زاوية سناء فارس شرعان
بوادر ازمة تلوح في الافق بين واشنطن وباريس تهدد بانفراط عقد التحالف الغربي وظهور انشقاق بين دوله وتحديدا بين الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي لا سيما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد اثر اتفاق بريكست بين الاتحاد وبريطانيا …
الخلاف الامريكي الاوروبي ليس وليد الساحة وانما برز جليا اثر وصول رونالد ترامب سدة الرئاسة في الولايات المتحدة بعد فوزه في الانتخابات الامريكية قبل سنتين وما رافق هذه الانتخابات من اشاعات حول تدخل روسيا فيها لصالح ترامب.
ترامب حاول السيطرة على التكتل الغربي وفرض هيمنة بلاده على العالم تبعا لذلك من خلال تفتيت الدول والتكتلات الاقتصادية والسياسية والعسكرية … فانسحب من قمة المناخ في باريس ودعم التوجه البريطاني للاستقلال والانفصال عن الاتحاد الاوروبي رغم ان بريطانيا قوة رئيسية عسكرية واقتصادية وسياسية في الاتحاد وعمل على كبح جماح القوة الروسية المتصاعدة في اوكرانيا واضعاف القوة الاقتصادية الصينية المترامية من خلال فرض الرسوم الجمركية عليها وصولا الى حرب اقتصادية عليها بعد ان نجح في تطويق القوة النووية لكوريا الشمالية والانسحاب من البرنامج النووي الايراني او اتفاق ٥ + ١ .
الرئيس الفرنسي الشاب ايمانويل ماكرون كان الوحيد الذي تصدى لساسة ترامب ومحاولاته السيطرة على العالم وتكريس استقلال الاتحاد الاوروبي عن السياسة الامريكية لدرجة ان بعض الدول المستضعفة وحركات التحرير لجأت الى ماكرون لدعمها ضد السياسة الامريكية بما في ذلك منظمة التحرير الفلسطينية التي عملت واشنطن على فرض الحلول عليها لصالح اسرائيل والحركة الصهيونية.
ترامب حاول التعرض لفرنسا من خلال استغلال ثورة اصحاب السترات الصفراء ومطالبها بالغاء زيادة الضرائب على الوقود مما فجر الخلافات الفرنسية الامريكية بعد تعليق ترامب على ما تشهده فرنسا من احداث مؤسفة ودرامية ..
الخلافات المحتدمة بين باريس وواشنطن بلغت ذروتها عندما رد وزير الخارجية الفرنسي لودريان على انتقادات الرئيس الامريكي وطالبه بعدم التدخل في الشؤون الداخلية الفرنسية باعتبار حركة ذوي السترات الصفراء وتصدي الامن الفرنسي لها حدثا داخليا فرنسيا.
رد الحكومة الفرنسية على تدخلات ترامب يعكس ذروة الخلافات بين باريس وواشنطن وذلك قبل ان يأتي الرد من الرئيس الفرنسي ماكرون.
الدوائر السياسية الفرنسية ترى ان تدخل ترامب في الشؤون الداخلية الفرنسية مردها السياسة الفرنسية برئاسة ماكرون التي تميل الى الاستقلال عن السياسة الامريكية وتقوية الاتحاد الاوروبي رغم انفصال بريطانيا في مواجهة الولايات المتحدة الامريكية لا سيما بعد اقتراح الرئيس الفرنسي بتشكيل جيش اوروبي للدفاع عن القارة العجوز وامنها ودولها خاصة بعدما تعرضت له اوكرانيا من عدوان روسي آخره احتجاز عدة بواخر اوكرانية في البحر الاسود زادت الخلافات الامريكية الروسية حدة وتفاقما ما دفع الرئيس الامريكي ترامب الى عدم مصافحة الرئيس الامريكي بوتين خلال لقائهما في قمة العشرين للدول الغنية التي عقدت في الارجنتين مؤخرا.
ترامب يرى في اقتراح ماكرون بانشاء جيش اوروبي انهاء للسيطرة الامريكية خاصة وان الاتحاد الاوروبي يضم العديد من الدول الصناعية الكبرى مثل بريطانيا وفرنسا وايطاليا واسبانيا وبلجيكا وهولندا وبعض الدول الاسكندنافية المتطورة علميا وتكنولوجيا … !!!