م. هاشم نايل المجالي
مما لا شك فيه ان الحكومات المتعاقبة كانت قد اعدت دراسات وابحاثا عن العديد من المشاريع الخدماتية والتنموية والبيئية والنقل وغيرها ، استمرت هذه الدراسات والمؤتمرات والندوات لسنين طويلة وهي تدور في حلقة مفرغة من الحوار وتبادل الافكار .
وفي كل مرحلة تدعي ان هناك علما وتقنية جديدة لننطلق الى مرحلة التغيرات بتلك الافكار والمشاريع وتغيير الدراسات ، فعلى سبيل المثال مشروع التخلص من النفايات كان على مبدأ الحرق وتحول الى مشروع الطمر وكان لهما اثار بيئية سيئة ، واعدت الدراسات لاستغلال هذه المكبات الرئيسية لتوليد الطاقة الكهربائية واستغلال ما ينتج عن الفرز ايضاً من مواد مثل تصنيع السماد واعادة تدوير الزجاج والمعلبات والورق وغيرها ، واستمر الحال لسنين طويلة والوضع كما هو عليه حتى كان هناك بعض الاستثمارات المتواضعة بهذا الخصوص لا تحاكي الاستثمار الحقيقي والذي معمول به من سنين طويلة في الدول المتحضرة .
كذلك الامر بخصوص وسائط النقل فلقد تمت دراسة انشاء قطار ما بين عمان والزرقاء واستمرت الدراسة لسنوات وطرح العطاء على نظام B.O.T مع التصميم وتقدمت العروض وتم الغاء العطاء لاسباب لا تستحق الغائه ، فكانت الخسائر اكبر كثيراً من النتائج ليستبدل في النهاية بمشروع آخر ، ونحن نعلم مدى الحاجة الماسة لمثل هذا القطار او غيره من وسائل حديثة لما لهذا الطريق من اكتظاظ مروري وحوادث سير كثيرة وغيرها من المعاناة للمواطنين ذهاباً واياباً ولا احد يعلم ما هي الحلول الجديدة والافكار الجديدة المرتبطة بكل مسؤول .
الا اننا نعلم ان الكاميرات تحصد المخالفات والحوادث تحصد الارواح والتلوث البيئي في ازدياد وها هو مكب نفايات الكيدر في محافظة اربد ومنذ سنين طويلة يراوح مكانه ، حيث يتم طرح والغاء العطاءات بشكل ملفت للانظار والمعاناة مستمرة ، وهناك العديد من المشاريع المماثلة التي تراوح مكانها والتي اصبحت عابرة للسنين الطويلة .
والسؤال الذي يطرح نفسه لطبقة المسؤولين المتعاقبين على المسؤولية وعلى الجهات الرقابية والباحثين هل هناك دراسات وابحاث لحركة الافكار لدى هؤلاء المسؤولين منذ انبثاقها وتفجرها وتطورها وتفاعلها مع الحاجة والواقع المأساوي لحجم المعاناة وما يتولد عن هذه الافكار من افكار ابداعية جديدة ، لايجاد العناصر الفعالة والقوى الفنية العاملة التي تنقل هذه الافكار من النظريات الى التطبيق ، ومن التقوقع الفكري الى الانجاز الحضاري .
ونحن نعلم انه لم يكن هذا الفكر الوطني عالة على احد فهو دائماً يعطي اكثر مما يأخذ خاصة ان هناك افكارا وليدة الازمات بأنواعها ، واذا كانت قراءتنا للمشاهد الواقعية للحاجة الماسة لمثل هذه المشاريع فانها يجب ان تمد العقل بالتغذية المعرفية لنعدل ونطور بفهم وادراك وتحليل ونقد ، وهذا جزء لا يتجزأ من دورة الحياة المجتمعية في اي دولة تسعى لأن تطور نفسها فلا بد من يقظة فكرية ومراقبة ذاتية للاستدلال الصحيح والتنفيذ السليم باتخاذ القرار ، خاصة ان مثل هذه المشاريع استثمارية او على مبدأ المشاركة ولا تحمل الدولة اي اعباء مالية او كفالات مالية بعيداً عن الولوج الى مداخل الفلسفة النظرية والاعلامية والتفلسف والابداع الفلسفي بطرح النظريات في تحليل الامور لخلق معوقات تعيق تنفيذ هذه المشاريع .
ولنعلم انه لتكرار طرحها باساليب مختلفة ومشاهد متعددة اصبح لدينا قصور فكري ان لا حل ولا تنفيذ على ارض الواقع فكثير من المسؤولين من حملة الشهادات والعديد من اللغات ، لكن كل ذلك نظريات ومقترحات وفلسفات وعلى ارض الواقع الوضع كما هو ( مكانك سر ) .
الا يستحق ان نعقد مؤتمراً خاصاً لكل مشروع نناقش بداية ولادته وكم اصبح عمره الزمني وهو عاطل عن التنفيذ ، وكل الامكانيات كانت وما زالت متوفرة لدى الشركات الراغبة بالاستثمار في هذه المشاريع ، ولماذا خلق المعوقات وصناعة الحواجز تلو الحواجز ونتحدث عن التحضر والحداثة والتطور الم نصل بعد الى مرحلة التنفيذ على ارض الواقع ام ستبقى تدور في حلقة مفرغة .//
hashemmajali_56@yahoo.com