المهندس هاشم نايل المجالي
إن المشكلات التي يعاني منها المواطن بعيداً عن التشنجات والتنابذ والتعصب واثارة البلبلة ، بل الاستعداد والاستفادة من الخبرات والتجارب وتجديد الافكار للتأقلم مع الواقع الجديد ، هو الحل الامثل للتغلب على شتى انواع المشكلات ، مع تجنب الخلافات والحرص على المصلحة العامة وخدمة المجتمع بكل اتزان عقلاني والابتعاد عن الاسفاف اللفظي او الخروج عن أدب اللباقة العامة ، فتجديد الوعي الفكري والاستعانة بمن هم اكثر خبرة سيحظى بأقل قدر ممكن من الاخطاء ، لان حياة الانسان لا تحتاج الى كبوات او هفوات ففي الدول المتحضرة يخطط الاهل لابنائهم منذ ولادتهم وحسب قدراتهم وامكانياتهم المالية حتى نشأتهم واعتمادهم على ذاتهم وهم دائماً في تجديد وتطوير لافكارهم حتى اثناء عملهم يفكرون بتطوير انفسهم .
لكن بدول العالم الثالث فان غالبية المواطنين يخلفون الابناء بدون اي تخطيط مسبق وبسقف مفتوح ، على اعتبار ان كل مولود رزقه معه وغالبيتهم برواتب محدودة تتأثر بارتفاع الاسعار او اي مواد اخرى ليقع في العديد من المشاكل وبالتالي تنعكس على حالته الاجتماعية والنفسية والعملية ، ويبدأ مسلسل المناكفات محملاً المسؤولية على الاخرين ويكثر التحسر ويكثر من القول ( لو كانت اعبائي اقل لما مررت بهذه المشكلات المعيشية ) ولزاد دخلي ولو كذا وكذا لفعلت كذا وكذا ، لكن لم يكن هناك تخطيط فكري مسبق لكل ذلك وصدق من قال ان المخفقين يتقنون صناعة المبررات والاعذار ، اما الناجحون فهم ماهرون في التخطيط واختراع الحلول والبدائل ورسم المستقبل وفق استراتيجية تتناسب وامكانياتهم .
فهناك قواعد فكرية تساعد على رسم طريق المستقبل له وحتى لا يصل في لحظة ما مستقبلاً من التشويش الفكري والاضطراب السلوكي الذي فوجىء بها الكثير من الناس واصبح لديهم هشاشة فكرية جعلته يتحول الى انسان غير قادر على التغلب على مشاكله العائلية والمعيشية والمجتمعية ، يفقد من خلاله الكثير من المقومات الاسرية والاحتياجية تعليمية ومعيشية وغيرها .
فالتوعية مهمة جداً خاصة لشبابنا وليرتقوا في التخطيط الفكري لمستقبلهم ، وليرقى الشعور بالمسؤولية مع التغيرات ومواجهة الازمات دون ان يعكر صفو معيشته وحياته ، او ان يؤثر ذلك على ابنائه ، والوعي الاجتماعي يشكل خطوة مهمة في تطوير الذات وخلق الانسان المتفهم ، حيث ان تطوير الوعي الاجتماعي يبدأ من الذات اولاً والباب الرئيسي له الفكر الذاتي للشخص اتجاه نفسه وامكانياته وقدراته ، وفق رؤية مستقبلية ثم مراقبة افكاره واتجاهاته وسلوكياته سيشعر حينها بالغبطة والحيوية والانفتاح ، لا ان يجد نفسه في لحظة ما مشتت الافكار وقد تراكمت عليه الالتزامات ويشعر بالضعف والمعاناة والانغلاق على الذات .
فكل شيء نتيجة وليدة الافكار في عملية بناء الذات وتطوير الذات ، ليرتقي ويستبدل كل فكرة سلبية بفكرة ايجابية بعقله الواعي ، علماً بان الثقافة وحدها ليست معيار التطور الاجتماعي انما هو الوعي الشامل لجميع مجالات الحياة ، وكلما ازداد الوعي المجتمعي تزداد الثقافة ، اما التمسك بالعادات القديمة التي لم تعد تصلح لوقتنا الحالي لتغير الظروف فانه سيقع الشخص بالتخلف الفكري والتلخف الاجتماعي ، وهو حالة من حالات الجهل حيث يقع الشخص مستقبلاً بازمات لا يتوقعها ولم يحسب لها حساب .//
hashemmajali_56@yahoo.com