المهندس عامر الحباشنة
منذ حادثة البحر الميت الأليمة وحتى موجة الاضطراب الجوي الجاري وانا أراقب المشهد وأحاول جاهدا وكثيرون مثلي فهم ما الذي يحصل وقد تضاربت كرة الأحداث بين شد وجذب على الصفحات ووسائل الإعلام المتعددة حتى تاه الباحث عن الحقيقة في دهاليز التفاصيل وتاهت به السبل، ففي عالم أصبح التواصل فيه يتفاعل باسرع من الحدث ذاته، ارتبك المشهد عند الجميع وأصبحت ديكتاتورية النقل عبر وسائل التواصل اعتى مما قرأنا وعرفنا عن ديكتاتوريات الدول والأنظمة، فالكل أصبح وأمسى أسير جهاز بين يديه وهو المتهم والمحامي والقاضي والمحكمة واحكامه صماء لا تسمع غيرها ،وأن سمعت او رأت لا تبدل رأيها، محكمة لا عدالة بها ولا تشريع تداهمنا في بيوتنا وخصوصياتنا ومؤسساتنا دون استئذان ودون مسؤولية عن أحكامها.
في هذه الأجواء حيث الإشاعة والتسطيح والتسفيه والتبسيط والسذاجة ازدهرا، لا مكان للعقل في تقييم الخطا من الصواب، تسمع الخبر فتظن نفسك في معركة وفي الحقيقة انت تلهو، تقرأالتعليقات والتحليلات وتظن نفسك أمام دوائر بحث وتحليل لترى كل شيء إلا البحث والتحليل، تصحو وتمسي على حسابات ذاتية صغيرة ووضعية يتم تاطيرها بإطار الوطن والوطنية والحرص والمصلحة، وهي ابعد ما تكون عن تلك المضامين.
في هذه الأجواء أصبح المسؤول أسير الخبر الطائر، بل ويتصرف بناء عليه، وهنا أقصد المسؤول الضعيف الجاهل لدرسه وواجباته، والمواطن متلق مرتبك تتجاذبه الأمواج، لذلك يسهل التعميم ويكثر التلغيم في وصف أي حالة، فيتم في مثل هذه الأجواء شيطنة المؤسسات والإنجازات وتتسيد الانطباعات حيت تقتل الحقائق فيكثر اللطم ويفوز من يفوز بالابل.
في الكوارث والصعاب تتكاتف الأمم والدول وعندما تتجاوز صعابها تحلل وتتعلم بعيدا عن اللحظة المرتبطة بالحدث، نعم لدينا بنية تحتية ولدينا إنجازات ولدينا الكثير الكثير من حالات النجاح وهذا لا يعني انه ليس لدينا تحديات يفرضها واقع او حدث، فلماذا اللطم والشتم كلما واجهنا تحديا أو ازمة، لماذا هذا التذاكي والتغابي عند كل حدث، لماذا هذا الخلط العشوائي ،فما يمر به الوطن من أجواء مناخية غير مسبوق وذلك يعرفه كل مطلع، واحتمالية الضرر ووقوع الأضرار واردة في هكذا ظروف، فلماذا الجلد كل ما دق الكوز في الجرة، لم لا تتكاتف الجهود لتجاوز الأزمة لتخفيف آثارها وبعدها نتفرغ للدراسة والتحليل لتفادي تكرارها.
في الختام وحيث يطول الحديث، فإن الجميع مسؤول أدبيا كان أم وظيفيا وحتى وطنيا، وبناء على هذه المسؤولية علينا الإنتباه والحذر مما نكتب وننقل ونشيع حول ما جرى ويجري، وخاصة في مستويين، المستوى المتعلق بالرسمي والتنفيذي من السلطات المختصة الذي يحب ان لا تجامل وتكون اكثر شفافية في نقل الوقائع، والمستوى الاخر المختصون ممن ينزلقون لمتاهات الحكمة باثر رجعي،عبر مجاراة نظرية الجهمور عاجبه كده، فلنا وطن وجب ان نحميه ولدينا إنجازات وجب تعظيمها ولدينا إخفاقات علينا معالجتها دون تدمير المعبد على من فيه لمجرد إثبات وجهة النظر.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.//