كتّاب الأنباط

حاجة الحكومة الى الذكاء الاستراتيجي !!!

{clean_title}
الأنباط -

      المهندس هاشم نايل المجالي

كثير من الباحثين والخبراء يدركون مدى اهمية الذكاء الاستراتيجي للحكومة ومدى حاجتها لمثل هذا النمط من الذكاء من خلال ايجاد وحدة خاصة كمرجعية اساسية فيها كوادر مؤهلة وذات خبرة ومعرفة ودراية لتزويد مجلس الوزراء بالمعلومات من كافة الوزارات والمديريات في المحافظات ومراكز الدراسات قبل اتخاذ الحكومة لأية قرارات او مشاريع وغيرها .

والذكاء الاستراتيجي يعتبر عملية منطقية لجمع المعلومات وتنظيمها وتحليلها وفق اسس لاستخلاص النتائج الهامة حول موضوع ما قبل اتخاذ القرارات الحاسمة والاعداد لخطط وبرامج هادفة تناسب وتوافق الواقع .

فعلى سبيل المثال اقدمت الحكومة على استحداث برنامج خدمة وطن لتدريب شبابنا لمدة زمنية محدودة مع دخل محدود ثم ربطهم بصناديق الاقتراض ، ونحن نعلم ان مدة التدريب غير كافية لتخريج فنيين مهرة وليس هناك مختبرات مؤهلة لمواجهة الصناعات الذكية ، كذلك فان السوق المحلي مشبع بالعمالة الوافدة غير المرخصة من ناحية والتي تبلغ 800 الف عامل وافد غير العمالة المصرح لها من العمال السوريين والبالغ عددهم مائة وخمسين الفاً وبدعم من المجموعة الاوروبية لتحسين وضعها العملي المهني ، يضاف الى ذلك عمالة الخادمات الاجنبيات بالاضافة الى ان مجموع العاملات الهاربات يزيد عن خمسين الف خادمة اجنبية وغير ذلك الكثير ، ومدى الانعكاسات السلبية على المجتمع مالياً وخلقاً وادباً وغيره ، علماً بأن الخادمات الهاربات قاطنات في بيوت في العديد من الاحياء الشعبية دون الادلاء باية معلومات من اصحاب هذه البيوت الى الجهات الرسمية والمعنية  .

اذن ان عملية جمع المعلومات وتحليلها وتنظيمها وفق نظام متسلسل يعتبر عملية منطقية تقود الى نتائج هامة لابتكار خارطة طريق توجه صناع القرار نحو صناعة القرار السليم بوعي اكثر وبدقة وجودة اكثر عقلانية ومنطقية ، فمخرجات التدريب وكفاءتها هي التي تؤهلها لتلبية احتياجات السوق من العمالة المهرة ولاحلالها محل العمالة الوافدة التي تتقاضى نصف الراتب تقريباً وبدون تأمين او ضمان وغيره ، كذلك التنسيق مع اصحاب العمل مصانع وشركات ومقاولين وغيرها حول احتياجات ومتطلبات السوق من العمالة ومستويات التدريب المطلوبة لديهم .

ثم ان غالبية من لجأ الى القروض من صناديق الاقتراض تعثر مشروعه لاسباب عديدة كان من الاجدر دراسة وتحليل المعلومات الخاصة بالاقتراض لكافة صناديق الاقتراض لمعرفة الاسباب وراء ذلك ، اي اننا بحاجة الى درجات عمق واتساع بالمعلومات واعتمادها لتكون في متناول يد اصحاب القرار لبناء القرارات الاستراتيجية ودراسة البيئة والسوق لبناء تصور منطقي لخلق خطة حكيمة دون تبذير للانفاق المالي في برامج غير هادفة ، ولقد استحدثت وزارة التنمية الاجتماعية شركة لغايات تسويق منتوجات الجمعيات ولغاية الان لا احد يعرف انجازاتها وبرامجها وخططها واساليب التسويق وما يترتب على ذلك .

اذن الذكاء الاستراتيجي يعتبر عملية جمع كافة المعلومات المتعلقة بمحور ما وتحويل هذه المعلومات الخام المستندة الى حقائق الى اسلوب معرفة يستند عليه المسؤول في وضع خطة لاتخاذ القرار المناسب لمعالجة اية اختلالات في ذلك المحور العملي وفق رؤية للاتجاهات المستقبلية ، وهي عملية الاستشراق من اجل التنبؤ بالمخاطر والاستعداد لها ، مثلاً هذه العمالة الوافدة غير المنظمة بلغت تحويلاتها المالية اكثر من مليار ونصف المليار دينار اردني ، كذلك حجم المشاكل الاجتماعية والعملية التي سببتها يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار لانها كلها انعكاسات على المواطن والمجتمع الاردني المحلي .

ويجب وضع آليات لمواجهة ذلك لتجاوز المشكلات وتفعيل المتغيرات الاستراتيجية ولتتجاوز النظر لما وراء الحدث لتشمل الفهم والادراك والتفكير الشمولي المنظم حكوميا وقطاعا خاصا ومنظمات اهلية تمثل توعية المجتمع المحلي بذلك من اجل صناعة مستقبل وفق رؤية وطنية .

وهذه دافعية للعمل الجماعي ولتنشيط السلوك نحو هدف معين كعنصر من عناصر الذكاء الاستراتيجي بعد الايمان والاقتناع بالهدف لتحقيقه ، اي يجب بناء تحالفات وطنية لتحقيق الهدف ولكسب دعم الجميع بكل قناعة ، وهذا يقودنا للذكاء التنافسي لتسويق العمالة الوطنية المؤهلة والمدربة لتلبية احتياجات السوق ولاحلالها محل العمالة الوافدة تدريجياً مع التنبؤ باتجاهات السوق وتغيراته ، ومتابعة هذه البيئة التنافسية باستمرار لمراقبة التغيرات والاحتياجات المطلوبة من الكفاءات لاتخاذ قرارات تكتيكية .

فسوق الالكترونيات يتطور مستمر وبحاجة الى فنيين مهرة ، كذلك سوق السيارات الهجينة والكهربائية وغيرها بحاجة الى فنيين مهرة للتعامل معها ، كذلك الطاقة المتجددة بانواعها وهكذا ، لذلك يجب باستمرار جمع المعلومات الخاصة بكل عناصر البيئة التنافسية لأي مجال وتحليلها .

كما وان هذه الخطوات تزيد من الوعي التنظيمي بسبب جودة المعلومات  وتوفر الوقت والجهد وتسهل عملية اتخاذ القرارات لتحسين الاداء ، ويعطي تفوقا وتميزا لدراسة الاسواق الخارجية وتلبية احتياجاتها من العمالة الوطنية المهرة ، ويساعد ذلك بالبحوث والدراسات والقرار يكون قوي ومؤثر عندما يستند على معلومات دقيقة وتؤثر بكافة الاوساط السياسية والاقتصادية والاجتماعية .

خاصة اننا في بيئة غير مستقرة تشهد كثيراً من المتغيرات والازمات ، كذلك بحاجة لمعرفة اي من المحاور العملية الذي يحتاج الى الدعم والتوجيه والارشاد لغايات الاستثمار السليم وفق ادارة ذكية تعتمد على معلومات وبيانات وفق دراسة حالة الواقع ، ولتأمين الدعم التنفيذي وتحقيق التوازنات بالاسواق والمجتمعات لتلبية الاحتياجات وتغير اساليب الطرق التقليدية الى الطرق الذكية المتخصصة لتعزيز البيئة التنافسية لما لها من مردود في محاربة ظاهرة الفقر والبطالة ورفع لكفاءة وتلبية احتياجات السوق والمستثمرين .//

 

hashemmajali_56@yahoo.com

 

تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )