رلى هاني السماعين
لا أدري لماذا لكن تذكرت وانا أنتظر سقوط الثلج مقولة الفيلسوف الفرنسي هنري برجون : من مهمات الدماغ هو أن يمدنا بالقدرة ليس فقط أن نتذكر بل أن ننسى أيضاً .
نعيش بفترة تحّبذ ذاكرتنا النسيان على أن نتذكر وذلك من عصف الانباء المؤلمة جراء الحروب وما حدث من منطقتنا من ويلات في فترة الثماني سنين الماضية. اذ سمعنا ونسمع اخبارا عن اليمن والعراق وسوريا وفلسطين، نتألم، نحاول أن نتناسى .. الالم يأخذ وقتاً أكثر من السعادة للنسيان. وتأتي أوقات نريد أن ننسى فنتطلع إلى فقدان ذاكرة مؤقت كي نستطيع أن نضحك من جديد ومن "قاع القلب". ضغوطات الحياة ومن كل جانب هدتنا.
وكثيرا ما نسمع جملة : مش متذكر شو اكلت امبارح. ويحدث بأن تخرج بعجلة من البيت وتكون قد نسيت مفتاح السيارة. او وانت تقود سيارتك وفي منتصف الطريق تتذكر بأنك نسيت هاتفك الجوال. ننسى !! وهذا من نوع النسيان الطبيعي الناتج من سرعة الحياة وليس نتيجة تصميم أو قرار.
القرار لننسى هو ما نحتاجه كي نمتد الى الامام وتستمر مسيرة الحياة ونحقق إنجازات.لذا، أحياناً ما نحتاجه هو ليس ذاكرة قوية بل نسيان قوي.
الذاكرة غالباً انتقائية إلا إذا أراد الشخص أن يُحيّ ذكرى معينة ويعززها في حياته الحاضرة. يصعب أحياناً نسيان أحداث تراجيدية مؤلمة مرت ... ولكن باستطاعة كل شخص إن لا يعزز المشاعر التي تصحب هذه الذكرى، من الم، ندم، حزن، مرارة، كره، سخط، غضب.. لان هكذا مشاعر تقيد الشخص بالماضي، تستنزف الطاقة الإيجابية، تسلب السعادة، وتسرق الفرح.
ولكي تتوقف المشاعر السلبية المصاحبة لأي ذكرى قريبة للقلب، تذكر بأن تكون واعياً لنفسك وأفكارك بأن لا تسمح للأفكار السلبية أن تمتد وتاخذ حيّزا اكبر من التفكير والتأمل. تذكر أن تنتبه لذاتك وأن توقف نفسك عندما يتعدى تفكيرك ثلاثة افكار سلبية. تذكر الاوقات والأشخاص، لكن تخل عن كل مشاعر سلبية تصاحبها لان الوقت يمر بسرعة وتمر معه الايام.
النسيان نعمة كما نقول على أن لا نخدع أنفسنا ونخلط بين النسيان والتناسي أو التجاهل. اذا تعمدّت ايذاء شخص أو أشخاص، إعتذر ومن ثم انسى. إذا أخذت ما ليس لك، أعده ومن ثم إنسى. إذا جرحت مشاعر أشخاص مقربين، اصدقاء أو معارف إعتذر بكل الطرق الممكنة... ومن ثم انسى. ننسى الماضي ونعطي فرصة ليفتح المستقبل أبوابه لنا لكي نمتد، ونثمر ونعطي.
تذكر أن تنسى...//