بلال العبويني
الضرر الذي سينعكس على الأردن من إنشاء الاحتلال الإسرائيلي مطارا لا يبعد سوى 10 كم عن مطار الملك حسين في العقبة، يتعدى حدود تأثير التداخل في الترددات الجوية.
بل إنه سيصل إلى التأثير على مطار الملك حسين كوجهة للسياح الذين يقصدون المنطقة، ما يعني أن خسارة اقتصادية كبيرة ستنكعس على الاقتصاد الوطني مع بدء التشغيل الفعلي لمطار تمناع الإسرائيلي.
الجميع يعلمون مدى قوة الدعاية الإسرائيلية في الغرب، وتحديدا ما تعلق بالسياحة، إذ اعتاد الصهاينة على سرقة تاريخ وتراث وآثار المنطقة والترويج لها على أنها إسرائيلية، كما هو الحال في آثار البتراء التي يتم تصويرها على أنها إسرائيلية ويقصدها السياح باعتبارها جزءا من برنامج متكامل يقدمه الصهاينة للسياح الأجانب.
إن حجم الضرر الذي سيشكله المطار على حركة السياحة والصادرات، ليس منفصلا بكل تأكيد عن تعديه على السيادة الأردنية على أجوائه باعتبار قرب المطار من الأراضي الأردنية، وهذه قضية وطنية حساسة وليست من البساطة التجاوز عنها أو حتى التراخي في الدفاع عنها ضد كل من يفكر في استهدافها أو الاعتداء عليها.
من هنا، فإن قضية مطار "تمناع" ليست قضية فنية فحسب، بل هي سياسية وكان من الواجب على الحكومات اعتبارها كذلك منذ البدء والتحرك على هذا الأساس قبل أن "يقع الفاس بالراس" ونصل إلى مرحلة افتتاح المطار، الذي حطت فيه طائرة بنيامين نتنياهو في أسلوب لا يخلو من التحدي الذي اعتاد عليه ومارسه مرارا وتكرارا.
المؤسف في القضية، أن موقف الحكومة المُعلن قبل أيام كان ضعيفا ومتراخيا، عندما اقتصر على الجانب الفني دون أن يتطور إلى موقف سياسي قوي تدافع فيه عن السيادة والمصالح الوطنية.
إذ كان من الواجب التصدي لمنع إقامة المطار بشكل مُغاير ونقل القضية لمستويات مختلفة، دون التوقف عند الاعتراضات التي تم تقديمها للمنظمات المتخصصة بالطيران فقط.
فالقضية، كما قلنا، لها تبعات مختلفة أمنية واقتصادية وسيادية، لكن الحكومة، وعلى ما يبدو، توقفت عند حدود منظمات الطيران رغم علمها بعدم احترام الاحتلال لما تتضمنه مواثيق تلك المنظمات.
المشكلة، هنا، أننا نبالغ في التزامنا بالمواثيق والاتفاقات الدولية، في حين أن الاحتلال يوميا يضرب بها عرض الحائط دون أن يقيم أي وزن لها.
مشروع "ناقل البحرين" الذي ما زال معلقا منذ سنوات دون أن يرى النور، لم نتقدم به خطوة للأمام لإلتزامنا باتفاقية "الدول المُشاطئة"، وهي التي تتطلب موافقة الدول التي تتشارك بشواطئ البحار على إقامة مشاريع عليها، ما يعني أننا بحاجة إلى موافقة الاحتلال الإسرائيلي.
غير أن الاحتلال ما زال يعرقل إقامة المشروع لأهداف وغايات كثيرة، ومع ذلك ورغم حاجتنا الماسة والضاغطة للمشروع ما زلنا نلتزم بالاتفاقية، في وقت لا يقيم فيه الاحتلال أي وزن للاتفاقيات المتعلقة بالمطارات مثلا.
بالتالي، التزام الحكومة المبالغ به بالاتفاقيات فيما تعلق بالعلاقة مع حكومة الاحتلال غير مبرر، إذ كان من الواجب الضغط للتقدم في مشروع ناقل البحرين دون موافقة الاحتلال انطلاقا من حاجتنا ومصلحتنا في إقامته، لأننا نعلم أن التحدي الذي يقف عائقا أمامه هو تعنت الاحتلال وليس التمويل فقط.
من هنا، كان موقف الحكومة من مطار "تمناع" ضعيفا ومتراخيا، بالتالي فإنه لا معنى لبيان الاحتجاج الذي أصدرته قبل أيام لأنه أصبح أمرا واقعا وينتظر بدء الإعلان عن تشغيله.//