كتّاب الأنباط

شهب الاشاعات الحارقة والمدمرة

{clean_title}
الأنباط -

شهب الاشاعات الحارقة والمدمرة

مروان العمد

مثل انهمار الشهب من السماء انهمرت علينا يوم الجمعة الماضي شهب من الاشاعات الحارقة بلغ عددها اثنتين وعشرين اشاعة خلال ست وثلاثين ساعة بهدف حرق اوضاعنا الاقتصادية ونشر حالة من البلبلة والذعر بين اوساط المواطنين والاساءة الى مؤسسات اقتصادية ناجحة والى اقتصاديين بارزين ، ولخلق حالة من الهلع بين اوساط المستثمرين سواء اكانوا اردنيين او من خارج الاردن .

وقد تبين ان هذه الاشاعات مصدرها صفحات الكترونية تصدر من خارج الاردن دون الاشارة لمن يقف خلفها مثل الصفحة التي يطلق عليها Jordan Gate والتي قيل انها تصدر من كندا وانها تمتهن مهنة فبركة الاشاعات عن الاردن ونشرها على صفحتها .

ومن الواضح ان هدف هذه الصفحة وغيرها من ذلك هو الأساءة للاردن مستغلين بذلك الاوضاع الاقتصادية التي يعيش بها ، وحركة الاحتجاجات الشعبية التي يشهدها على الاجراءات الحكومية والقوانين التي صدرت في الفترة الاخيرة وخاصة قانون الضريبة والمطالبات بالمزيد من الجدية بمحاربة الفساد والفاسدين .

ولكن من الملاحظ ان هذة الوجبة من الاشاعات لم توجه نحو اجراءات او قرارات حكومية وانما الى مواطنين عاديين عاملين في مجال الاستثمار الداخلي وان ذلك بهدف تدمير القطاع الصناعي والتجاري والمالي في الاردن مما سوف يترتب عليه المزيد من المعاناة التي سوف يعاني منها المواطن الاردني على امل ان يؤدي ذلك به الى الخروج عن حالة الاحتجاج الايجابي الى حالة الاحتجاج الفوضوي وبالتالي تحويل الاردن الى ساحة للصراع الداخلي وبهدف ان يلتحق بغيره من الدول العربية التي اصابها هذا الداء بهدف تقسيم المقسم وتجزئة المجزا في الوطن العربي ( على حد تعبير عبد الباري عطوان ) .

ويلاحظ في نفس الوقت انتشار حالة من اثارة الشكوك في الكثير من الشؤون الداخلية . مثل تحريف اقوال معالي وزير المالية امام مجلس النواب في رده على كلمات اعضاء المجلس خلال مناقشة الموازنة العامة عندما قال انه يتوقع زيادة الدخل الضريبي على تجارة الدخان بعد ان تم اغلاق المصانع غير المرخصة وتهربها الضريبي بحيث تصبح كل تجارة الدخان تحت السيطرة الجمركية وخاضعة للضريبة ليتم تفسير ذلك من فضائية اردنية معينة ومن الكثير من المواقع الاخبارية والمغردين بأن وزير المالية اعلن انه سيتم رفع الضريبة على تجارة الدخان وقد تم تناقل هذة المعلومة بين الناس على نطاق واسع ، مما زاد من حنقهم على الأجراءات الحكومية . بالرغم من التوضيحات المتكررة من قبل معال وزير المالية حول ذلك وانه لا نية لزيادة الضريبة على هذه المادة الا ان هذا لم يوقف سيل تداول هذه المعلومة المغلوطة .

وكما حصلت خلال هذه الفترة بعض الاحداث الغريبة على مجتمعنا مثلما حصل في مجمع النقابات المهنية في اربد في احتفالية ذكرى استشهاد الرئيس العراقي صدام حسين والتي لا نوافق عليها ولا نوافق ايضاً على الصوة التي خرجت بها بعض ردود الفعل على هذا الحدث وبعض التصريحات والمقابلات التي تلت ذلك وما تضمنته من كلمات .

كما كثر في الفترة الاخيرة حالات التعرض للمقامات العليا وبلغة غير معهودة شارك بها بعض من يعتبرون انفسهم قامات في المعارضة وبعض كبار العسكريين المتقاعدين والذين خرجوا عن الثوابت التي يتفق عليها الغالبية العظمى من الشعب الاردني ، حتى ان احدهم بشرنا بقيام الجمهورية الاردنية وان حكومتها ومجلسها الوطني ودستورها جاهزة ولم يبق الا الاعلان عنها. وعندما طالب احد النواب بوقف رواتب المتقاعدين المدنيين والعسكريين الذين يتعرضون للمقامات العليا وبغض النظر من موقفي وموقف الكثيرين من هذا النائب ومع انني لا اتفق معه في طروحاته ومواقفه ومطلبه هذا واعتبر ان الراتب التقاعدي هو حق للمتقاعد واسرته مهما كان موقف وموقع المتقاعد وما يقوم به ، وانه لا يجوز قانوناً ان يُستخدم هذا الراتب كعقوبة في اي حال من الاحوال بوجود محاكم هي من تحاسب وتحاكم من يخالف نصوص القانون ، الا ان ما تردد على وسائل التواصل الاجتماعي ان ذلك النائب طالب بوقف رواتب كل المتقاعدين العسكريين والمدنيين الذين يشاركون في اعتصامات الرابع قد اخرج كلام هذا النائب من سياقه بهدف أثارة غضب واستياء جميع المتقاعدين والذين هم اساس بنيان هذا الوطن والذين لن تتغير ولاءاتهم وانتماءاتهم بتغير مواقعهم ومواقفهم مع احتفاظهم بحقهم بتحسين اوضاعهم وتخفيف اعبائهم واصلاح امورهم الحياتية الا القلة القليلة منهم .

كما انتشر في نفس الوقت مقال على صفحات التواصل الاجتماعي انا متأكد من حسن نية كاتبته اثار بعض ردود الفعل حيث صور المقال ان جميع محطات المحروقات في الاردن تتلاعب بكميات الوقود المباعة مما يعتبر اتهاما لقطاع واسع من المواطنين يعملون في هذا القطاع بالفساد  مما يمكن ان يؤثر على النظرة للاردنيين ليس في الاردن فقط ولكن العاملين منهم في الخارج مع انهم كلهم منارات يستضاء بها . علماً ان العاملين في هذا القطاع يخضعون الى رقابة مشددة من قبل اصحاب هذه المحطات حفاظاً على سمعتها ومن قبل الجهات المزودة لها بالمحروقات ومن قبل الجهات الرسمية الحكومية مع استخدام عدادات متطورة تجعل التلاعب في كميات الوقود المباعة من هذه المحطات امرا صعباً جداً الا في بعض الحالات النادرة والتي تحصل من قبل بعض العاملين في هذه المحطات عن طريق اتباع اسلوب مغالطة الزبون كأن لا يتم تصفير العداد عند بداية التعبئة .

ان انتشار هذه الشهب الحارقة من الاشاعات والاخبار المغلوطة والمبالغة بالتحدث عن مكامن الخلل في مؤسساتنا الوطنية انما يهدف بطريقة مقصودة او غير مقصودة الى اعطاء رسالة بأن الاردن لا يعاني من فساد حكومي فقط ولكن من فساد شعبي على امل ان يدفع ذلك الى عدم الاستثمار في الاردن ودفع المستثمرين الحاليين لايقاف استثماراتهم والخروج من الاردن .

ان هذه المواقع والصفحات الالكترونية لم تخترق مواقعنا وتفرض نفسها علينا . ولنعترف بأننا نحن من يبحث عنها ويطلع على ما تنشره واننا من يقوم بمهمة نشر السموم التي على هذه الصفحات بيننا عن طريق اعادة ارسالها الى الاصدقاء والمعارف . البعض يقوم بذلك من باب الاطلاع والفضول والبعض يتعامل معها كحقائق مطلقة ويعمل على نشرها وتبنيها ولدرجة اعتبار ان من يحاول ان يفند هذه المعلومات بأنه يغرد خارج السرب او انه يحاول قمع حرية الرأي والكلمة والنشر او انه يدافع عن الفاسدين ، في حين انه يجب ان تكون محاربة هذه المواقع وما تنشره واجبا وطنيا على كل مواطن اردني ان يقوم به وبالذات من يمثلون المعارضة الحقيقية التي تهدف الى الاصلاح لا الى الهدم . وأول وسيلة بمحاربة هذه المواقع هو بعدم الدخول اليها وعدم تداول ما تنشره .

كما يجب ان نتحلى بالامانة الكاملة في نقل الخبر وتحليله وادراك ابعاد ما نكتب وان نتجنب الكتابة بما قد يكون من شأنه الاضرار بسمعة الاردن والاردنيين بشكل عام .

ان الاردن الذي نعيش به هو وطن وهو حضن وهو المكان الآمن الذي يمكننا ان نعيش به واولادنا واحفادنا. وعلينا تقع مسؤولية حماية هذا الوطن من كل من يحاول المساس به . ويجب ان لا نجعل من هذا الوطن ثمناً لتحقيق مطالب مهما كان نوعها او ان نجعل منه سلعة في ايدي كل الطامعين والمتآمرين والحاسدين . وعاش الاردن وعاش شعب الاردن// .

 

تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )