجمعهم طاولة واحدة ، وبعض المشروبات كالقهوة واليانسون والشاي والأرجيلة ولعب الشدة او طاولة الزهر وغيرها ، فهي البساطة في حد ذاتها والفكر في اعلى مستوياتها وتناول الشأن السياسي والاقتصادي والاجتماعي من اوسع ابوابه ، حيث كان لنجاحها ان انتشرت في كافة مناطق العاصمة واصبحت تعج بروادها الدائمين عليها فهو الملتقى المتواضع والتكلفة المناسبة خاصة اذا كانت الطاولة حلبية ( المشاركة الجماعية بدفع قيمة الفاتورة ) .
فلقد اصبحت في كثير من الاحيان للتمرد الفكري كمركز ومنتدى للحركات الثقافية والاعلامية ، وفيها ايضاً التراث الشعبي للمشروبات والمأكولات وباب للفنانين حيث العزف على العود والاغاني العربية التقليدية حتى اصبح هناك مقاهي حديثة في مناطق راقية من عمان الغربية يرتادها مستويات من الطبقة السياسية والاجتماعية العليا ، وحتى اصبحت المقاهي في وسط البلد والعديد من الاماكن ملتقى للطلبة ، اي ان المقاهي بدأت تأخذ مكانتها في المجتمع السياسي والاجتماعي والثقافي ، وهي بديل للصالونات السياسية التي تقلصت كثيراً في الآونة الاخيرة .
والمقاهي اصبحت منتديات فكرية للحركة الاجتماعية والسياسية ، وتكشف عن كثير من القدرات الابداعية الجديدة فهي بديل عن الادمان على شبكات الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها ، وهي كذلك منتديات لبناء الوعي الاجتماعي والسياسي والثقافي .
فاذا كانت بعض الجهات الحكومية لم تنجح في استقطاب الشباب في الاندية والمراكز والملتقيات الثقافية والشبابية فلقد نجحت المقاهي في استقطابهم بموافقة الاسرة ، واصبحت المقاهي صناعة للسلوك السياسي للفرد واصبحت المقاهي هي محور التفكير والتنظير السياسي وبناء الثقافة وفقاً للمستجدات والمتغيرات ومتابعة التطورات وزيادة بالمعرفة .
واخذت المقاهي دور الاحزاب في التوعية السياسية والثقافية ودور النقابات في اللقاءات الجماعية لمختلف الفئات والمستويات الاجتماعية ، فكل طاولة من الطاولات تمثل منتدى لوحده يتناول شأناً معيناً فهو تحول كبير لدى الكثيرين حتى للذين كانوا يعزفون عن الانخراط في الاحزاب ، وملتقى للمهمشين لاثبات فكرهم ومكانتهم في المجتمع حتى هناك من يحجز طاولته مسبقاً ويحدد مكانها .
ولا تستطيع اي جهة ان تعزل النشاط الاجتماعي عن النشاط الفكري او السياسي فهي ظواهر متلازمة مع بعضها البعض ، وكل طاولة تمثل ظاهرة في حد ذاتها وهي عامل تأثير بالانشطة الانسانية والظواهر الاجتماعية ، فكل طاولة تمثل ميداناً لحركة احداث الواقع السياسي والاجتماعي تحكمها المشاعر التلقائية استعصى على الفساد او الانحراف ان يخرقها ، فبقيت محافظة على تقاليدها وقيمها ومكانتها الاجتماعية فلديها قواعد اساسية للمارسات الداخلية الملتزمة دون اي انتهاك لتتساوى المقاهي في رسالتها الاجتماعية .
المهندس هاشم نايل المجالي
hashemmajali_56@yahoo.com