د . جميل الشقيرات
ظاهرة الإشاعة من الظواهر الإجتماعية السلبية التي تتفشى في المجتمع في ظل أجواء مشحونة بعوامل إقتصادية وسياسية متعددة توفر بيئة مناسبة لتحقيق أهداف من يصنع أو يروج لهذه الإشاعات كتضليل للرأي العام وزعزعة ثقة المواطن بمؤسسات الوطن وإثارة روح الإنقسام والفتنة واليأس بين أفراد المجتمع وذلك من خلال تغيير إتجاهات وسلوكيات الأفراد بسب غياب الحقيقة لديهم ووجود دوافع ومصالح لدى مروجي هذة الإشاعات.لذلك فإننا نجد أنه كلما كانت المجتمعات متقدمة في ثقافتها وأفكارها وحضارتها ومتماسكة في وحدتها كلما كان تاثير الشائعات عليها محدودٱ. ومن أجل التصدي للشائعات ووقف انتشارها والقضاء عليها في مهدها لا بد من تأصيل القيم الإجتماعية النابعة من ديننا الحنيف والتمسك بمبادئ الدين الاسلامي قولا وعملا وذلك من خلال إبراز أهمية التكافل والتكامل الاجتماعي وتفعيل مفهوم(اذا جاءكم فاسق فتبينوا) بين أفراد المجتمع وتوعيتهم بأن كل واحد منهم على ثغرة من ثغور الوطن فلا يسمح أو يقبل للإشاعة أن تأتي من قبله.
وتلعب وسائل الإعلام المختلفة دورا رئيسا وهاما في مقاومة الإشاعة والتصدي لها من خلال تقديم المعلومة الصادقة وكشف الحقائق للمواطن لكي يكون لدية قناعة تحمية من هذة الآفة التي تتغلغل بمجتمعنا بسبب ثورة الاتصالات وتعدد المنصات الإعلامية والمواقع الإلكترونية وفوضويتها. ولا ننسى التأكيد على دور الأسرة في عملية الضبط الاجتماعي وتوجيه سلوك الناشئة من خلال الرعاية والتربية الأسرية الإيجابية وتجنيبهم تداول الأقاويل غير المؤكدة.ويأتي دور المدرسة والمسجد والجامعة التوعوي والتربوي من خلال وضع خطط وبرامج وأنشطة هادفة تنعكس على الطلبة وتساعدهم على التعاطي مع الإشاعات وعدم تناقلها وضرورة إهمالها وعدم الاهتمام بها عند سماعها.
وإنطلاقا من مفهوم الوقاية خير من العلاج فانا لا بد من تبني مبادرات بخصوص التوعية والتحصين المجتمعي ضد الشائعات سواء كانت هذا المبادرات من قبل الحكومة وأجهزتها ومثال ذلك ما قامت به مديرية الأمن العام بإعلان مبادرة(فتبينوا)والتي أعتقد بأنها حققت اهدافا إيجابية لدى المواطن وفرت له من خلالها الشعور بالطمأنينة والأمن ومنحته فرصة التعرف على ما يجري حوله من أحداث ومواقف لئلا يكون أرضا خصبة لمروجي الإشاعات وتتشكل لدية الثقة بدورة الوقائي والعلاجي في المجتمع وتنمية علاقتة التكاملية مع الأجهزة الأمنية بهدف تحقيق مناعة وطنية ضد الإشاعات المغرضة التي تحدث ثغرات وشرخا في نسيجنا الوطني.
ويبقى الدور الأكبر على الحكومة في التصدي وتحصين المجتمع من الشائعات وذلك من خلال إستخدام كافة الوسائل والأدوات من أجل تضييق الخناق على مروجي الإشاعات والمصطادين بالماء العكر من خلال المنطقية في التعامل مع الأخبار والأحداث اليومية بكل شفافية ووضوح ووضع المواطن اولا بأول بكل ما يستجد من اخبار وتوفير فرص عمل للمتعطلين تعود عليهم بالنفع وتشغلهم بحياتهم ومصادر رزقهم لأن العقول الفارغة من السهل أن تملأ بالأكاذيب والأيدي المتعطلة يمكن أن تخلق ألسنة لاذعة تسبب الإيذاء للآخرين.
اخيرا اقول بأن مقاومة الإشاعة وتحصين المجتمع ضدها ليست بالعملية السهلة لكن اذا توفرت الإرادة وتكاتفت كافة المؤسسات والافراد والجماعات ووظفوا وعيهم وثقافتهم وأبدوا حرصهم على وطنهم فسيتم القضاء على هذا الظاهرة وعواقبها وسينعم الوطن من سوء مروجيها.//