زاوية سناء فارس شرعان
راهن السودانيون على الاحداث التي تشهدها بلادهم هل هي مجرد احتجاجات على الغلاء وتردي الاوضاع المعيشية ام انها ثورة شعبية تستهدف اسقاط النظام كغيرها من ثورات الربيع العربي التي لم تعلن اهدافها والتي قضت عليها الانظمة من خلال الجيوش وقوات الأمن…
ثورات الربيع العربي خضعت في نتائجها لمواقف الجيوش العربي التي انحاز بعضها انحيارا اعمى للرؤساء ما ادى الى فشلها وخسارة شعوبها خسارة فادحة في الارواح والممتلكات … فبادستثناء ثورة الياسمين التي شهدتها تونس والتي كانت اولى الثورات العربية التي وقف فيها الجيش على الحياد ما ادى الى نجاحها رغم العراقيل التي اعترضتها وانتشار عبقها في كافة الارجاء فان الثورات الاخرى فشلت في تحقيق اهدافها بسبب وقوف الجيوش مع الرؤساء والاستعانة بقوات خارجية لقمع الشعب والقضاء على الثورات.
هذا كان موقف الجيش في ليبيا بحيث وقفت مع القذافي وقمع الثورة بالحديد والنار ما وضعه وجها لوجه امام حلف النيتو الذبي ضربه بلا هواده حتى اسقط النظام رغم ان الاوضاع لم تستقر فيما بعد ولا زالت الدماء تسيل في ليبيا … في مصر الجيش وقف في البداية على الحياد ما انجح الثورة الاولى ٫وابى الجيش ان يدخل ان يدخل بقوة واسقط الثورة والنظام الذي اقامته.
وهكذا وقف الجيش السوري مع الرئيس واستعان بالاجانب ضد شعبه بغية استمرار الحكم الفردي وفي اليمن انقسم الجيش بين مؤيد للشعب ومؤيد للرئيس … اما الجيش السوداني فقد اختار الانحياز الكامل للرئيس وتبعه جهاز الأمن فيما استشاط الرئيس غضبا واتهم الحراك الشعبي بالخيانة والقائمين عليه بالعملاء ما احدث انقساما حادا بين الشعب والجيش بحيث لا يعلم احد مصير.
ما يميز الحراك الشعبي في السودان اتساع انتشاره على رقعة السودان وها هو اليوم ينتشر في ٦ ولايات وعدد كبير من المدن وتمضي الاحداث لأن يشمل الجيش وجميع التراب السوداني خاصة في ضوء ارتفاع الاسعار وتفاقم الاوضاع الاقتصادية والمعيشية في ظل زيادة الغلاء والفقر والبطاقة رغم الموارد الطبيعية في البلاد كالبترول والذهب والمياه والاراضي الزراعية ما يجعل من السودان «سلة الغذاء» في الوطن العربي.
الحراك الشعبي والاحتجاجات على تردي الاوضاع الاقتصادية والمعيشية في السودان، في كل بلاد العالم بما فيها الدول الديمقراطية ولعل احداث فرنسا وقربه من الدول العربية خير دليل على ذلك ولم تلجأ الشرطة الفلسطينية الى استخدام القوة لقمع الاحتجاجات في فرنسا فقد اتخذ ايمانويل ماكرون وحكومته اجراءات فاعلة لالغاء نظام الضرائب عن الموظفين وكذلك الرواتب التقاعدية ما حد من الحراك الشعبي لذوي السترات الصفراء التي عمت الدول المجاورة لفرنسا مثل بلجيكا وهولندا …
ولمواجهة احداث السودان التي تزداد انتشارا يوما بعد يوم تزداد حتى رغم التغطية الاعلامية وعدم مصداقية البيانات الحكومية التي تصدر بين حين وآخر اعلن الرئيس السوداني اتخاذ اجراءات لتحسين الاوضاع الاقتصادية والمعيشية والاستمرار في تنفيذ المشاريع الاقتصادية والتنموية واصلاح الخراب والدمار الذي لحق بالبلاد جراء الحرب بين شمال وجنوب لبنان ما ادى الى حدوث خسائر فادحة في الارواح والممتلكات.
نرجو ان تتمكن الحكومة السودانية من انهاء الاحتجاجات بتنفيذ المشاريع التنموية والاقتصادية وليس من خلال تدخل الجيش وقوات الأمن لقمع الاحتجاجات في الحراك الشعبي والمحافظة على الارواح والممتلكات… !!!