المهندس هاشم نايل المجالي
كافة الدول تسعى الى ان تنتقل من حالة الدولة التقليدية الى الدولة المتحضرة المتطورة التي تواكب الدول المتقدمة ، وان لا تتخلف عن ركب الحضارة في العديد من المجالات اهمها تطوير البنية التحتية وتحقيق التنمية في المجالات الصحية والتعليمية وانشاء المدن الذكية لتستوعب التزايد السكاني وتطوير صناعاتها وغيرها .
حيث ان ذلك يحتاج الى قيادات فكرية سياسية واقتصادية واجتماعية تسعى لخلق وعي وتفكير سياسي وتنموي حضاري ، وحراك موزون في الداخل لكافة هذه القوى قطاع حكومي وخاص وشعبي ، حتى تتمكن من تمرير خطابها وتوجهاتها وتطلعاتها وفق اسس وآليات ديمقراطية تشترك فيها كافة هذه القوى ، بالمقابل يجب انصاف الرأي الآخر المخالف للخطاب السياسي في بعض اجراءاته وسلوكياته لآليات واساليب التطبيق .
وليس هناك ما يمنع ان تكون هناك معارضة سياسية واجتماعية موزونة تعمل على طرح كافة المغالطات باسلوب حضاري وتبين نقاط الضعف لتقويم الاعوجاج بكل سبل الحوار الهادف البناء .
وحتى ينعم الجميع بمشاريع تنموية مستدامة متوازنة وينعم الجميع بخيرات الوطن بعدالة ، وتتقلص الفوارق الطبقية لمستويات مقبولة ، خاصة اهمية المحافظة على الطبقة الوسطى لتحفظ التوازن بين الطبقتين العيا والفقيرة وحتى تتحول السياسة الى بوتقة تحتضن الوطنيين والخيرين وذوي الانتماء والولاء الصادقين من ابناء هذا الوطن والذين يحملون هم هذا الوطن في وجدانهم وضميرهم .
ان استمرارية الانتهازيين والمنافقين واصحاب الاجندات الخاصة وداعمي الفساد باشكاله وانواعه في ممارسة ادوارهم بشكل او بآخر ، حينها يكون من الصعب ان تتحدث عن التغير والاصلاح الحقيقي او عن الامل في بناء مستقبل واعد .
وكما نعلم فان السياسة بطبيعتها مناورة في كثير من الامور والمعطيات ، بل في كثير من الاحيان نجد ان الازدواجية اصبحت عنواناً رئيسياً للتعامل والطرح بين الصدق والكذب وبين النظريات والتطبيق .
وليس هناك محاكم خاصة للنوايا لكن هناك فاسدون باجماع الكثيرين من اصحاب الآراء المختلفة من الشخصيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، حيث ان هناك انتهازيين يتسللون داخل المجالس والندوات وغيرها ليقدموا انفسهم على انهم المصلحون وان المستقبل في فكرهم وايديهم وعلى انهم ناصحون ، والكل يعرف ماضيهم عندما كانوا في قمة المسؤولية ، ونعلم ان مسعاهم للمناصب حيث نجد فايروسات حب الذات داخل طرحهم واسلوبهم لا يزال كما هو اكون اولاً وثانياً .
فنحن نحتاج من يقول الحقيقة بكل شفافية ويقدم الحلول للازمات والمشكلات لا ان يبرر فشله عندما كان في المسؤولية ، فلا فاسد ينتقد الفساد والعيب ليس عيبهم لكن العيب في من يدعمهم ويساند وجودهم ، حينها سيتأكد للجميع ان حديثهم عن التغير والاصلاح ليس سوى مجرد كلام للاستهلاك الشعبي .
والامل كما نعلم لا يصنع التغيير لكن العمل بواقعية ومصداقية هو الذي يصنع ويفرض التغيير بالتنظيم والتخطيط الموزون والمثابرة لتحقيق الانجازات ، فهي مفاتيح النجاح وفق خارطة طريق يتفق عليها الجميع حينها ستكون ذو تأييد وجذب واسع لكافة الاوساط وتحقق الضغط الوطني للتغيير المناسب حتى ولو كان تدريجياً وفق آليات واسس منطقية ، فالواقعية هي الاساس في تصويب المسار العملي والابتعاد عن مثالية الشعارات التي يطلقها البعض والتي لا تزيد من الواقع الا صدامية وعنف .
فيجب حشد التأييد على اساس التغيير والاصلاح لتحقيق الاهداف وليس على اساس التأييد للشعارات الرنانة والتي اصبحت محتكرة على البعض ذوي الممارسات الشائبة ، وكما نعلم فان اساس اي اصلاح او تغيير حقيقي يبدأ من الداخل ويجب تزكية النفوس وتنمية الذات وتطويرها .
وكلنا يعلم ان عوارض الازمات وقضايا الفساد وانكشاف بعضها كان لآثارها انعكاسات على كافة المستويات على مستوى الفرد او الاسرة او المجتمع وكافة المجالات العملية والمؤسسات والاستثمارات ، حتى على مستوى قيادة المسؤول لمهامه العملية والتنظيمية .
فالحاجة الى حكومة مصلحة قادرة على تصحيح المسار لا ان تسقط ازماتها على جيل الشباب والمواطنين ، فلم يعد باستطاعتهم التغلب على المشاكل العملية والمعيشية فالبطالة والفقر بازدياد والعنف والانحراف بازدياد ، فلا بد من الارتقاء الفكري والاخلاقي لتحقيق النهضة والقاعدة الربانية تقول قال تعالى ( ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) الرعد .
ولا ان نبقى نلقي اللوم على الاخرين او الظروف الخارجية او حكومات ظالمة او فاسدة ضيعت الكثير من الفرص لكن اول مراحل التغير هي مرحلة الاعتراف حيث ان علماء الاجتماع يقولون ( ان اول مراحل حل اي مشكلة هو الاعتراف بوجود المشكلة ) .
وهو امر منطقي وان نعترف بالخطأ واماكن وجوده لان المعترف يصحح والاصرار على الخطأ سيزيد من الازمة والمشكلة ، وان لا نبقى نسقط على الاخرين اخفاقاتنا فالاعتراف قوة وشجاعة وفضيلة ، وهي مرحلة العزيمة والاصرار للحصول على نتائج ايجابية وهي مرحلة التشافي للوصول الى بر الامان والاستقرار والعطاء ، وهي مرحلة التطابق الحقيقي بين السلوك والقيم والارتقاء بالنفس كمشروع اصلاحي شامل لتطمئن النفوس .
حمى الله هذا الوطن في ظل قيادته الهاشمية الحكيمة .//
hashemmajali_56@yahoo.com