بلال العبويني
تسوّق الحكومة الاتفاق بينها وبين البنك الدولي للحصول على قرض مقداره (1.2 مليار دولار – 840 مليون دينار) على أنه إنجاز كبير، ويشعر المراقب للحظات أن الاتفاق مكّن الحكومة من تسديد المديونية أو جزء كبير منها.
في تعليقات بعض المراقبين والمتخصصين نقرأ الأسئلة الآتية، كيف يمكن أن يكون قرضا من أجل سداد ديون سابقة انجازا، أليس كله دين؟، أليس كل هذه الإجراءات هي بمثابة إعادة تدوير الدين أو ترحيل للأزمات الاقتصادية إلى الأمام؟.
الانطباع العام مما تصوره الحكومة إنجازا ليس كذلك أبدا، وبات الغالبية مقتنعين أن ليس لدى الحكومة مشاريع خلاقة لحل ما نعانيه من أزمات اقتصادية، وما بحوزتها لا ينفصل عن ما كان متبعا من ذي قبل على الرغم ان الكثير من الإجراءات الحكومية السابقة والمتعلقة بمعالجة الأزمة الاقتصادية نالت من نقد الحكومات التي تليها الكثير، وثمة ممارسات وإجراءات استمعنا إلى انتقادات لها من الحكومة الحالية.
الإشكالية الحقيقية تكمن في أن القول إن عمل الحكومات تكاملي، لا ينسجم والواقع والممارسات التي نشاهدها من الحكومات اللاحقة، بل إن الحكومات اللاحقة كثيرا ما تُلقي باللوم على الحكومات السابقة في ما نعانيه على الصعيد الاقتصادي.
في الماضي القريب، صورت لنا حكومات أن ما تقوم به من إجراءات وإصلاحات اقتصادية ستذكره الأجيال اللاحقة وأنه يصب في مصلحة البلد وستظهر قيمته فيما بعد.
غير أن هذا ما لم يحدث عندما كشفت حكومات لاحقة أن هناك أخطاء كبيرة وقعت فيها الحكومة السابقة، وأنه لو لم تقم بهذا الإجراء أو ذاك لما وصل حالنا إلى ما نحن عليه اليوم.
وحتى لا يكون الكلام عاما هنا، بالإمكان الإشارة إلى مثال واحد فقط حصل في الماضي القريب عندما كشفت حكومة الدكتور هاني الملقي الخطأ الذي وقعت فيه حكومة الدكتور عبدالله النسور من صرف أموال خارج الموازنة، وهو ما كان له أثر سلبي كبير فيما بعد.
الإشكالية، أن المراقب يشعر أحيانا أن الحكومات تمارس المراوغة على الناس، بتضخيم بعض المشاريع على أنها إنجاز عظيم كـ"العاصمة الجديدة" مثلا، وأنها تمارس التضليل أحيانا، ربما عن قصد أو غير قصد، في الحديث عن الأرقام كـ "أرقام البطالة ونسب الفقر" وغيرها، غير أن الحقيقة أو هكذا نعتقد سرعان ما تكشفها حكومات لاحقة أو مسؤولون سابقون وبعضهم للأسف ممن كانوا جزءا من الحكومة التي مارست ذلك التضليل.
خلاصة الكلام، أن ما تصوره الحكومة اليوم على أنه انجاز بالحصول على قرض من البنك الدولي، قد نكتشف فيما بعد أنه كان خطأ جسيما كبد الدولة أعواما وأموالا لا طاقة على حملها أو قدرة على سدادها.
نقول ذلك، ونحن نستمع من الحكومة وأذرعها عن انجازها الذي سجلته في واشنطن، دون أن نتمكن من معرفة كافة التفاصيل ونوعية المفاوضات وحجم التسهيلات وطريقة السداد الذي اتفقت عليه مع البنك الدولي فيما تعلق بقرض الـ (1.5) مليار دولار.
نحن في أزمة مكاشفة تُعمّق من أزمة الثقة، وحكومة الدكتور الرزاز للأسف بدأت الغوص بعيدا في منحدر الثقة على عكس ما كان مأمولا منها في تجسير الهوة التي عمقتها الحكومات السابقة في تعاليها وغموضها وتضليلها للرأي العام.//